ترك برس - يني شفق

الصراع والدمار الذي استمر لأكثر من عشر سنوات في سوريا ألحق ضرراً كبيراً بالاقتصاد المحلي، وبعد انهيار نظام الأسد، بدأ رجال الأعمال السوريون، وخاصة الذين ينشطون حاليا داخل تركيا، في التحرك لإعادة تنشيط التجارة في بلادهم.

وفي هذا الصدد، قال رجل الأعمال السوري ونائب رئيس منتدى الأعمال الدولي (İBF) في جمعية الصناعيين ورجال الأعمال المستقلين (موصياد) غزوان المصري، في تصريحات للكاتبة صالحة انغين، في صحيفة يني شفق التركية، إنهم بدأوا في التواصل مع الجمعيات السورية بعد استعادة سوريا حريتها.

وأضاف المصري: "أحد جمعياتنا افتتحت فروعًا في حلب وإدلب وحمص ودمشق، وبدأت في تجميع رجال الأعمال في تلك المناطق. كما بدأنا في التواصل مع غرف التجارة في سوريا، ناقشنا احتياجاتهم وكيفية التعاون في المستقبل".

وأوضح أن رجال الأعمال والجمعيات السورية عقدوا اجتماعات في هذا السياق وأعدوا تقارير حول احتياجات الاقتصاد السوري، مضيفا: "هدفنا هو تحفيز رجال الأعمال السوريين سواء في سوريا أو في الخارج، وسنواصل العمل في هذا الاتجاه".

التحرك السريع

ولفت المصري إلى أنه حاول خلال الأربع سنوات الماضية تنظيم رجال الأعمال العرب في جمعيات، قائلاً: "لقد أسسنا حتى الآن 13 جمعية في تركيا، تضم رجال أعمال من مصر واليمن وسوريا وفلسطين والعراق. جمعناهم تحت مظلة منتدى الأعمال الدولي (İBF) ونتحرك معًا".

وذكر أنه "في المستقبل القريب، سننظم القمة التركية-العربية الثالثة، وفي إطار هذا، نقوم بعقد اجتماعات شهرية منتظمة لنجتمع جميعًا من رجال الأعمال العرب لمناقشة ما يحدث في سوق تركيا".

تسهيلات لرجال الأعمال

وأشار المصري إلى أن رجال الأعمال السوريين في تركيا قد تمكنوا من فتح أسواق التصنيع والتصدير، وأن السوريين المنتشرين حول العالم يستطيعون بسهولة أن يوفروا روابط بين مختلف الأسواق.

وقال: "هؤلاء رجال الأعمال لا يمكنهم مغادرة تركيا، لأنهم قد أسسوا شركات في مدن مثل إسطنبول وبورصة ومرسين وغازي عنتاب في قطاعات مثل النسيج والصناعات الغذائية. لذلك، لن يترك رجال الأعمال السوريون تركيا، ولكن إذا سهلت تركيا على رجال الأعمال السفر ذهابًا وإيابًا إلى سوريا، فسيقومون بفتح فروع هناك، وسيكون لهم تواجد في سوريا".

الاحتياجات من مواد البناء

وأشار المصري إلى أن الحرب في سوريا تسببت في دمار كبير للمنازل، قائلاً: "الناس حاليًا لا يستطيعون العودة إلى سوريا لأنهم لا يملكون منازل هناك، ولا يستطيعون العودة إلا بعد رفع الحظر الدولي وبدء وصول المساعدات. يجب أن نكون مستعدين لهذا التوقيت".

وأوضح أن هناك حاجة كبيرة لمواد البناء لإعادة إعمار سوريا، وقال: "بعض المنازل تحتاج إلى إصلاح النوافذ، وبعضها يعاني من مشاكل في شبكات الكهرباء والمياه. ولإصلاح هذه المشكلات، نحن بحاجة إلى مواد البناء. العمل جاري حاليًا لإزالة هذه النواقص".

وأردف: "من جهة أخرى، نحن نعمل على نقل مناطق الصناعة في تركيا إلى سوريا. عندما يعود الناس، يجب أن يكون هناك فرص عمل، وعندما يرفع الحظر، سنذهب إلى الأرض مع رجال الأعمال لزيارة المواقع بأنفسنا، ولهذا نحن نولي هذا الموضوع أهمية كبيرة".

وقال: "نحن نعمل الآن على إعداد تقارير ونحفز رجال الأعمال على المشاركة في هذا الجهد". وأضاف المصري أن "المقاولين الأتراك ومواد البناء التركية سيكون لهم دور كبير في سد هذه الاحتياجات".

الموارد الاقتصادية في سوريا

قال المصري إن سوريا تمتلك العديد من الفرص الطبيعية والاقتصادية، مثل حقول النفط والغاز، من بينها حقل "العمر النفطي" في دير الزور، الذي يعد من أكبر حقول النفط في منطقة الشرق الأوسط ويمكنه تلبية الاحتياجات الداخلية والخارجية.

وأضاف: "سوريا أيضًا من كبار المنتجين في العالم للزراعة، بما في ذلك القمح والزيتون وزيت الزيتون والقطن. وبسبب موقعها الجغرافي، تعد سوريا نقطة عبور تربط الشرق بالغرب عبر معابر مثل باب الهوى ونصيب، ويمكن أن توفر مئات المليارات من الدولارات سنويًا".

كما أن سوريا تعد مركزًا سياحيًا هامًا، حيث تحتضن ثلثي التراث العالمي، ولديها إمكانيات كبيرة لتطوير السياحة. و70% من سكان سوريا هم دون سن 30 عامًا، مما يوفر قوة عمل كبيرة وقدرة على الابتكار في عملية إعادة الإعمار، وفقا للمصري.

التحديات الاقتصادية

وأشار المصري إلى التحديات الاقتصادية الحالية في سوريا، حيث أن "البنية التحتية للطاقة الكهربائية لا تعمل إلا بنسبة 3%، مما يعيق الأنشطة الاقتصادية الأساسية. كما أن المطارات والطرق التي تعرضت لأضرار بالغة تحد من حركة التجارة والنقل. كما أن انخفاض قيمة الليرة السورية بشكل كبير يجعل التجارة والاستثمار أمرًا صعبًا. القوانين الحالية لا تشجع المستثمرين الأجانب وتحد من تدفق رأس المال".

المشروعات العاجلة لإعادة الإعمار

أوضح المصري أنه من الضروري تنفيذ مشروعات عاجلة لدعم الاقتصاد السوري، قائلاً: "يجب إصلاح وتشغيل مطارات دمشق وحلب، وترميم الطرق لربط المدن بالأسواق العالمية، وتطوير موانئ اللاذقية وطرطوس. كما يجب استغلال الأراضي الزراعية غير المستخدمة، خاصة في الشمال والجنوب. من المهم أيضًا إصلاح المستشفيات الحكومية وتزويدها بالمعدات الحديثة، وبناء مشاريع سكنية جديدة لتلبية الطلب المتزايد".

وأكد المصري على أهمية التعاون مع تركيا في هذا السياق، قائلاً: "التعاون بين تركيا وسوريا سيوفر فرصة كبيرة لدعم إعادة الإعمار المستدامة. إنشاء بنوك تركية في سوريا، واستثمار الشركات التركية في المناطق الصناعية والزراعية السورية، ودعم الصناعة التركية من خلال استيراد القطن وزيت الزيتون السوري، هي بعض من هذه الفرص".

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!