الأناضول
قال الأكاديمي التركي، طونجاي أوغون، إن عدد المسلمين الذين تعرضوا للتهجير في شرق الأناضول عام 1915، وصل إلى ثلاثة أضعاف الأرمن الذين هجروا في نفس العام.
جاء ذلك في حوار أجراه مع الأناضول، وفيه أكد أن "قوات الاحتلال الروسي والعصابات الأرمنية، أجبرت المسلمين على ترك ديارهم وأراضيهم في ظروف قاسية، ما أدى إلى وفاة ومقتل نحو 40% من المهجرين المسلمين".
وفي حواره على هامش مشاركته في ندوة حول "المسألة الأرمنية والحقائق في الذكرى المئوية"، والتي نظمتها جامعة (Yüzüncü Yıl) في ولاية وان أمس،، أكد أوغون أن "على المهتمين بمعرفة حقيقة ما حدث في الأناضول عام 1915، أن لا يركزوا فقط على ما تعرض له الأرمن، وأن يروا أيضا المعاناة الكبيرة التي تعرض لها أهالي المنطقة من المسلمين، قبل أن يكونوا رأيا حول تلك الأحداث".
كما شدد على أن "الأمر نفسه يسري على البرلمانات التي تصدر قرارات باعتبار ما تعرض له الأرمن (إبادة جماعية)، قائلا إن الجميع ينسى التهجير الذي تعرض له مسلمو الأناضول في تلك الفترة، رغم أن الجميع يعرف تعرضهم للقتل في سبيل السعي لإنشاء أرمينيا المستقلة، ودفن جثثهم في أكثر من 200 مقبرة جماعية"، على حد تعبيره.
من جانب آخر، قال أوغون إنه "لا ينفي المصاعب التي تعرض لها الأرمن، ويشعر بالحزن على الأبرياء الذين فقدوا حياتهم وممتلكاتهم، إلا أن من تعرضوا لأكبر معاناة خلال تلك الفترة هم المسلمين، الذين فقدوا أرواحهم وممتلكاتهم، وتعرضت أعراضهم ومقدساتهم للانتهاك".
وأضاف أنه "في الوقت الذي نظمت فيه الدولة العثمانية عملية تهجير الأرمن في قوافل محروسة من الدرك وتوفير احتياجاتها الإنسانية، تعرض مليون و604 آلاف مسلم، في شرق الأناضول، للتهجير القسري، على يد قوات الاحتلال الروسي والعصابات الأرمنية، في ظروف قاسية، وواجهوا خلال رحلتهم القتل، وتعرضت نساؤهم للاغتصاب، كما انتهكت مقدساتهم الدينية، ويُعتقد أن 40% منهم فقدوا حياتهم خلال التهجير".
وأوغون عضو في هيئة تدريس قسم التاريخ في كلية الآداب بجامعة "صدقي كوتشمان" بولاية "موغلا" التركية، وسبق له أن عمل في ولاية "وان" شرق تركيا، حيث نشر عدة دراسات عن ما ارتكبته العصابات الأرمنية في الأناضول، وما تعرض له مسلمو المنطقة عام 1915.
ما الذي حدث في 1915؟
تعاون القوميون الأرمن، مع القوات الروسية بغية إنشاء دولة أرمنية مستقلة في منطقة الأناضول، وحاربوا ضد الدولة العثمانية إبان الحرب العالمية الأولى التي انطلقت عام 1914.
وعندما احتل الجيش الروسي، شرقي الأناضول، لقي دعمًا كبيرًا من المتطوعين الأرمن العثمانيين والروس، كما انشق بعض الأرمن الذين كانوا يخدمون في صفوف القوات العثمانية، وانضموا إلى الجيش الروسي.
وبينما كانت الوحدات العسكرية الأرمنية، تعطل طرق إمدادات الجيش العثماني اللوجستية، وتعيق تقدمه، عمدت العصابات الأرمنية إلى ارتكاب مجازر ضد المدنيين في المناطق التي احتلتها، ومارست شتى أنواع الظلم بحق الأهالي.
وسعيًا منها لوضع حد لتلك التطورات، حاولت الحكومة العثمانية، إقناع ممثلي الأرمن وقادة الرأي لديهم، إلا أنها لم تنجح في ذلك، ومع استمرار هجمات المتطرفين الأرمن، قررت الحكومة في 24 نيسان/ أبريل من عام 1915، إغلاق ما يعرف باللجان الثورية الأرمنية، واعتقال ونفي بعض الشخصيات الأرمنية البارزة. واتخذ الأرمن من ذلك التاريخ ذكرى لإحياء "الإبادة الأرمنية" المزعومة، في كل عام.
وفي ظل تواصل الاعتداءات الأرمنية رغم التدابير المتخذة، قررت السلطات العثمانية، في 27 مايو/ آيار، من عام 1915، تهجير الأرمن القاطنين في مناطق الحرب، والمتواطئين مع جيش الاحتلال الروسي، ونقلهم إلى مناطق أخرى داخل أراضي الدولة العثمانية.
ومع أن الحكومة العثمانية خططت لتوفير الاحتياجات الإنسانية للمهجّرين، إلا أن عددًا كبيرًا من الأرمن فقد حياته خلال رحلة التهجير بسبب ظروف الحرب، والقتال الداخلي، والمجموعات المحلية الساعية للانتقام، وقطاع الطرق، والجوع، والأوبئة.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!