ياسر عبد العزيز - خاص ترك برس
بعد أن دفع مجلس الشيوخ الأمريكي الذي يقوده الجمهوريون بتشريع يعارض خطط الرئيس دونالد ترامب لأي سحب للقوات من سوريا وأفغانستان، ويعني التصويت الإجرائي لوقف النقاش، أن التعديل سيضاف إلى مشروع أمني أوسع بشأن الشرق الأوسط من المرجح طرحه لتصويت نهائي في مجلس الشيوخ الأسبوع المقبل، لكن ما يهم تركيا في هذا التصويت هو موقف أمريكا من سوريا، فالقرار الأمريكي بالانسحاب من سوريا كان مساحة لتركيا لبسط نفوذ أكبر يحمي أمنها القومي في ظل الدعم اللا محدود للميليشيات الكردية الانفصالية.
التصويت الذي أجري في مجلس الشيوخ الأمريكي بواقع 68 صوتا مقابل 23 لصالح المقترح الذي صاغه زعيم الأغلبية الجمهورية ميتش مكونيل والذي يراه البعض معبرا عن موقف الجمهوريين تجاه قرار ترامب بالانسحاب من سوريا، وأنه شكل من أشكال الانفصال التدريجي المنتظر بين الرئيس وظهيره البرلماني، غير أن الأمر قد يذهب لخلاف ذلك، وقد يكون هذا التصويت هو الباب الذي يمكن أن يلج منه ترامب لتصحيح خطأه والعودة عن قرار الانسحاب من سوريا، والذي عارضه فيه الكثير من مستشاريه والذي كان أحد أسباب استقالة وزير الدفاع الأمريكي جيمس ماتيس، فإن كانت تبريرات لزوم بقاء القوات الامريكية في سوريا هي أن تنظيم الدولة لا يزال يشكل تهديدا خطيرا للولايات المتحدة، إلا أن التبريرات الحقيقية تكمن في انحسار مساحة النفوذ الأمريكي في سوريا لصالح روسيا، فالإدارة الأمريكية الحالية التي طالما انتقدت سابقتها واتهمتها بفتح المجال لإيران للتمدد في سوريا واقعة في نفس الأزمة لكن مع روسيا، لاسيما وأن ترامب مأزوم في قضية التعاون مع الروس إبان حملته الانتخابية، وسقوطه يعني سقطة كبيرة للحزب.
ويبدو أن مؤشرات التراجع عن قرار انسحاب القوات الامريكية من سورية بات أكثر وضوحا بعد أن بدأت الولايات المتحدة الأمريكية السعي جاهدة لإنشاء منطقة آمنة شمالي سوريا بعد أن رفضت وجودها لسنوات، المنطقة إلي تسعى أمريكا لإنشائها تقوم على دعم من حلفائها الغربيين، بهدف منع أي صدام بين تركيا والميليشيا الكردية الانفصالية الموجودة هناك بالإضافة لضمان عدم عودة تنظيم الدولة، بعد الهجمات التي شنها التنظيم وأحدث خسائر ستشجعه على استجماع قواه، وهو ما سيحرج ترامب الذي أعلن أكثر من مرة هزيمة التنظيم.
لكن الأهم من ذلك هو الحفاظ على الميليشيات الكردية الانفصالية في هذه المنطقة والتي أنفقت أمريكا الكثير لتحقيقه، فأمريكا التي لن تترك المجال لتركيا كي تعيد رسم المنطقة الشمالية في سوريا بالشكل الذي يحقق لها الاستقرار المنشود، والذي من أجله خاضت المعارك في الشمال السوري.
لكن المساحة التي يمكن لتركيا أن تلعب فيها في هذا الصدد، هي مساحة الخلاف الأمريكي الأوروبي، لذا فعلى الإدارة التركية أن تسعى وبشكل كبير أن تتحرك وبسرعة لإحداث واقع جديد في الشمال السوري، وهو ما ألمح إليه الرئيس أردوغان حين قال إنه لن ينتظر أحد لكي يحارب الإرهاب، ويقصد هنا بالإضافة إلى تنظيم الدولة، الميليشيات الكردية الانفصالية، مع ذلك فإن انجاز المنطقة العازلة التي من المتوقع أن تبلغ مساحتها 20 ميلا في عمق الأراضي السورية على طول الحدود التركية، وتمتد من نهر الفرات إلى الحدود مع العراق، يعد انتصارا للإدارة التركية على الرغم من أن البعض يرى أن إرجاع الإدارة الأمريكية للميليشيات الكردية الانفصالية خطوة للخلف، حتى في ظل إعلان رئيسة الهيئة التنفيذية لمجلس سورية الديمقراطية التابع لقوات سورية الديمقراطية، إلهام أحمد أنهم مستعدون لعقد مباحثات مع تركيا، وهو ما يمكن أن يكون تراجعا تكتيكيا، له ما بعده.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!
مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس