برهان الدين دوران – صحيفة صباح - ترجمة وتحرير ترك برس
في مسعى لتحقيق التقارب في وجهات النظر بين الولايات المتحدة الامريكية وتركيا، يزور نائب الرئيس الأمريكي السيد جو بايدن أنقرة لمناقشة الملف الروسي والعراقي بجانب آخر التطورات على صعيد مقاتلة داعش إضافة إلى ملف تأمين الحدود، وملف حزب الاتحاد الديمقراطي وبرنامج "التدريب - التسليح". كما أن هذه الزيارة الرسمية ستضع النقاط على الحروف بخصوص ما تمت مناقشته سابق مع رئيس هيئة الأركان الأمريكية السيد دونفورد. يتوقع من هذه الزيارة كذلك أن تركز على مصير خط جرابلس – اعزاز، خصوصا أن هذا الخط قد بدأ بالتحول إلى مصدر للنزاع السوري الداخلي، علاوة على أهميته في خصوص مقاتلة إرهاب داعش.
طاولة النقاش السياسي التي عقدت في جنيف ما زالت في طور البداية، وبالتالي فإن أي نقاشات حول موضوع داعش أو كيفية الوضع السوري بعد انتهاء أزمة داعش قابلة للتغير والتبديل. والقرار النهائي بهذا الشان مرتبط بما سيؤول اليه خط جرابلس - اعزاز وبما سيحدث على تلك الجبهة. ولهذا السبب نرى جميع اللاعبين على الساحة السورية يولون هذه الجبهة أهمية كبرى ويوجهون طاقاتهم واهتمامهم للاستفادة من استراتيجية هذا الخط.
تركيا والتي ترغب في تسلم قوى المعارضة المعتدلة السيطرة على تلك المنطقة بعد طرد داعش منها تدخل المباحثات تلوى الأخرى مع مسؤولي الولايات المتحدة الأمريكية. فبالنسبة للأمريكان يشكل منع داعش من الوصول إلى 98 كم هذه الدرجة الأولى على سلم الأولويات ولهذا السبب تطرح على أنقرة قائمة "تكنولوجيا مراقبة الحدود"، هذه القائمة التي تشمل على مناطيد المراقبة، والتكنولوجيا القادرة على كشف الأنفاق، إضافة إلى الأجهزة الكاشفة عن القنابل ذات التصنيع اليدوي. أما بالنسبة لأنقرة التي كانت أصدرت تعليماتها بتحصين نقاط المراقبة على الحدود وزيادة تسليحها ترى أن النقطة الأهم في هذا الإطار هي برنامج تدريب وتسليح المعارضة، إضافة إلى منع قوات حزب الاتحاد الديمقراطي من السيطرة على المناطق الواقعة غرب الفرات.
لكن واشنطن تصر على النظر إلى حزب الاتحاد الديمقراطي بنظرة مختلفة عن نظرتها لحزب العمال الكردستاني المدرج على لوائح الإرهاب عندها، خصوصا وأن أوباما وفي عامه الأخير يسعى إلى تحقيق تقدم ملموس وإظهار أداء مرضي عنه، ولهذا السبب ستواصل الولايات المتحدة الاستفادة من قوات حزب الاتحاد الديمقراطي المتواجدة على الأرض لمواجهة داعش رغم إدراكها أن حزب الاتحاد الديمقراطي الذي يركز على سياسة تحقيق أهداف سريعة سيقوم بتقييم الأمور بشكل جيد ولن يتوانى عن استخدم الورقة الروسية ضدها "بمكر ومهارة " كما استخدمها من قبل.
فحزب الاتحاد الديمقراطي يسعى إلى توسيع نفوذه مستفيدا من دعم الروس الجوي له في منطقة عفرين ومن مساندة القوات الأمريكية له في محيط جرابلس. الحزب والذي يتوقع له على المدى المتوسط أن يفقد دعم الروس، والأسد وايران له يأمل أن يحقق إنجازات على المدى القريب من خلال تحقيق إحدى الأهداف التالية: فبداية، يأمل بتحقيق حكم ذاتي في حال بقاء سوريا وحدة واحدة. أما في حال تجزئة سوريا وتبعثرها فهو يظن أن الاستقلال ليس ببعيد. والحزب يعي ويدرك كذلك أنه لا بد له من السيطرة على خط عفرين - الحسكة لتحقيق أي من هذه السيناريوهات.
بالنسبة لأنقرة، فهي تستشعر عدم الراحة من سيطرة روسيا وحزب الاتحاد الديمقراطي على خط جرابلس - اعزاز، وترى أنه لا بد من توطين وزرع قوات المعارضة المعتدلة هناك ولا تكف عن تكرار هذه الرؤية على مسامع المسؤولين في البيت الأبيض. ولهذا السبب نرى أن أهم القضايا التي ستتناولها زيارة السيد بايدن الرسمية هذه هي مناقشة آخر التطورات المشتركة، إضافة إلى مناقشة البدء ببرنامج "التدريب -التسليح" الهادف لتدريب المقاومة المعتدلة وتزويدها بما يلزم لبقائها ونجاحها. لكن تركيا ترغب بدعم جوي دولي تحت قيادة الولايات المتحدة الأمريكية، أما روسيا فتسعى لتحقيق التطورات على الأرض، فمن جهة تكافح من أجل جلوس حزب الاتحاد الديمقراطي بين أحزاب المعارضة على طاولة المفاوضات في جنيف ومن جهة أخرى تكثف دعمها العسكري لقوات الأسد وحزب الاتحاد الديمقراطي لإنشاء قاعدة عسكرية جوية قرب مدينة القامشلي.
كل من الأسد والروس يسعى إلى إضعاف قوات المعارضة وتحويل الاهتمام التركي من خلال إشغال تركيا بحزب الاتحاد الديمقراطي. ويمكننا القول إن العازفين على أوتار الحرب السورية يرمون أوراقهم الأخيرة من أجل فرض وجهة نظرهم التي تحدنا عنها على الساحة السورية. فحلف روسيا - الأسد - حزب الاتحاد الديمقراطي يستخدم كل ما أوتي من قوة لفرض سيطرته على خط جرابلس - اعزاز. الولايات المتحدة الأمريكية تمسك العصا من الوسط وتحاول أن تحافظ على توازن تأثيرها وتعاملاتها وتحمل راية "الفوز للأقوى". أما تركيا وبعد تعاملها مع محنة حزب العمال الكردستاني الذي نادى ب "حكم ذاتي" في بعض مدن الجنوب الشرقي يمكنها الآن العودة والتركيز على القتال على خط جرابلس – اعزاز.
بالطبع إن حزب العمال الكردستاني ما زال يمثل خطرا على المدن الكبرى من خلال تنفيذه هجمات إرهابية لكن التخلص أو التقليل من الخطر الإرهابي الداخلي له تأثير مريح ومطمئن قبل بدء المرحلة الأخيرة من نزاع السيطرة على خط جرابلس - العزيز. نعيش فترة حصاد الثمر من برنامج "التدريب -التسليح" الذي بدأته تركيا لوحدها وتسعى إلى الاستمرار فيه بالمشاركة مع الولايات المتحدة.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!
مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس