فاتح حسون - نداء سوريا
بات واضحاً بعد تصريحات البيت الأبيض اليوم أن "واشنطن لن تدعم العملية التركية شمال شرق الفرات" بأن ميليشيا "قسد" الإرهابية في موقف محرج بعد جهودها الخائبة لإيقاف العملية، فهذا التصريح قد يكون بمثابة ضوء أخضر أمريكي لتركيا بتنفيذ عملية "نبع السلام"، لا سيما أن الرئيس الأمريكي أعطى تعليماته بسحب القوات الأمريكية من المنطقة قابلها تلكؤ بالتنفيذ إن لم يكن رفض من القادة العسكريين لإعطاء فرصة "للوبيات" ميليشيا قسد للتحرك من أجل تحقيق رفض أمريكي كامل للعملية، الأمر الذي فشلت فيه، مما يعيد للواجهة "الخلافات المتعددة بين السياسيين والعسكريين الأمريكيين في الملف السوري" الذي يتزاحم حول القرارات الأمريكية المتعلقة به كل من "البيت الأبيض من جهة والخارجية مع وكالة الاستخبارات المركزية من جهة ثانية والبنتاغون من جهة ثالثة"، ويكون أحياناً لكل منهم رأي مختلف عن الآخر ، مما يظهر تقلبات القرار والتناقض وعدم وجود رؤية إستراتيجية لدى الولايات المتحدة حول سوريا، وما عاد هذا سرّاً، بل يشير إليه السياسيون والقادة الأمريكيون المعنيون، وقد عانت منه الثورة السورية كثيراً.
من ناحية أخرى فلتشكيل ما يمكن تسميته "ورقة ضغط ضابطة للعملية" فإن واشنطن لمحت إلى إمكانية استخدام نفس الورقة التي هددت بها ميليشيا قسد الإرهابية المجتمع الدولي وهي "داعش"، حيث صرح البيت الأبيض بأن القوات الأمريكية لن تتمركز بعد اليوم بالقرب من الحدود التركية إثر هزيمة داعش، وبأن أسرى داعش المحتجزين لدى الجيش الأمريكي في شمال سوريا سيصبحون تحت مسؤولية تركيا، وأن قرار تسليمهم لتركيا جاء بعد رفض فرنسا وألمانيا ودول أوروبية أخرى استلام مواطنيهم من مقاتلي داعش".
تركيا ماضية في عمليتها التي لن تكون بالمرحلة الأولى شاملة طول الحدود التركية ولا العمق الذي ترغب بالوصول إليه، وسيكون ذلك في مراحل تالية، فقد أنهت الاستعدادات، واستكملت الخطة اللازمة، وبات تنفيذها للعملية بمشاركة وتشجيع وطلب من مؤسسات الثورة السورية وشيكاً.
وبالرغم من عدم دعم الولايات المتحدة لهذه العملية فإنها لن تقف عائقاً دون تنفيذها، على الأقل في مرحلتها الأولى، ولن تعجز السياسة التركية بالحصول على الموافقة الأمريكية بالعملية بعد انطلاقها، حيث لن تجد واشنطن سبيلاً أمامها سوى التنسيق مع تركيا في ذلك، لا سيما تم الإعلان عن قمة تركية أمريكية الشهر القادم.
قوات الجيش الوطني السوري التابعة لوزارة الدفاع جاهزة تنظيمياً وعملياتياً للمشاركة في العملية التي نعتبرها ضرورة حتمية لعودة الأهالي المهجرين من مناطق شرق الفرات إلى مساكنهم، وحماية أهلنا المتواجدين في منطقة شرق الفرات من إرهاب وتطرف ميليشيا قسد ومكوناتها الانفصالية، وكما كانت مشاركاتنا في عمليات "درع الفرات" و"غصن الزيتون" إلى جانب الجيش التركي فاعلة ومنضبطة، فسوف تكون كذلك في عملية "نبع السلام".
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!
مواضيع أخرى للكاتب
مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس