خاص ترك برس
تحتل تركيا مكانة مرموقة في قطاع الطب البديل، وذلك لكونه طبّا اهتم به العثمانيون، ولكونه تشكّل خلال فترة الحكم العثماني من تراكم ثقافات قديمة، تمتد إلى آلاف السنين، مثل الرومانية والإسلامية.
ومن أهم روّاد الطب البديل، مواطن تركي يُدعى "معمّر يلدز"، الذي ظلّ طريح الفراش لسنوات طويلة، بسبب إصابته بمرض "الروماتيزم"، والذي تمكّن من إيجاد العلاج لنفسه، بعد أن أخبره الأطباء الذين لجأ إليهم باستحالة شفائه.
من هو معمر يلدز؟ وما هي قصة نجاحه؟ وكيف تمكّن من أن يكون أحد أهم روّاد الطب البديل في تركيا؟
"معمّر يلدز" من مواليد 1979، في ولاية هاطاي التركية، تخصص في مجال أبحاث الطب البديل منذ عام 1999، ويعدّ تجسيدا حيّا لعبارة "بالإصرار والعزم لا مكان للمستحيل".
مازال يلدز يكثّف أبحاثه لإيجاد الحلول للأمراض التي توصف بالمستعصية، إذ جمع إلى الآن ما يزيد عن ألفي بحث في مجال الطب البديل، وتجوّل في كثير من الدول، ليقوم بتجارب واسعة في مجال تخصصه.
يصاب يلدز بمرض "الروماتيزم" عندما كان في الـ 12 من عمره، ويتقدّم به المرض ليصبح عاجزا عن السير على قدميه، وعندما يصل إلى عمر العشرينيات يتمكّن من إيجاد العلاج الشافي لنفسه، ومن ثمّ إيجاد العلاج لآلاف المرضى بفضل أبحاثه، وليتحوّل فيما بعد إلى أحد أهم وأبرز الأعلام في عالم الطب البديل في تركيا.
لم تكن في المنطقة التي يقطنها "يلدز" سوى مدرسة ابتدائية، ولذلك عندما وصل إلى المرحلة الإعدادية اضطر إلى السفر إلى مركز المدينة "هاطاي"، لإتمام دراسته، وبسبب الرطوبة والبرد أصيب بمرض الروماتيزم، وتقدّم به المرض خلال فترة قصيرة إلى مراحل متقدمة، حتى أصبح عاجزا عن الوقوف على قدميه، والسير عليهما.
لجأ يلدز على إثر إصابته بالمرض إلى الأطباء، واستخدم الأدوية المختلفة إلا أنّ محاولاته تكللت بالفشل، وفي كل مرة كان يواجه الجواب نفسه من الأطباء: "إن أمل الشفاء مستحيل".
كان يلدز ناجحا في دراسته، ولكن في الوقت نفسه كان مرضه يحول دون الإلمام إلماما تاما بها. وصل المرض بـ يلدز إلى مرحلة أنّه في كل مرة يُساق فيه إلى الأطباء، يؤخذ وهو مُغطّى باللحاف، ويقول يلدز في هذا السياق: "تقدّم بي المرض كثيرا، وكانت هناك فتاة أحبها في مرحلة الثانوية، قلت لها: "لا تعقدي آمالك بي، كما ترين فحالتي تزداد سوءا يوما بعد يوم، ابني مستقبلك الخاص بك، وبعدها تزوجت، وهكذا فقدت كل شيء في حياتي، ولكنني لم أفقد العزم والإصرار، ذات يوم عندما ذهبت إلى الطبيب قلت له (أريد أن أتمّ دراستي، فها هي النتائج التي تشير إلى تفوّقي، وكان الطبيب يحزب حزنا كبيرا لحالتي، وذات مرة قال لي (في حال جئت مرة ثانية إلي سأمزّق هذه الورقة) -ماسكا بيده ورقة نتائج الفصل الدراسي الخاصة بي- معربا عن عدم الجدوى من اللجوء إلى الأطباء، لاستحالة الشفاء على حدّ تعبيره".
