أوكاي غوننسن – صحيفة وطن – ترجمة وتحرير ترك برس
لقد أعدت الحكومة التركية مسودة "لخارطة طريق" جديدة متعلقة بعملية السلام التركية الكردية، وقد قدمت هذه المسودة إلى حزب الشعوب الديمقراطي الكردي، الذي بدوره أوصلها إلى قادة الأكراد في جبل قنديل، الذين سيتدارسونها قبل إرسالها إلى سجن "إمرالي" من أجل أن يطلع عليها زعيمهم عبد الله أوجلان.
يرى محللون أن خارطة الطريق هذه تعني الوصول إلى المرحلة النهائية على طريق المفاوضات بين الدولة التركية وبين الأكراد، معتبرين أنّ خارطة الطريق التي تم تقديمها هي الأكثر جدية والأكثر قربا لتطبيقها على أرض الواقع.
وبهذا نكون قد وصلنا إلى أهم مفترق طرق في عملية السلام التي انطلقت قبل عامين، ونحن نتوقف على هذا المفترق بوجود اتهامات متبادلة بين الطرفين.
فبالنسبة للحكومة التركية ترى أن الأكراد قد انتهكوا وعودهم التي قطعوها على أنفسهم بعد استخدام السلاح خارج الحدود التركية، عندما حاولوا استغلال الأحداث في عين العرب "كوباني"، مشعلين موجة من الفوضى تمهيدا وتحضيرا "لانتفاضة" كردية محتملة.
في الجهة المقابلة يرى الأكراد أن الحكومة التركية لم تتخذ أي خطوة ملموسة على طريق عملية السلام، فهي ترى أنّ الدولة التركية "تتلاعب" في عملية السلام كما تشاء، وتتهم أنقرة بأنها غضت الطرف عن المجازر المرتكبة في عين العرب "كوباني".
لكن الأكراد لا يعبّرون بوضوح عن الخطوة الملموسة التي يريدونها من أنقرة، فحتى إن التعديلات الدستورية في الدولة التركية والتي جرت بعد أحداث كوباني خلقت تأثيرا معاكسا على الأكراد.
بدءوا بإطلاق شكوكهم حول النوايا الحقيقية لأنقرة من هذه التعديلات الدستورية، وفهموها على أنها ستكون موجة جديدة من الضغط على الأكراد في المحافظات الجنوبية للبلاد. وتمسكوا طويلا بطلب فتح ممر إلى كوباني لدعم المقاتلين هناك بالسلاح، هذا الطلب الذي رفضته تركيا بشدة، أدى إلى اعتقاد الأكراد بأنّ أنقرة تريد "استهلاك شعب كوباني".
فتح ممر إلى عين العرب "كوباني" يعني تزويد المقاتلين الأكراد هناك بالسلاح القادم من شمال العراق عبر الأراضي التركية، ومن الطبيعي أن ترفض أنقرة هذا الطلب، لأن المشاكل التي سيجلبها فتح الممر معروفة للجميع.
في خضم هذه المشاكل وهذه الاتهامات المتبادلة، خرج البعض بتصريح سلبي للغاية عندما قالوا :"داعش، بي كا كا (حزب العمال الكردستاني)، بي يي دا (حزب الاتحاد الديمقراطي) متماثلون ولا فرق بينهم"، وبهذا يكونون قد ربطوا الأحداث الجارية في كوباني بصورة مباشرة بعملية السلام.
في وسط هذه الأحداث والشكوك والاتهامات المتبادلة، قامت الحكومة التركية بعرض مسودة لخارطة طريق جديدة لعملية السلام، ومناقشة هذه الخارطة في هذا التوقيت بالذات أمر بالغ الأهمية، لأن ذلك قد يزيل شكوك الأكراد حول "تلاعب" أنقرة بعملية السلام.
خرج علينا حزب الشعوب الديمقراطي الكردي بتصريح هام، بعد مناقشة خارطة الطريق مع القادة الأكراد في جبل قنديل، حيث قالوا "إننا ملتزمون بقرار زعيمنا الذي بدأ عملية السلام".
الزعامة الكردية تتمثل بعبد الله أوجلان، وسيكون هو صاحب الكلمة الأخيرة حول مسودة خارطة الطريق التي تم تقديمها، ففي المكتوب الذي صدر من أوجلان لإيقاف الاضطرابات التي حصلت احتجاجا على الأحداث في كوباني، قد ركّز على مصطلح "التفاوض" وأن طاولة المفاوضات اليوم يُبحث عليها مواضيع هامة للغاية وأنّ التفاوض وصل لمراحل متقدمة.
وصلنا إلى أهم مفترق طرق لعملية السلام التركية-الكردية، والتي انطلقت في كانون ثاني/يناير من العام الماضي، وكلنا نعلم جيدا الطريقان اللذان يخرجان من هذا المفترق، فإما سلام عادل يشمل الأكراد والأتراك في تلك المناطق، وإما موجة جديدة من إراقة الدماء، لكنني متفائل جدا، فلم يتبقّ سوى خطوة واحدة لدفن الصفحة السوداء لتسعينات القرن الماضي.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!
مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس