ترك برس
المدينة الصغيرة "تيرمال" (Termal) الواقعة على بعد 12 كيلومتر إلى الجنوب الغربي من "يالوفا" الميناء الهام على بحر مرمرة، فهي مدينة الينابيع المعدنية منذ أيام الرومان، لكن تجهيزاتها أصبحت متطورة على نطاق أوسع أيام الفترة البيزنطية، إذ كانت مقصداً للكثير من الأباطرة البيزنطيين الأوائل، ثم حل الزوار العثمانيون محل البيزنطيين، بتوليهم حكمها، فبنو الحمامات التركية ابتداء من القرن السادس عشر فصاعدًا.
تحتضن الغابات الخضراء الكثيفة هذه المدينة من جميع الاتجاهات، وتضم المنتجع الريفي المشهور بينابيعه المعدنية الحارة، ويعود تاريخ الحمامات القائمة حاليًا إلى الفترة العثمانية المتأخرة، عندما انبعث النشاط في المدينة في ظل حكم السلطان عبد الحميد الثاني، ففي عام 1900 الذكرى الخامسة والعشرين لاعتلائه العرش، بنى السلطان عبد الحميد الثاني التجهيزات الباروكية العثمانية المزخرفة التي ما تزال قائمة إلى يومنا هذا.
في حين تبقى الجاذبية الأساسية لمدينة "تيرمال" بما كانت عليه على الدوام بوجود حماماتها المعدنية، فإن هذه المدينة تتباهى بميزات أخرى منها منزل مصطفى كمال أتاتورك الذي تحوّل إلى متحف بعد وفاته، وحمام المياه المعدنية المخصص لأعضاء البرلمان التركي الذين ينشدون الاستجمام، والموقع المشجّر الجميل الذي يناسب النزهات الأسرية ومثالي لجولات ما بعد الظهر الرومانسية.
تقوم حياة المدينة حول الحمامات والينابيع المعدنية، الساخنة في طبيعتها، حيث تخرج مياهها مصحوبة بفقاعات هواء من باطن الأرض في درجة حرارة تتراوح بين (60-55) درجة مئوية. ورغم أن هذه المياه تحتوي على كلوريد الصوديوم وسلفات الكالسيوم والفلوريد، فإنها صالحة للشرب والاستحمام على السواء. وقد اشتهرت الينابيع منذ زمن طويل بخواصها العلاجية، ويستدل المرضى غالبًا على ما هم بحاجة إليه عن طريق وزارة الصحة التركية. ويقصدها المصابون بالروماتيزم والأمراض الهضمية والعصبية والبولية والمشاكل الأيضية، وقد أقيمت إلى جانب الحمامات وحوض السباحة في الهواء الطلق، وسائل علاجية أخرى مثل العلاج بالتدليك والوخز بالإبر للمرضى المقيمين فترة أطول.
أما "Atatürk Koşkü" البيت الذي كان، يقضي فيه مصطفى كمال أتاتورك عطلته، المشيد عام 1929، فهو الآن متحف منزلي مخصص لعرض سيرة حياة مؤسس تركيا وأول رئيس لها. ويعتبر البناء بشكله الجميل وأثاثه العائد لتلك الفترة، نموذجاً رائعاً لفن الهندسة المعمارية في فترة الجمهورية المبكرة والتي أصبحت نادرة اليوم.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!