ذات مرّة يوصيه أحد الأطباء بالذهاب إلى طبيب أمريكي من أصل سوري متخصص في هذا المجال في سوريا التي تقع على محاذاة ولايته، وعلى أساسه تفتتح نوافذ الأمل مرة جديدة أمام عينيه، إلا أنّه سرعان ما يصاب بالخيبة لدى سماعه من الطبيب السوري الجملة ذاتها التي كان يسمعها من الأطباء الأتراك "لا يوجد امل لشفائك".
وفي طريق عودته من سوريا، وبينما كانت السيّارة تسير بسرعة، يقرر يلدز على الرغم من نشأته في عائلة محافظة، الانتحار، فيهمّ على فتح باب السيارة، ولكن أمّه تحول دون ذلك، وتمنعه، وبعد هذه الحادثة يقرر يلدز التمسك بالحياة، والبقاء على قيد الحياة فقط من أجل أمّه، وبعد ذلك اليوم، يتقبّل حالته، ولكن لا يعقد آمالا حول المستقبل.
وبينما يدرس الجامعة يجد العلاج الشافي لنفسه.
يبقى يلدز طريح الفراش بسبب مرضه لـ 12 عاما، ويصل لدرجة أنّه لا يقوى لمسك كأس الشاي بيده، وفي يوم من الأيام يذهب إلى أحد العلماء، فيعطيه العالم كتاب "شمس المعارف"، ويقول له -العالم- (في هذا الكتاب يوجد شفاؤك).
فيبدأ يلدز بقراءة الكتاب، وفي الوقت نفسه يجمع أبحاثا من سوريا والأردن ومصر حول الطب البديل، والأمر الذي سهّل عليه قراءة الأبحاث العربية، هو معرفته باللغتين العربية والعثمانية بشكل جيّد..
ويواصل يلدز البحث والقراءة لمدة سنتين ونصف، وفي كل موسم ربيع، عند تفتّح الأزهار، ونبات الأعشاب، كان الأمل بدوره يزهر لدى "معمّر"، وذات يوم يخلط يلدز وصفة قرأها في كتاب "القانون في الطب" لابن سينا، مع ثلاث وصفات قرأها في كتب أخرى، ويستخرج ماء لعشبة، ويبدأ بأخذ العلاج الذي استخرجه بنفسه، وبعد أسبوع يشعر بقوة في قدميه، ولشدة اشتياقه للمشي، يقول لنفسه (سأحاول المشي حتى لو تكسّرت قدماي)، وخلال مدة شهرين يتمكّن يلدز من السير على قدميه، والشفاء من الروماتيزم.
وبعد شفائه على الفور، يلتحق يلدز بامتحانات القبول الجامعي، ليسجّل بكلية الطب في جامعة حلب السورية، ويقترح العلاج الذي شفاه على مركز متخصص بعلاج الروماتيزم، وعلى أساسه يُشفى كثير من مرضى الروماتيزم بفضل الوصفة الطبية التي أوجدها بنفسه".
بعد تخرّجه من كلية الطب، يختص "يلدز" بالطب البديل، ويستدين أموالا من معارفه، ويبيع كل ما لديه، ويصل إلى مرحلة أنّه يفكر ببيع بقرة أمّه أيضا، ويشتري آلة لصنح الحبوب، ويذهب إلى مديرية الصحة للحصول على الأذونات الصحية اللازمة، ليكون بذلك أول من ينتج الأعشاب الطبيعية على شكل حبوب صغيرة.
بلغ إلى الآن عدد الأدوية التي اكتشفها يلدز ما يزيد عن 150، وتمكّن من الحصول على نتائج ملموسة لـ 71 مرضا. وبفضل فريقه الطبي، يعاين يلدز في اليوم ما يقارب 50 مريضا.
إن مركز يلدز الآن يعدّ أحد أهم المراكز المتخصصة في مجال الطب البديل، ويؤمن يلدز بأنّ الأعشاب هي نعمة من الله، وأنّها موجودة منذ وجود التاريخ، والآن يُستضاف في كثير من البرامج التلفزيونية للحصول على آرائه في كثير من الأمراض التي تمكّن الطب البديل من إيجاد الشفاء لها.
إنّ قصة "معمّر يلدز" مثال حي للإرادة والعزم، وخير دليل على أنّه مع العزم والإصرار لا مكان للمستحيل، وتجسيد فعلي لعبارة "على الحياة ما يستحق العيش حتى لو تقطّعت بك السبل".
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!