زهير سالم - مدير مركز الشرق العربي
لا شيء في القمة الجديدة نخاف منه ، ولا شيء فيها نأمله . ولو قمنا بحذف كل الكلام المكرور في القمم الأربع السابقة عن وحدة الأراضي السورية ، ورفض الحل العسكري ، وضرورة الوصول إلى حل سياسي ، والتوافق على حرب الإرهاب ، وضرورة الاشتغال على عودة اللاجئين ، وإعادة الإعمار ..لبقيت صفحة البيان الختامي ناصعة بيضاء ولا شية فيها..
لا نعتقد أن الرؤساء ، في كل القمم ، يجتمعون ليتفقوا على ما يقولونه في البيانات الختامية فقط . البيانات الختامية هي الصيغ الأدبية أو الإنشائية الضبابية ذات الطبيعة الجماهيرية التي تغلف الحقائق كما صاروا يغلفون مادة الكينا شديدة المرار . ويبقى دائما في هذه البيانات أحرف صعيرة ، أو فراغات صغيرة تعبر عن المومى إليه على طريقة المدرسية الرمزية أو الاختلاط السريالي .
في الأخبار الجانبية - خارج إطار القمة - عن الكاهن الأرثوذكسي بوتين الذي استمد البركة في عزمه على تقتيل السوريين وتهجيرهم من مطران كنيسته الأكبر، أنه أصبح واعظا باسم الإسلام ، فهو في خبر جانبي كما نقلت مصادر الأخبار ، قد علق على العدوان على السعودية بقول الله تعالى " وقاتلوا في سبيل الله الذين يقاتلونكم ولا تعتدوا إن الله لا يحب المعتدين " ثم نظر تلقاء اليمن فخاطب السعوديين واليمنيين بقول الله تعالى" واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا واذكروا نعمة الله عليكم إذ كنتم أعداء ، فألف بين قلوبكم فأصبحتم بنعمته إخوانا " ...
ربما استفاد بوتين من جلوسه بين أردوغان وروحاني هذا الزمن الطويل ، واستشهاده بهاتين الآيتين يعني أنه يدرك حقيقة اللعب على التناقضات . وعلى عينك يا تاجر كما يقولون.
بوتين هذا في كل مرة دخل القمة الثلاثية خرج منها الأكثر حصادا على حساب الذي يليه ثم الذي يليه . والكلام مفهوم ليس بحاجة إلى ترجمان.
وأخطر ما كان في هذه القمم أن كل كلمة تؤشر إلى مصلحة من مصالح الشعب السوري تكون مفلطحة ملساء انسيابية قابلة للتأويل والتسييخ والتسنير والمط وإعادة التدوير ، ولذا تبقى مثل هذه الكلمات الرطبة أو اللزجة أحيانا على طاولة المكتب الذي قيلت عليه ، حتى تجف وتقد ، ويبقى الأمر الواقع هو الواقع الذي نتشكى منه ،فنستعد لقمة سادسة وسابعة من جديد . وجرذ الأرض يقضم من بُرها وبَرها وبحرها ما يشاء ..
لكي نتعلم يجب أن نتعلم أولا أن شكر المنعم أو المحسن أو المساند أو المسعف ولو بقدره واجب ...
ويجب أن نتعلم أن نشكر كل عون حتى الكلمة الطيبة واليد الحانية والإنجاز المحدود ولكن شكر إنجاز المساند على طريقة تبادل الأمنية المشتركة في الثقافتين التركية - السورية " بركات ورث " لا يغني أن لا يكون لنا إنجاز ننجزه لأنفسنا ..وعلى هذه الحقيقة مدار الحديث !!
منذ القديم هجت العرب بالقول :
مغيبون ويقضي الناس أمرهم ..
والعائد في " أمرهم يمكن أن يعود على الناس ، ويمكن أن يعود على هؤلاء القصّر المغيبين وسيكون المعنى أثقل ..
صمت السياسيين من ممثلي المعارضة ، وكثرة النغر من بعضهم على طريقة " يا بو بدي .."
تجاوزت كل حد ، بل هي في طريقها إلى وأد الثورة ، وإضعاف مواقف المساندين جميعا ..
أخبرنا ربنا تبارك وتعالى عن يوم القيامة : " يوم تأتي كل نفس تجادل عن نفسها "
أيها السوريون : جادلوا عن أنفسكم ، واعتبروها دورة تدريب ...
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!
مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس