ترك برس

ذهب محللون وخبراء سياسيون، إلى أن رئيس إقليم شمال العراق "مسعود بارزاني"، يُعد مشكلة بالنسبة للولايات المتحدة الأمريكية لتحالفه مع تركيا ضد حلفائها الـ "بي كي كي"، ومشكلة لروسيا لتنسيقه مع تركيا في الموصل وفي ملف الغاز، مشيرين أن الضغط سيزداد في الفترة المقبلة لإزاحته من منصبه.

وفي خضم التوترات التي تشهدها العلاقات العراقية التركية على خلفية إرسال أنقرة قوات عسكرية إلى معسكر لتدريب البيشمركة في مدينة الموصل العراقية، أجرى مسعود بارزاني زيارة رسمية هامة إلى أنقرة، والتقى فيها الرئيس التركي "رجب طيب أردوغان" ورئيس الوزراء "أحمد داود أوغلو"، ونقلت مصادر مقربة من الرئاسة التركية أن أردوغان أعرب خلال لقاء البارزاني عن تصميمه على "محاربة الإرهاب"، في إشارة إلى تنظيم الدولة الإسلامية ومسلحي حزب العمال الكردستاني الذي ينشط في شمال العراق.

وتوجه البارزاني فور وصوله العاصمة التركية أنقرة إلى مقر جهاز الاستخبارات التركية، حيث التقى رئيسه هاكان فيدان وفقا لمصادر صحفية تركية، ولم تتناول الصحف فحوى هذا اللقاء الذي يأتي في ظل الأزمة التركية العراقية.

ولفت الخبراء، إلى أن النفط والغاز تعد من أهم الملفات بين أنقرة وأربيل، وأنه ازداد أهمية في ظل الأزمة التي تشهدها العلاقات التركية الروسية وحاجة تركيا الماسة إلى بدائل للغاز الروسي، وكان رئيس لجنة الطاقة في برلمان إقليم كردستان العراق، شركو جودت، قال إن الإقليم يمكنه تلبية احتياجات أوروبا وتركيا من الغاز الطبيعي، كما أكد رئيس الطاقة العامة في الإقليم طوني هايوارد أنه سيتم استخراج ما يقارب 5 ترليونات متر مكعب من الغاز الطبيعي في المنطقة، مشيراً إلى أن هذا المقدار يكفي لتلبية احتياجات تركيا للغاز الطبيعي لخمسين عاما، ومن المؤكد أن الغاز الكردي مع الغاز القطري والغاز الآذري كفيل بالحيلولة دون استغلال روسيا ورقة الغاز الطبيعي لابتزاز تركيا.

الكاتب والصحفي التركي، "إسماعيل ياشا"، قال في مقال له نُشر في صحفية العرب القطرية، بعنوان "أهمية زيارة بارزاني لأنقرة"، إن "تصريحات بارزاني، سواء قبيل الزيارة أو خلالها، تؤكد صحة ما تقوله القيادة التركية وهو أن القوات التركية ذهبت إلى العراق بالتنسيق مع بغداد وبهدف تدريب القوات المحلية التي ستشارك في عملية تحرير الموصل، وبالتالي، تعتبر داعمة للموقف التركي في مقابل تهديدات رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي ووزير خارجيته إبراهيم الجعفري وغيرهما من المسؤولين العراقيين"، مضيفًا أن "زيارة بارزاني جاءت أيضا بعد زيارته الرسمية للعاصمة السعودية الرياض، في ظل التقارب التركي السعودي لمواجهة مخططات المحور الروسي الإيراني في المنطقة، وإن لم يكن إقليم كردستان العراق دولة مستقلة فإن وقوفه إلى جانب تركيا وقطر والسعودية سيعزز بلا شك موقف هذا التحالف الثلاثي من قضايا المنطقة".

وأشار ياشا، إلى أن "مواقف بارزاني من الأزمة السورية وغيرها من القضايا الراهنة تتطابق إلى حد كبير مع مواقف أنقرة والرياض والدوحة، ولذلك اتهمته النائبة العراقية عن "ائتلاف دولة القانون"، عالية نصيف، في تعليقها على زيارته للرياض وأنقرة بأنه لا يتصرف إلا بموافقة خارجية"، لافتًا أن "طهران استهدفته من خلال الأحزاب والمجموعات الموالية لها في كردستان العراق وسعت للإطاحة به، إلا أن تلك المحاولات باءت حتى الآن بالفشل، ومن الضروري أن يدعم التحالف الثلاثي بارزاني لكيلا تهيمن إيران على شمال العراق كما هيمنت على جنوبها".

وأضاف ياشا، أن "رئيس إقليم كردستان العراق خلال زيارته لتركيا التقى قادة الأحزاب الكردية وممثلي منظمات المجتمع المدني، في الوقت الذي تشهد فيه المحافظات ذات الأغلبية الكردية أعمالا إرهابية واشتباكات بين عناصر حزب العمال الكردستاني وقوات الأمن التركية. وفي وقت سابق قبل هذا اللقاء، استقبل وفدا رفيعا من حزب الشعوب الديمقراطي الذي يعد ذراعا سياسيا لحزب العمال الكردستاني، ودعا إلى إغلاق الخنادق التي حفرها عناصر حزب العمال الكردستاني في شوارع بعض المدن وأزقتها، وأشاد برئيس الجمهورية التركي رجب طيب أردوغان ورئيس الوزراء التركي أحمد داود أوغلو، مشددا على أنهما يريدان بصدق حل المشكلة الكردية".

مركز ستراتفور الأمريكي، قال في تقرير له بعنوان، زمن الأتراك، إن المنافسة الإيرانية التركية تعقد أيضا من تطلعات تركيا نحو كردستان العراق حيث طور أردوغان علاقات تجارية وثيقة مع زعيم الحزب الديمقراطي الكردستاني "مسعود بارزاني"، وقد ساعدت تركيا بارزاني بالفعل من أجل تطوير طريق تصدير مستقل للنفط على حساب حلفاء إيران في بغداد والآن تستعد لتفعل الشيء نفسه بالنسبة للغاز الطبيعي لتغذية السوق التركية، لافتًا أن "انهيار عملية السلام بين تركيا وحزب العمال الكردستاني (الذي يلجأ مقاتلوه إلى كردستان العراق)، وحدوث فراغ في السلطة في شمال سوريا يتم استغلاله من قبل الانفصاليين الأكراد، سوف يدفع الجيش التركي ليصبح أكثر عدوانية خارج حدوده وبالأخص في سوريا والعراق".

واعتبر مركز سترافور أن "سيطرة تركيا على عائدات مبيعات تصدير النفط يعطي أنقرة نفوذا كبيرا على حكومة كردستان العراق. ولكن بارزاني وحلفاءه هم وحلفاءه هم أيضا في موقف لا يحسدون عليه من حيث كونهم مضطرين لمواصلة التعامل التجاري مع العدو التركي في الوقت الذي توسع فيه تركيا تدريجيا من تواجدها العسكري في المنطقة الكردية، وهذا يخلق فرصة سهلة لإيران وروسيا لاستغلال الانقسامات الكردية وتوظيفها ضد تركيا"، مشيرًا أنه "في الوقت الذي تواصل فيه خطة الطاقة المعقدة للغاية مع كردستان العراق، فإن تركيا تسعى أيضا إلى تمهيد طريقها إلى مسرح الطاقة في شرق المتوسط، تعطلت خطط كل من إسرائيل وقبرص لتصدير الغاز الطبيعي البحري بسبب العقبات التنظيمية، في حين برزت مصر كمركز محتمل جديد للغاز الطبيعي في المنطقة، مع استمرار النقاش حول العديد من المقترحات لخطوط الأنابيب ومحطات تصدير الغاز الطبيعي المسال، تكون تركيا قد أضافت ضرورة جديدة للمضي قدما في محادثات التوحد مع قبرص لإزالة واحدة من العقبات الأساسية في وجه خطط تركيا لتكامل الطاقة مع جيرانها في شرق المتوسط".

وأرسلت تركيا، بتاريخ 4 كانون الأول/ ديسمبر الحالي، قرابة ١٥٠ جنديًا، إلى ناحية "بعشيقة" القريبة من مدينة الموصل، عن طريق البر، لاستبدال وحدتها العسكرية في المنطقة، الى جانب ارسال ما بين 20 و25 دبابة، خلال عملية التبديل.

وكان ممثلا رئيس الوزراء التركي إلى العراق، (مستشار الخارجية التركية فريدون سينيرلي أوغلو، ورئيس هيئة الاستخبارات هاكان فيدان)، التقيا رئيس الوزراء العراقي، حيدر العبادي، في بغداد يوم الخميس الماضي، وأكّدا له حرص تركيا على سيادة العراق ووحدة أراضيه، ووقوفها بجانبه في حربه ضد تنظيم "داعش" الإرهابي.

وكان نائب رئيس الوزراء التركي والمتحدث باسم الحكومة "نعمان كورتولموش"، قال إن القوات التركية الموجودة في مدينة الموصل التابعة لمحافظة نينوى شمال العرق، تهدف لدعم الحكومة المركزية في بغداد والتضامن معها في حربها ضد تنظيم الدولة "داعش"، لافتًا إلى أن تركيا دولة تحترم وحدة الأراضي العراقية، وأن وجود قوات تركية في شمال العراق ليس عملا ضد الحكومة المركزية.

من جانبه أوضح وزير الخارجية التركي "مولود جاويش أوغلو"، أن عملية تبديل الوحدة العسكرية في الموصل، جاءت بناء على طلب المسؤولين العراقيين، بهدف تعزيز أمن الجنود الأتراك الموجودين في المنطقة وقدراتهم، مشيراً إلى أن ردود الأفعال الصادرة من حكومة بغداد جاءت "بتأثير بعض دول الجوار"

وكان رئيس الوزراء التركي "أحمد داود أوغلو"، أطلع نظيره العراقي "حيدر العبادي"، على معلومات متعلقة بالتطورات الراهنة بشأن برنامج تركيا التدريبي الذي يطبق منذ مارس/ آذار الماضي في ناحية بعشيقة قرب الموصل (شمال العراق)، ومهام وأنشطة القوات الموجودة هناك.

واعتبر رئيس الوزراء العراقي "حيدر العبادي" وجود بعض وحدات الجيش التركي في منطقة بعشيقة، بالاعتداء السافر على "السيادة العراقية"، وطالب العبادي، في تصريحاته الصحفية الخاصة بالموضوع، الجيش التركي بالانسحاب الفوري خلال مدة أقصاها 48 ساعة وإلا "سيضطر العراق إلى ضرب تركيا لاعتدائها على سيادته في الموصل".

كما دعا الرئيس العراقي فؤاد معصوم، تركيا إلى سحب قواتها من الأراضي العراقية، معتبرًا وجودها "انتهاكا للأعراف والقوانين الدولية".

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!