ترك برس
تشهد تركيا منذ 3 أيام جدلا في أوساطها السياسية حول احتمالات انقلاب جديد على الحكومة الشرعية، من قِبل جهاز قضاء هذه المرة.
وبدأ الجدال بتغريدة لعضو المحكمة االدستورية أنغين يلديم، الذي نشر صورة للمحكمة وأرفقها بعبارة أضواؤنا مشتعلة.
ربما يتسائل البعض قائلا: "ماذا في الأمر، من الطبيعي أن تكون أضواء المحكمة الدستورية مشتعلة ليلا ومن الطبيعي أن ينشر أحد أعضائها صورة لمبنى المحكمة ويكتب أضوائنا مشتعلة"، لكن للتغريدة خلفية قد يجلهلها من لم يتابع الشأن الداخلي التركي عن قرب.
قبل عدة أشهر أسقط البرلمان التركي عضوية النائب عن حزب الشعب الجمهوري المعارض أنيس بربرأوغلو بعد مقاضاته بتهمة إفشاء أسرار الدولة وتورطه في افتراءات ضد الحكومة بدعم تنظيم داعش الإرهابي بالأسلحة، والتي بدأت بها منظمة غولن الإرهابية.
وحين أُسقطت عضوية بربر أوغلو، تقدم باعتراض على قرار البرلمان لدى المحكمة الدستورية العليا، التي قالت بدورها إن إسقاط عضوية بربرأوغلو يعد انتهاكا للحريات الشخصية، وأن قرار البرلمان ليس صائبا.
وبعد هذا التصريح، أصرت المحكمة التي قامت بمقاضات بربرأوغلو على تنفيذ حكمها بحق بربرأوغلو، ما أثار امتعاضا لدى عضو المحكمة الدستورية أنغين يلدرم الذي اعتبر بأن قرارات المحكمة الدستورية التي تعد أعلى سلطة قضائية في البلاد، لا تُنفذ من قِبل المحاكم الأخرى.
وعلى إثر ذلك نشر يلدرم تغريدة على حسابه الشخصي في تويتر قبل 3 أيام، صورة ليلية لمبنى المحكمة الدستورية وكتب على التغريدة أضوائنا مشتعلة".
وللشارع التركية حساسية تجاه الأضواء المشتعلة ليلا، سيما أن اشتعال أضواء المؤسسات الرسمية ليلا، يذكر الشعب التركي بالانقلابات، حيث كانت أضواء رئاسة الأركان تشتعل ليلة كل انقلاب.
وكانت رئاسة الأركان التركية قد استخدمت جملة "أضواء رئاسة الأركان مُنارة" كتهديد بانقلاب عسكري، في عام 1997 عندما أجبر العسكر رئيس الوزراء التركي الراحل نجم الدين أربكان على الاستقالة.
وعلى الفور لقيت تغريدة يلدرم استياءً كبيرا من قِبل السياسيين، حيث اعتبر متحدث العدالة والتنمية هذه التغريدة بمثابة تحد للحكومة وتلميح بانقلاب وشيك.
وكذلك ردت وزارة الداخلية التركية على تغريدة يلدرم بصورة مشابه لمبنى الوزارة وأضوئها مشتعلة أيضا، وكتبت على التغريدة "أضواؤنا نحن لا تنطفئ أبدا"، في إشار إلى أنها مستعدة لمواجهة كافة الاحتمالات.
وردّ وزير العدل عبد الحميد غل على التغريدة، وكتب "الذين يحنّون للوصاية يفقدون صلاحية الحديث باسم القانون، الأنوار يضيئها الشعب ويطفئها الشعب".
أما حزب الحركة القومية المؤيد للحكومة التركية، فقد علقت على تغريدة عضو المحكمة الدستورية بالقول: "الحركة القومية ضوء الليالي المظلمة ونور القلوب المعتمة وسور في وجه الغايات الخبيثة".
وكذلك انتقدت أحزاب المعارضة تغريدة يلدرم معتبرة أن صفحة الانقلابات قد أُغلقت في تركيا وأن طريق الوصول إلى السلطة يكمن في الفوز بالانتخابات فقط".
وعقب موجة الانتقادات وردود الفعل القوية اضطر يلدرم لمسح تغريدته والاعتذار، موضحا أنه مقصده من التغريدة فُهمت بالخطأ وأنه كان يقصد بأن أضواء العدالة والقانون مشتعلة ولم يكن يقصد الإشارة إلى انقلاب محتمل.
وبحسب الدستور التركي، فإن رئيس وأعضاء المحكمة الدستورية يتم تعيينهم من قِبل رئيس الجمهورية، لكنهم يظلون في مناصبهم لمدة 12 عاما دون أن يتمكن أحد من عزلهم.
وكان العضو أنغين يلدرم وصل إلى عضوية المحكمة الدستورية في عام 2010، بعد تعيينه من قِبل الرئيس السابق عبد الله غل.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!