ولاء خضير - خاص ترك برس
تشهد تركيا إقبالًا كبيرًا من الإعلاميين العرب، الذين تتجه أنظارهم نحو تركيا، ويقدمون إليها، هربا من الأنظمة والحكومات العربية المستبدة، وقمعها للحريات، والاعتقالات بحقهم، لكلمة حق يكتبونّها، فوجدا في تركيا منبرا إعلاميًا حرًا، ومتقاربًا لوجهات آرائهم، لا سيما بعد انقلابات التي حدثت على ثورات الوطن العربي، وتبعايته.
ففي السنوات الأخيرة، نجحت إسطنبول في استقطاب شريحة كبيرة من إعلاميي الوطن العربي، بعد تضييق الأنظمة والحكومات العربية الخناق عليهم، فوجدوا في تركيا مركزًا للإعلام العربي المعبر عن صوت الشعوب، وعن الحريات، وباتت تركيا موطن ومنبر الإعلام العربي الحر الجديد، وبوابة للعالم، للربط بين الثقافة العربية والتركية، وحتى الغربية.
وبما أن الشأن التركي، والعلاقات التركية- العربية، هي محط اهتمام للجمهور العربي، وبما أن تركيا هي الحاضنة الرئيسية للعدد الأكبر من اللاجئين، توجه الإعلاميون العرب لافتتاح مؤسسات ومكاتب لوكالات الأنباء المختلفة، وبعض القنوات العربية، حيث وجدوا في تركيا فضاءً إعلاميًا مفتوحًا.
وتتميز تركيا ببيئة إعلامية ديناميكية، فبعد ما شهدته الشعوب العربية من حروب وصراعات وقتل للحريات، وعقب الأنقلاب الذي جرى في مصر عام 2013، واشتداد ألازمة في سوريا واليمن وليبيا وغيرها من بلدان ثورات الربيع العربي، هاجر العديد من الإعلاميين العرب إلى تركيا، حيث وجدوا ملاذًا آمنا، يمارسون به حقوقهم الصحفية بالكتابة والتصوير والإبداع، تعبيرا عن هموم شعبهم وأمتهم، بعيدا عن الاعتقالات، والممارسات القمعية لحرية الفكر والتعبير، في ظل أنظمة عربية مستبدة.
حتى باتت إسطنبول عاصمة للإعلام العربي، وانطلقت منها عدد من القنوات المصرية، واليمنية، وعدد من الإذاعات السورية، وعشرات المواقع الإلكترونية السياسية، الناطقة باللغة العربية، ويوجه خطابها الى العالم العربي، والى جمهور الجالية العربية في تركيا، مما يلبي احتياجاته، ويعكس معاناته وآلامه وآماله.
وفي ظل التطورات السياسية المتسارعة محليا إقليميا وعالميا، وعلى صعيد نمو العلاقات التركية العربية، ظهرت الحاجة لوجود لغة سياسية متناغمة بين العرب والأتراك، كان ذلك من خلال التمثيل الإعلامي العربي في تركيا، فهي فرصة جيدة للإعلاميين الأتراك والعرب، لتبادل الخبرات في مجال الإعلام، لا سيما في هذه المرحلة التاريخية الحرجة التي تمر بها المنطقة.
إن ارتفاع نسبة الإعلاميين العرب في تركيا، وتحديداً في إسطنبول، دفع عددًا من الشباب المصري والعربي إلى تأسيس رابطة تجمع الإعلاميين العرب في تركيا، بهدف نقل الخبرات، وتشبيك العلاقات، والسعي لتوفير فرص عمل لهؤلاء الذي تركوا أوطانهم، بحثًا عن الأمان في بلد آخر.
ولأجل دعم الإعلاميين العرب في تركيا، الذين تزايدت أعدادهم مؤخرًا، قامت رابطة الإعلاميين العرب في تركيا، بعقد مؤتمرها التأسيسي الأول في مدينة إسطنبول، بحضور لفيف من الإعلاميين والصحفيين المقيمين في تركيا، وإعلاميين قدموا من خارجها.
وذلك بهدف تسهيل العمل الإعلامي، وأداء الرسالة المهنية، وبهدف مساعدة الإعلاميين على تجاوز العقبات القانونية التي قد تعترضهم، والدفاع عن حقوقهم، وتبني قضاياهم، وتكوين شبكة علاقات واسعة، تفتح لهم أفاق جديدة في مسيرتهم.
الإعلامية آلاء زارع، تعمل مذيعة في إحدى القنوات التلفزيونية المصرية التي تبث موادها الإعلامية من إسطنبول، وهي المؤسسة للرابطة، قالت في تصريح لصحيفة "الشرق الأوسط الجديد": "بأن تجربة رابطة إلاعلاميين العرب في تركيا، تهدف لخلق شبكة ضخمة من إعلاميي وأكاديميات ومؤسسات و قنوات النشاط العربي، تحت سقف واحد، يجمع الجميع في كيان قوي، للوصول إلى أهداف الإعلام العربي المهني، المحترم لقواعد الإعلام الراقي".
وأضافت زارع: "تهدف الرابطة إلى القيام ببحوث تتعلق بتطوير الأداء الإعلامي، وإقامة ندوات ومؤتمرات وورش عمل و تدريب، وتوفير قاعدة بيانات تخدم الإعلاميين العرب في تركيا بشكل عام، وتأخذ بيدهم لطرق أكثر سهولة في التعامل مع الإعلام".
كما حضر المؤتمر التأسيسي لرابطة الإعلاميين العرب في تركيا، والذي عقد في مبنى بلدية "بهجة ليفلر"، في إسطنبول التركية، بتاريخ 16 كانون الثاني/ يناير 2016 ، مستشار الرئيس التركي السيد ياسين أكتاي، ومسؤول العلاقات الخارجية د.فاتح تونا، وعدد كبير من الإعلاميين العرب، والأتراك، وذوي جنسيات عديدة من المخضرمين، والناشئين، وعدد من الخبراء والمهتمين بالشأن الإعلامي، وبعض ممثلي وسائل الإعلام التركية والعربية.
وعلما أن رابطة الإعلاميين العرب في تركيا، ستضم أعضاء من كافة التوجهات الفكرية والسياسية والدينية، لأن الهدف منها هو التمثيل المحايد والمتوازي والشامل لجميع الإعلاميين المقيمين في تركيا، دون النظر إلى أسباب هجرتهم من بلدهم، أو انتماءاتهم الفكرية.
كما أن من الجدير ذكره، أن تركيا يتواجد بها منصتين رسميتين ناطقتين باللغة العربية، هما القناة التركية العربية TRT، التي تقدّم الأخبار باللغة العربية، وتنقل المعلومات المحلية والدولية للمشاهدين العرب، سواء كانوا في تركيا أو خارجها.
أما المنصة الثانية، فهي مواقع إلكترونية رسمية باللغة العربية، كوكالة الأناضول للأنباء، وهي وكالة رسمية للدولة، وكذلك غيرها الكثير من المواقع الإلكترونية العربية وبعض الصحف، مما يؤكد على السياسة التركية المنفتحة على منطقة الشرق الأوسط، والوطن العربي.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!