ايدين أونال – صحيفة يني شفق – ترجمة وتحرير ترك برس
عندما كنت أشغل منصب كبير مستشاري رجب طيب أردوغان فترة حكمه في رئاسة الوزراء التركية، كنت شاهدًا على تصرف كان يقوم به أردوغان قبل إلقائه لخطاباته، وهو أنه كان يحضر نص الخطاب ويأخذ على يده قلمه الأحمر، ويتتبع الكلمات، فكلما رأى كلمة "أنا" استبدلها بكلمة "نحن".
كان يفعل هذا على وجه الخصوص، عندما كان الحديث في النص، يدور حول نشأة حزب العدالة والتنمية وتأسيسه، فكان يتعمد الابتعاد عن استخدام كلمة "أنا" في هذا الخصوص، ويستعيض عنها بكلمة "نحن".
ولعلكم لاحظتم ذلك، حتّى في كلمات الأغنية التي كان يكررها دائما في خطاباته أمام الحشود الشعبية، فكان يقول "نحن في طريق طويل نمشي فيه ليل نهار"، مع العلم أنّ أصل الأغنية "أنا في طريق طويل أمشي فيه ليل نهار".
وعندما ترشح إلى منصب رئاسة الجمهورية في رمضان عام 2014، تعمّد أردوغان توضيح الفرق بين كلمتي "أنا" ونحن"، حيث قال حينها: "منذ البداية لم نتفوه بكلمة "أنا" بل كنا نردد دائماً كلمة "نحن"، والآن وبعد أن أمضيت 40 عامًا في ساحات السياسة، أكرر وأقول، لا توجد كلمة "أنا" بل توجد كلمة "نحن"، فنحن من أوصلنا حزب العدالة والتنمية إلى ما وصل عليه، بمساعينا جميعًا بتكاتفنا كلنا، وأوصلنا تركيا إلى ما هي عليه بتضافر جهودنا، وأود من الجميع أن يعلم أنّ رجب طيب أردوغان، مخلوق فانٍ مثله مثل سائر المخلوقات، ولله الحمد أنّ دعوتنا هذه لم تبنى على أساس أسماء وشخصيات فانية، إنما بنيت على أساس حقائق باقية، هكذا أتينا إلى يومنا، وهكذا سنستمر إن شاء الله، والذي يظنّ بأن العدالة والتنمية سيزول بزوال أردوغان، فهذا يعني أنه لم يدرك حقيقة هذه الدعوة، فالعدالة والتنمية لم يظهر نتيجة ظهور شخص، ولن يزول نتيجة زوال شخص معين".
الرئيس رجب طيب أردوغان، لم يتهرب من استخدام كلمة "أنا" لمجرد أنه أراد إظهار تهربه من استخدام هذه الكلمة، فالرئيس اردوغان تحرك طيلة مسيرته السياسية بشكل جماعي واعتمد على الجماعة في تحقيق ما تمّ تحقيقه، فلقد كرر مرارًا وتكرارًا أنّ حزب العدالة والتنمية ليس مرتبط بوجوده داخله، وأصرّ على أنّ الحزب سيستمر من دونه ايضًا.
نمتلك قائدًا يستطيع أن يقول عن إنجازاته، بكل صدق وإيمان، أنّ هذه الإنجازات بفضل من الله، فتركيا وصلت إلى ما هي عليه بجهود وعزم القائد أردوغان، والعالم الإسلامي وأطفال فلسطين وسوريا ومصر والبوسنة يرون فيه شعلة أمل تضيء درب المظلومين.
فمن الخطأ تقييم القضية التي يسعى العدالة والتنمية ورائها، من خلال الأشخاص والأسماء، لأنّ هذه القضية لا تتحمل كلمة "أنا" بل تدعو إلى كلمة "نحن"، ولهذا يمكنني أن أقول بأنّه لا يوجد خصام داخل العدالة والتنمية، بل يوجد تجديد وتبادل للأدوار وتقدم.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!
مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس