محمد زاهد جول - الخليج أونلاين

عقد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين مؤتمراً صحفياً سنوياً يوم الخميس 2015/11/17، وبنوع من الاستهتار الفاضح، أو السلوك اللاأخلاقي أجاب على سؤال أحد الصحفيين على النحو التالي:

س: عن مدى تأثير خسائر المجهود العسكري الذي سيبذله الجيش الروسي في سوريا على الوضع الاقتصادي في روسيا، وبالأخص مع تزامن ذلك بهبوط أسعار النفط والغاز في العالم؟

فلاديمير بوتين: جاء جواب الرئيس الروسي بوتين مبتسماً على النحو التالي: إن روسيا لن تتأثر كثيراً من المجهود العسكري الذي تبذله في سوريا، لأن ميزانية هذا العمل العسكري في سوريا تم أخذه بإعادة ترتيب ميزانية الأعمال التدريبة والمناورات السنوية للجيش الروسي، ففي الميزانية العسكرية الروسية هناك قسم من الميزانية العسكرية هي من أجل أعمال التدريب وأعمال المناورات السنوية، وهي ميزانية كبيرة، ونقوم فيها بتحريك عشرات ألوف الجنود بكامل معداتهم العسكرية ومن كامل الوحدات العسكرية، ومئات الطائرات الحربية تشارك في هذه المناورات، وكذلك مئات القطع البحرية العسكرية، وقد اعتبرنا جزءاً من هذه الميزانية والتحركات التدريبة في سوريا هذا العام".

هذا هو جواب الرئيس الروسي كما سمعته منه مباشرة على القنوات الفضائية في نقل مباشر، وهذا الجواب اللاأخلاقي يعبر عن عقلية الرئيس الروسي بوتين اللاإنسانية، لأنه أجاب على السؤال من الناحية الفنية العسكرية فقط، ولم يجب عن الجانب الأخلاقي الذي يدفع جيشاً كبيراً مثل الجيش الروسي يقوم بإجراء عملياته التدريبية ومناوراته العسكرية على أرواح بشرية حية، وليس في الصحراء أو البحار، أو في أماكن بعيدة عن إيذاء البشر، هذا الرئيس يجيب فعلاً وكأنه زعيم عصابة أكثر منه رئيس جمهورية، ويحاول إظهار يظهر نفسه أمام الصحفيين بنوع من الذكاء بأنه يقتل المسلمين في سوريا بأموال هي معدة أصلاً لعمليات التدريب والمناورة، وأنه في عمليات العسكرية الحربية التي تقتل شعباً عربياً مسلماً إنما يقتلهم دون أن يكلف الميزانية الروسية خسائر إضافية، فكأنه يعرض نفسه أذكى من الرئيس بوش الابن في حربه على الشعب العراقي فأرهق الاقتصاد المريكي والعالمي في أزمة اقتصادية عام 2008، أي إنه تجنب أخطاء الرئاسة الأمريكية التي قتلت الشعب العراقي عام 2003 على حساب الاقتصاد الأمريكي، وبالتالي فهو في قتله للشعب السوري وتدمير مقومات حياته لن يرهق الاقتصاد الروسي، فالرئيس بوتين الذكي يقتل المسلمين في سوريا دون أن يكلف الاقتصاد الروسي شيئاً، فالمال الذي صرف على الجنود الروس المحتلين لسوريا كانت ستصرف في كل الأحوال على عمليات التدريب والمناورات العسكرية.

والغارات الحربية وما تستهلكه من بنزين والقصف الجوي وأثمان القنابل والصواريخ كانت ستقوم بها القوات الروسية المسحلة سواء ألقيت في الصحراء أو الشعب السوري ، فلا خشية على اقتصاد المواطن الروسي، ولا داعي للمواطن الروسي أن يقلق على دخله ومستواه المعيشي، فرئيسه ذكي في قتله للشعب السوري، لأنه وفر سلاح التدريب والمناورات العسكرية لإجرائها في سوريا، ولا يهم من تقتل وماذا تدمر، المهم أن الاقتصاد الروسي لن يتأثر بهذه الكلفة العسكرية، وكذلك لا يهم السمعة الأخلاقية للدولة والشعب الروسي، لأن رئيسه الذكي بوتين لم يكلفه روبلاً واحداً زيادة على الميزانية العسكرية المعتادة.

فكيف يجرؤ هذا الرجل الذي يجلس في منصب رئيس جمهورية دولة كبرى أن يقول في مؤتمر صحفي أمام مئات الصحفيين ومئات ملايين البشر الذين يسمعون هذا المؤتمر الصحفي هذا الكلام؟

كيف يجرؤ رئيس دولة عظمى أن يقول بأني أقتل الشعب السوري من ميزانية التدريب والمناورات العسكرية؟

كيف يجرؤ رئيس دولة أن يقول أمام شعبه أن يقتل الشعوب الأخرى بثمن بخس رخيص؟

أليس هذا الجواب مليء بالاستهتار بالشعب السوري المسلم الذي يقتل بثمن رخيص؟

أليست هذه الإجابة إساءة إلى الشعب الروسي؟

كيف يعترف رئيس دولة كبرى بأنه يقتل شعوب العالم دون أن يحمل الشعب الروسي تكاليف مالية زائدة عن الميزانية العسكرية للقوات المسلمة.

أليس الرئيس الذي يعترف بأنه يقتل الشعب السوري دون أن يتحمل خسارة مالية في جوابه نفسية مريضة، وعقلية مستهترة بالقيم الإنسانية؟

كيف ينظر إلى الخسارة المالية فقط، ولا ينظر إلى الأضرار الإنسانية التي تلحق بالشعب السوري؟

من المسؤول عن محاسبة هذا الرئيس الذي يستهزئ بأرواح القتلى من أطفال سوريا ونسائهم ومستشفياتهم ومدارسهم ومخابزهم وشوارعهم؟

كيف يجرؤ هذا الرئيس الروسي على هذه الإجابة التي تنم عن عقلية مستهترة بحق الشعوب بالحياة؟

من يقدم الشكوى إلى محكمة الجنايات الدولية على فلاديمير بوتين؟

بناء على اعترافه بقتل الشعب السوري دون مسؤولية قانونية ولا أخلاقية وإنسانية، وهو لا يفكر إلا بالخسارة المالية التي قد تلحق بالاقتصاد الروسي فقط، ولا يفكر بالجرائم التي يرتكبها جيشه وطيرانه وصواريخه الباليسيتية التي يجري بها منارات حربية على شعب ضعيف!!

عن الكاتب

محمد زاهد جول

كاتب وباحث تركي مهتم بالسياسة التركية والعربية والحركات الإسلامية


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس