نهاد علي أوزجان – صحيفة ملليت – ترجمة وتحرير ترك برس
الكثير من العلماء والسياسيين والكتاب يتوقعون حدوث تغير هام في كل نواحي الحياة بعد فيروس كورونا. ويبدو أن التغير على الصعيد الفردي والاجتماعي والعالمي سيتطلب إعادة هيكلة كل شيء بدءًا من الاقتصاد وحتى الحياة الاجتماعية والسياسية والمفاهيم الأمنية والسياسات.
يتوجب ألا يفوتنا وجود حالات ومناطق تجعل الحاجة للتغيير أولوية عاجلة ومعقدة. على سبيل المثال سوريا، وخصوصًا إدلب.
نتحدث عن منطقة تتضارب فيها الأهداف السياسية وتنطوي على مصاعب كبيرة وأخطار وغموض، قبل وصول عدوى كورونا إلى إدلب.
نواجه اليوم فيروس كورونا، وهو مشكلة لم تكن متوقعة من قبل إلا أنها ستؤثر بشكل كبير على جميع الفاعلين من النواحي السياسية والاقتصادية والإنسانية والعسكرية.
يتوجب على جميع الفاعلين ميدانيًّا إعادة النظر في أهدافهم السياسية والعسكرية بسبب كورورنا، لأنه يبدو أن الوباء لا يفرض مراجعة أهداف العمليات العسكرية فحسب، وإنما أساليبها وأدواتها.
بعبارة أخرى، لن يؤثر تفشي الوباء على المدنيين فحسب، بل على القوات العسكرية والمجموعات المسلحة على حد سواء.
ويبدو أن أولويات العمليات العسكرية اتخذت مجرى آخر بسبب عدم اتضاح حدودها، وعدم القدرة على التحكم بالتحركات السكانية، واستحالة المحافظة على التباعد الاجتماعي بين العسكر والمدنيين بسبب طبيعة المهام الميدانية، وعدم إمكانية الالتزام بقواعد النظافة.
ولذلك، يتوجب على الأطراف دراسة أوضاعهم من جديد في ظل "تهديد كورونا"، بمعزل عن التطورات السياسية والعسكرية.
من الواضح أن كل الظروف مهيئة لتفشي كورونا بسرعة بين المدنيين في إدلب. إذا وضعنا في الاعتبار وجود مئات الآلاف من البشر في منطقة ضيقة، لن يقتصر الوباء على الوفيات الجماعية بل سيؤثر على مناطق أوسع مع تحرك النازحين الخارج عن السيطرة.
في هذه الحالة، يتوجب على الأطراف مراجعة أهدافهم السياسية والعسكرية وتقاويمهم الزمنية في ظل فيروس كورونا الذي أعاد صياغة ميدان الصراع. وينبغي أن يكون الأمر الواجب مراعاته هو حماية المدنيين والعسكريين، وليس "إعادة صياغة الخريطة العسكرية".
بالنظر إلى طبيعة التهديد، لا يستطيع أي طرف حماية نفسه من عواقب الوباء. وعند حساب المصلحة والكلفة تصبح المراجعة قسرًا وليست خيارًا.
فلا الأسد، حليف روسيا، يملك القدرة التقنية والبشرية والمالية على السيطرة على وباء بهذا الحجم، ولا تركيا لديها أولوية مواجهة كلفة موجة لاجئين تبدأ في أعقاب وباء محتمل. الخيار العقلاني المتوفر حاليًّا أمام الأطراف هو التركيز على وبار كورونا.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!
مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس