محمد حسن القدّو - خاص ترك برس
تعود بدايات التعاون التركي المغربي إلى عام 1982 عندما تم التوقيع على الاتفاقية التجارية بين البلدين، وكانت تلك الاتفاقية هي الأرضية الصلبة لمزيد من الاتفاقيات المتلاحقة حيث أعقبها بعد مرور عامين التوقيع على الشراكة الاقتصادية والعلمية والتقنية، وتوالت الاتفاقيات المشتركة حتى تم الاتفاق على إنشاء مجلس الأعمال المغربي التركي في عام 1990.
بعد وصول حزب العدالة والتنمية إلى سدة الحكم في تركيا ولرغبة قادتها بتحسين العلاقات بين تركيا وبين الدول العربية والإسلامية والتي تراها كالفضاء المفتوح لإقامة أوثق العلاقات الأخوية وما تتبعها من علاقات اقتصادية واجتماعية وثقافية.
وتستثمر تركيا عضويتها في منظمات إقليمية في قارة أفريقيا في إقامة أوثق التعاون بينها وبين الدول العربية والإسلامية في القارة ومن ضمن علاقاتها حصولها على منصب مراقب في الاتحاد الأفريقي عام 2005 ثم حليفا استراتيجيا في عام 2008، وانضمت تركيا إلى البنك الأفريقي للتنمية وكذلك إلى التجمع الاقتصادي لغرب أفريقيا، وآخر نشاطات العلاقات التركية مع أفريقيا كانت في عقد المؤتمر التركي الأفريقي.
إن إحاطتنا للعلاقات الاقتصادية بين المغرب وتركيا وبين تركيا والقارة الأفريقية تأتي بسبب الأهمية القصوى التي تعتمدها الدول عند إقامة علاقات دبلوماسية ترجع بالنفع العام للجانبين، ومن هذا المنطلق تتحدد السياسة المغربية حول إقامة أفضل العلاقات السياسية والاقتصادية بينها وبين باقي الدول بصورة طبيعية وبإرادة حرة، وفي هذا الصدد أكد جلالة الملك محمد السادس أن "المغرب حر في قراراته واختياراته وليس محمية تابعة لأي بلد. وسيظل وفيا بالتزاماته تجاه شركائه، الذين لا ينبغي أن يروا في ذلك أي مس بمصالحهم"، وفي هذا إشارة واضحة إلى استقلالية القرار المغربي عند إقامة العلاقات بينها وبين باقي البلدان كما يدل على التزام المغرب بكافة الاتفاقيات الاقتصادية والتجارية، فالمغرب دولة مستقرة سياسيا واستطاعت الوفاء بكافة التزاماتها في كل الاتفاقيات الدولية والإقليمية.
أما تركيا والتي أعلنت سابقا أن عام 2005 عام أفريقيا في مسعى منها على الانفتاح على القارة الأفريقية، والدور التركي الجديد في علاقاتها الدولية بعد وصول حزب العدالة والتنمية إلى الحكم، باعتبارها دولة مركزية فهي تضطلع بدور محوري وليس بدور هامشي في السياسة في منطقتها الإقليمية، إضافة إلى أن تركيا تعد من ضمن مجموعة العشرين الأفضل اقتصادا في العالم، كما أن الاقتصاد التركي هو ضمن سبع دول صاعدة اقتصاديا في العالم، وتأتي تركيا بعد الصين في النمو الاقتصادي وحسب تقرير أعده مركز الدراسات بالكونغرس الأمريكي.
إن تطوير العلاقات بين المغرب وتركيا وعلى كافة الأصعدة أصبحت من الضرورات الحتمية التي تفرضها الواقع وخصوصا بعد توقيع عدد من الاتفاقيات الاقتصادية والتجارية والعلمية باتجاه إقامة شراكة استراتيجية بين الدولتين لاعتبارات عدة منها تطابق وجهات النظر بين الدولتين حول معظم القضايا التي تهم البلدين والشعبين والمنطقة بأسرها، إضافة إلى رغبة البلدين في توسيع آفاق علاقاتهما الدولية والإقليمية وبالأخص العلاقات بين الدول العربية والإسلامية وكما أشرنا إليها في البداية، إن توجه البلدين إلى إقامة شراكات اقتصادية متكاملة وشكل من أشكال التعاون الاستراتيجي مع دول الخليج العربي هو أيضا عبارة عن ضوء أخضر للطرفين لتطوير علاقاتهما دون تردد بسبب قوة علاقاتهما ووجود أرضية صلبة وثقة متبادلة بين الدولتين مع دول الخليج العربي.
أما القضايا الفنية أو التفاصيل التي تحدد مراتب وسرعة وكيفية تطوير وتطبيق أشكال العلاقات التجارية والاقتصادية فهي أيضا تتيسر وتحل عند وجود النيات المخلصة الاخوية في الدعم المتبادل أو مراعاة الظروف الاستثنائية التي قد تؤدي إلى تأخير عملية تطوير العلاقات الاقتصادية. ولسنا هنا في صدد مناقشة الأمور الفنية ولكن وحسب تصورنا أن تشهد العلاقات الأخوية بين الأشقاء المغاربة والأتراك قفزة نوعية واسعة على غرار العلاقات المغربية الخليجية وكذلك على غرار العلاقات التركية السعودية أو القطرية. كما أتصور أن تكون هناك زيارات على أعلى المستويات بين قادة البلدين لدعم هذا التوجه والضروري الأخوي.
بدأت العلاقات الدبلوماسية بين المملكة المغربية والجمهورية التركية منذ عام 1956، فهل تشهد سنة 2016 إقامة علاقات استراتيجية بينهما؟...
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!
مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس