محمود أوفور – صحيفة أكشاك – ترجمة وتحرير ترك برس
لم تبدأ حتى الآن مقابلات ومناقشات تشكيل حكومة ائتلافية، لكن على ما يبدو أنّ هذه النقاشات لن تنتهي ولن تصل إلى نتيجة حتى لو بدأت، فالاحتمالات القائمة حاليا هي تشكيل حكومة ائتلافية بين حزب العدالة والتنمية وحزب الشعب الجمهوري أو حزب الحركة القومية.
وربما احتمال أنْ تكون الحكومة الائتلافية مع حزب الحركة القومية أقوى من الاحتمال الآخر، لكن نظرة رئيس حزب الحركة القومية دولت بهتشلي الباردة تجاه هذا الخيار يجعل احتمال تشكيل الحكومة أضعف.
الأهم من كل ذلك أنّ الشارع غير مطمئن من استمرارية استخدام الانتقادات الحادة بين الأحزاب السياسية برغم انتهاء الانتخابات، والناس أيضا قلقون من عدم تشكيل الحكومة حتى الآن، وهذا سيؤثر بصورة كبيرة على شعبية حزب الشعب الجمهوري وحزب الحركة القومية لانهما هم من يعطل تشكيل الحكومة.
لا شك أنّ حزب الشعوب الديمقراطي قد حقق نجاحا مميزا في الانتخابات، لكنهم لم يديروا مرحلة ما بعد الانتخابات بصورة موفقة، لأنهم لم يجهزوا أنفسهم للاحتمالات، وما زالوا يتمسكون بما يسمونه بالخطوط الحُمر، وخطابهم ما زال حادا وهذا ما جعل الشارع يضع عليهم علامات استفهام عديدة.
لم تستطع المعارضة معرفة كيف تتصرف في إطار هذا الوضع الجديد غير المعتادة عليه منذ 13 عاما، إلا أنّ فوز حزب العدالة والتنمية برئاسة البرلمان أعطى اردوغان والحزب راحة واطمئنان وسيؤثر ذلك على مسارب تشكيل الحكومة القادمة.
موقف حزب الشعب الجمهوري من تشكيل الحكومة، ووجود حسابات داخلية يجري تصفيتها داخل الحزب، قد يقود إلى نتائج لم تحصل حتى أثناء وبعد الانتخابات، وهذا الأمر ينطبق من حزب الشعب الجمهوري حتى حزب الشعوب الديمقراطي، وربما يصل حتى حزب العدالة والتنمية بسبب "القلق" الناتج لدى الشعب من عدم تشكيل الحكومة، ولن يكون انعكاس ذلك بصورة كبيرة على نتائج أي انتخابات قادمة أمرا مفاجئا.
أما بالنسبة لحزب الحركة القومية، وبرغم وجود رغبة كبيرة من أعضاء الحزب لتشكيل الحكومة مع حزب العدالة والتنمية، إلا أنّ رئيس الأول دولت بهتشلي يقف معارضا لذلك وبقوة، وبالتالي يُلغي كل تلك الحسابات.
والخبراء المقربون من دولت بهتشلي يبررون سبب قناعته بعدم الدخول في حكومة ائتلافية بسبب أنّ "الدخول في إدارة الحُكم في هذه المرحلة الحساسة بالنسبة لتركيا لن يكون سهلا على الاطلاق، فهناك القضية الكردية والتطورات التي تجري على حدودنا والمشاكل الاقتصادية، ولذلك لا يريد دولت بهتشلي للدخول تحت هذا الحمل، لكن بقائه في نفس الوقت في المعارضة أيضا لن يكون سهلا من حيث فقدان شعبيته، ولهذا ستكون الأيام القادمة أياما صعبة على حزب الحركة القومية". بمعنى مُختصر، حزب الحركة القومية يترنح ذهابا وإيابا بين قرار الدخول في الحكومة أو البقاء في المعارضة.
أما فيما يتعلق بحزب الشعوب الديمقراطي، فهو أكثر راحة من حزبي المعارضة آنفي الذكر، لأنه يحسب أموره عن طريق ما تريده القوى الإقليمية والدولية، لكن الصعوبة التي سيواجهها الحزب تكمن في إيجاد حالة من التوازن بين ما يريده جبل قنديل وبين هدف الحزب أنْ يكون حزبا لكل تركيا.
وفي المحصلة ستؤثر تشكيلة الحكومة على السياسة الخارجية لتركيا، وبكل تأكيد فإنّ الأحداث الجارية في تل أبيض وعين العرب (كوباني) ستلقي بظلالها أيضا على الاحتمالات القائمة، والأهم هنا، أنّ بقاء تركيا بدون حكومة هو عبارة عن فاتورة يجب دفعها، وسيتضح لنا خلال هذا الأسبوع الحزب الذي سيدفع فاتورة هذا التأخير.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!
مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس