TRT العربية
قال زعيم حركة ” النهضة” التونسية، راشد الغنوشي إنّ ” التجربة التركية متميزة على عدّة مستويات، وخاصة على المستوى الاقتصادي، حيث نجحت حكومة العدالة والتنمية في الإرتقاء بالاقتصاد التركي إلى أن وصلت به إلى المرتبة الـ16 على العالم”، مشيرًا إلى أنّ ذلك يعد انجازًا عظيمًا، نطمح أن نتعلم منه نحن في تونس ونسير على خطاه”.
وأضاف الغنوشي في تصريحات لـ“TRT” العربية :” أن الأمل معقود على أن تعطي الرئاسة التركية لمنظمة التعاون الإسلامي روحًا جديدة، قوامها الفعالية والنجاعة والانتقال من الكلام إلى الكثير من العمل، من أجل رفع مستوى التعاون بين الدول الإسلامية”.
منظمة التعاون الإسلامي
وأشار إلى أن المنظمة ارتكزت في الماضي على الشعارات الكبيرة، والانجازات القليلة، مضيفًا:” نأمل أن تؤثر سياسة الرئيس رجب طيّب أردوغان المبنية على أساس التجربة العملية التي بدأت من الأسفل على مستوى البلديات، ثم ارتفعت إلى الحكومة فالرئاسة، على منظمة التعاون الإسلامي، حتى يتم التوجه إلى بناء التعاون من الأسفل، والتركيز على مشاريع عملية على المستويات المختلفة”.
وقال الغنوشي إننا ” لا يجب أن ننتظر غيرنا ليحل لنا مشاكلنا، علينا أن نحمل مشاكلنا بأنفسنا، كما صرح الرئيس أردوغان”، مشيرًا إلى أن المشكلة الرئيسية التي تعاني منها الأمة هي إرادة احتكار السلطة، سواءً بيد الفرد، أو الطاقة، أو العائلة أو الحزب، والعمل على إقصاء الغير”، موضحًا أن هذه التجارب لم تنجح ” وإنما أدت إلى سيلان الدماء واتساع رقعة الاحتراب والمعاناة”.
وأكد أن منظمة التعاون الإسلامي تستطيع لعب دور مهم وبارز في الدفع إلى الحوار بين جميع الأطراف، من أجل حل مشاكل الاقتتال والاحتراب، ” يجب أن تكون دولنا لكل أبنائها دون إقصاء، وأن تكون المواطنة هي أساس الحقوق، وان يتم تقاسم الثورة والسلطة”.
وقال ” علينا أن نتحرك على مستويين من أجل تبيين حقيقة الإسلام وجوهره السمح، انطلاقًا من المستوى الداخلي، عبر نشر الفهم الوسطي المعتدل في أواسط الشباب المسلم، وعلى المستوى الخارجي من خلال تقديم صورة الإسلام الحقيقية السمحة المغايرة للصورة التي طبعها تنظيم “داعش” الإرهابي، في الدول غير الإسلامية”.
الربيع العربي.. التاريخ لا يعود للوراء
في سياق آخر، قال الغنوشي إنه ” لا يجب النظر إلى الثورة على أنها مجرد خط نقف عنده، بل هي مسار يمكن أن يصعد أو ينزل، وأنا على قناعة تامة بأنّ الربيع العربي قد أدخل المنطقة كلها في عصر جديد، وأنّه لا يمكن العودة إلى الوراء، حيث انتهى عصر الزعيم الأوحد، والحزب الواحد، والإعلام الخشبي، وانتخابات الـ99%”.
على صعيد الثورة السورية، يعتقد السياسي التونسي أن إرادة الشعب ستنتصر في نهاية المطاف على الرغم من كل الخسائر والتضحيات.وأوضح أن “الشعب السوري شعب كريم أبي في أصله، وأن من حقه أن يعيش في ظل نظام ديمقراطي يوفر له الحرية والكرامة بعيدًا عن حكم الفرد والعائلة والطائفة”.
وأعرب الغنوشي عن أسفه لوقوع الشعب السوري بين فكي النظام الدموي، وتنظيم داعش الإرهابي، ” هؤلاء الطرفان يعملان على القضاء على المعارضة المعتدلة في تناغم تام يثير الدهشة والإستغراب. وللأسف ما زاد الوضع تعقيدا هو الأجندات الإقليمية والدولية التي جعلت من سوريا ساحة للحرب والصراع بالوكالة”.
على صعيد مصري، يرى الغنوشي أن مصر هي قلب العالم العربي، وأنّ ” ضعف هذا القلب يؤثر بدون شك على بقية الجسم، وأنّ قوته وعافيته هي قوة للجميع”.
وأعرب عن أسفه البالغ من التمزق الذي تعيشه مصر، الذي تسبب به الصراع الحاد والتنافر والتنافي، مشيرًا إلى أنّ التجربة التونسية وغيرها ” علمتنا أن الإقصاء لا يمكن أن يجلب خيرًا لدولنا، ولا يمكن أن ينجح كمشروع”.
وقال إن الحل يكمن في قبول جميع الأطراف ببعضها البعض، والوصول إلى قناعة مفادها أن إقصاء أي طرف أساسي لا يمكن أن ينجح، بل سيفتح الباب أمام المزيد من التمزق وعدم الاستقرار”، وأضاف “لا يمكن لي تصور مصر بدون تيار ليبرالي، أو بدون تيار الإخوان المسلمين، أو بدون الأقباط والجيش، لأن عدم قبول هذا الواقع يعني أننا سنطيل من عمر الأزمة”.
ويرى أن الحل في مصر، لن يتم إلا من خلال حوار وطني بين جميع الأطراف، موضحًا أنّه ” يلا يمكن أن الاعتماد فقط على طرف واحد، فالحل يجب أن يشمل كل الأطراف الأساسية بما فيهم الاخوان”.
تونس..التوافق مفتاح الحرية
وفيما يتعلق بالشأن التونسي الداخلي، قال الشيخ راشد الغنوشي، إن ” التوافق السياسي بين القوى الرئيسية في البلاد، من إسلاميين معتدلين وعلمانيين معتدلين، هو ما صنع الإستثناء وحفظ مسار الإنتقال الديمقراطي من الإنهيار والسقوط في الفوضى والإنقلابات”.
وأشار إلى أنّ مبدأ التوافق هو من سيحفظ تونس من الأخطار التي تواجهها، ” والتوافق يعني القبول بالآخر، والتعاون معه من أجل مصلحة الوطن، والتوافق يعني تبني مبدأ الحوار كطريق وحيد لحل المشاكل وتجاوز الإختلافات”.
وقال :” نريد أن نطور مبدأ التوافق لنبني عليه مصالحة وطنية شاملة بين جميع أبناء الوطن، مصالحة تداوي جراحات الماضي وتمكننا من فتح صفحة جديدة في تاريخ بلادنا متخففين من الأحقاد والثارات، مقبلين على المستقبل في وحدة وطنية تمكننا من التصدي الى تحدي الإرهاب، وتحدي التنمية الإقتصادية، والعدالة الإجتماعية واستكمال بناء الديمقراطية”.
مؤتمر النهضة.. محطة من التاريخ
وحول المؤتمر العاشر لحركة النهضة، قال الشيخ إن ” المؤتمر يمثل محطة تاريخية في مسار الحركة، حيث حاولت الدكتاتورية إيقاف مسار التطور الطبيعي للحركة، ولكن الثورة منّت علينا بنعمة الحرية وها نحن نستأنف مسيرتنا”.
وقال إن ” النهضة ستبقى حزبًا مدنيًا ديمقراطيًا، ذو مرجعية إسلامية، دون أن يعني ذلك احتكار هذه المرجعية، أو النطق بإسمها”. مشيرًا إلى أن انضمام بعض قدماء حركة النهضة لحزب تونس الإرادة الذي أسسه المنصف المرزوقي لا يشكل تحديًا للحركة، “لأن النهضة ليست حزبًا ستالينيًا مغلقًا وليست سجنا لا يخرج منه أحد، من يبقى في النهضة يبقى بإرادته، ومن يخرج منها يخرج بإرادته”.
ولفت إلى أن القوى التونسية حولت الثورة إلى دستور لدولة المواطنة والحقوق والقانون، ” علينا الآن التوجه إلى التحدي التنموي، وهو أن نحول الثورة إلى ثروة يستفيد منها جميع أبناء شعبنا، خاصة في المناطق المحرومة”.
وأكد الشيخ أنه فكر مرارًا في اعتزال الحياة السياسية ” لكن الوضع في البلاد ما زال يحتاج إلى تظافر كل الجهود حتى نتمكن من التصدي للتحديات الكبيرة التي تواجهنا، وهي تحدي تثبيت الديمقراطية، والتحدي الاقتصادي الإجتماعي التنموي، والتحدي الأمني، لا تهمني المواقع بقدر ما يهمني إنجاح مسارنا الانتقالي، والمساهمة في تحقيق الوحدة الوطنية لنصنع معا بلدا ديمقراطيا مزدهرا”.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!