حسناء جوخدار - خاص ترك برس
يصرّ إعلاميون عرب على مهاجمة تركيا من خلال نشر مزاعم تفتقر إلى الأدلة، ازدادت مؤخرًا على خلفية حصار قطر، وجريمة قتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي، داخل قنصلية بلاده في إسطنبول، وذلك مقابل تجاهلٍ صريح لجميع محاولات الابتزاز التي تقوم بها الدول الغربية، وفي مقدمتها الولايات المتحدة، ضد بلدانهم.
وعادة ما يركّز هؤلاء، وسط تخبط كبير وتناقض، على نشر مزاعم تتضمن اتهامات ضد الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، من قبيل "السعي إلى إحياء الإمبراطورية العثمانية من جديد"، و"الدفاع عن جماعة الإخوان المسلمين"، و"اتباع سياسة توسعية-استعمارية ضد البلدان العربية"، و"نشر الإسلام السياسي".
وبطريقة منظّمة، تحرص الصحف والقنوات التي يعمل لصالحها هؤلاء، وخاصة السعودية والإماراتية، على نشر أكاذيب وتقارير حول تركيا ومسؤوليها، بعيدة عن الواقع، تنقلب عليها في معظم الأحيان، وقد تضطر هي إلى حذفها مجددًا أو تعديل صياغتها، نتيجة ردود الفعل الساخرة التي تتعرض لها من قبل أنصارها قبل معارضيها.
لم تخف هذه الوسائل احتفاءها في بداية محاولة الانقلاب ضد الحكومة الشرعية لدى تركيا، ليلة الخامس عشر من تموز/ يوليو من عام 2016، على يد عناصر تابعة لمنظمة "الكيان الموازي" التي يقودها "فتح الله غولن" المقيم في الولايات المتحدة الأمريكية، قبل أن يُفشلها الشعب التركي بنزولها إلى الشوارع والساحات دفاعًا عن الديمقراطية.
فقد زعمت قنوات وصحف، أبرزها قناة "سكاي نيوز" الإماراتية، نجاح الانقلابيين في الإطاحة بحكومة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، وفرار الأخير من تركيا على متن طائرة، وطلبه اللجوء إلى دول أوروبية مثل ألمانيا، وكأنها كانت على أهبة الاستعداد للقيام بذلك بهدف دعم تحركات الانقلابيين، ولكن دون جدوى.
وبعد اتضاح فشل محاولة الانقلاب اضطرت هذه الوسائل إلى حذف جميع ما نشرته في غضون ساعات قليلة، إلا أن حملة التشويه ازدادت حدة مع شروع السلطات التركية في اتخاذ الإجراءات القانونية بحق الانقلابيين وأنصارهم، وخاصة داخل مؤسسات الدولة الهامة، انطلاقًا من الجيش وحتى القضاء.
ما يلفت الانتباه هو أن وسائل الإعلام هذه التي تهاجم تركيا دون كلل أو ملل، لا تلتفت على الإطلاق لأي تحركات غربية ضد بلدان العالم الإسلامي وشعوبه التي تعاني الأمرّين جراء الحروب والصراعات، بل وتدافع صراحة عن سياسات تستهدف المنطقة وأهلها دون رحمة.
في كل مناسبة، يخرج الرئيس التركي ليحذّر من محاولات القوى الخارجية لإشعال المنطقة وعرقلة نهوضها وتقدمها من خلال إحداث الفوضى والحروب ودعم الأنظمة الاستبدادية التي تخنق شعوبها، ومحاربة كل من يسعى إلى إنشاء نظام عادل يحمي حقوق المضطهدين.
ففي عام 2016 لم يتردد أردوغان في الدفاع عن المملكة العربية السعودية ضد تحركات أمريكية لفرض عقوبات عليها، بدعوى هجمات 11 أيلول/ سبتمبر من عام 2001 التي شهدتها الولايات المتحدة الأمريكية، في محاولة ابتزاز صريحة من إدارة واشنطن ضد الرياض آنذاك.
صمت الشريحة المذكورة من الإعلاميين العرب إزاء المخططات والمؤامرات الغربية ضد المنطقة، يطرح العديد من التساؤلات حول طبيعة عملهم الصحفي في ظل التطورات التي تشهدها المنطقة، وخاصة محاولات تقسيم البلدان وتدمير بناها التحتية، وتهجير الشعوب.
عندما اغتيل الصحفي السعودي جمال خاشقجي، داخل قنصلية بلاده في إسطنبول، سارعت الدول الغربية في بداية الحادثة إلى توجيه التحذيرات والتهديدات ضد السلطات السعودية، ليتضح لاحقًا أن الهدف من ذلك هو الاستغلال والتمهيد من أجل إقامة صفقات ضخمة.
وأعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، صراحة، أنه لا يمكن أن يستغني عن مليارات الدولارات التي حصّلها من السعودية مقابل بيع الأسلحة، بسبب اغتيال صحفي، لكن ذلك لم يجذب انتباه الشريحة المذكورة من الإعلاميين الذين كانوا مشغولين بصياغة قصص خيالية تتهم تركيا بتدبير عملية الاغتيال، قبل أن تعترف سلطات بلادهم بالحقيقة.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!
مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس