إلنور تشيفيك - ديلي صباح - ترجمة وتحرير ترك برس
في ثمانينيات وتسعينيات القرن الماضي انتشر الشعارٌ قوميٌّ متداول "تركيا تنتمي إلى الأتراك"، والّذي يلخّص كل المشاكل التي سبّبها الشوفينيون الأتراك. في ذلك الوقت كُنّا قد عارضنا مثل هذه الشعارات، وكُنّا نُوصف بالخونة الذين يريدون انهيار البلاد. وقد حاولنا أن نشرح لهؤلاء أنّ هذا المنهج في الواقع يغذّي الانقسامات ويخلق مزيداً من المشاكل لمستقبل البلاد. مضى الوقت وثبت أنّنا كُنّا على حقّ.
اليوم فهم بعض العُقلاء أنّ تركيا لا تنتمي إلى الأتراك وحدهم، فهي تنتمي لكل من يعيش على التراب التركي ويقبل أن يكون مواطناً في الجمهورية التركية. حان الوقت ليدرك أكراد تركيا أنّ جنوب شرق الأناضول لا ينتمي للأكراد فقط ولكنّه جزء من الدّولة التي تنتمي لنا جميعاً.
ونحن نحتفل بالذكرى الحادية والتسعين للجمهورية التركية، على كل مواطن أن يفهم أنّ كل شبر من هذه الدولة ينتمي لمواطنيها بغض النظر عن لونهم أو أصلهم العرقي أو لغتهم أو أصولهم.
عملية المصالحة والسّلام بين أنقرة ومسلّحي أكراد تركيا أظهرت بشكل واضح أنّه حتّى الشوفينيون الأتراك يدركون أنّ عليهم أن يقبلوا حقيقة أنّ هذه البلاد تنتمي لهؤلاء الذين يسمّون أنفسهم مواطني الجمهورية التركية. مع ذلك، نجد أنفسنا تحت ضغط شديد حين نقول إنّ الشوفينيين الأكراد وصلوا إلى نقطة أدركوا خلالها أنّهم جزء من هذه البلاد. فهم لا يزالون يتصرفون وكأنّهم مواطنو دولة أخرى وأنّها ليست إلا مسألة وقت قبل أن يتمّ تأسيس الدّولة الكردية الكبرى في الأراضي التركية والعراقية والسورية.
ينبغي على الأكراد أن يدركوا أنّهم لن يكونوا في الواقع جزءًا من أي دولة كردية كُبرى وأنّ رهانهم في أحسن الأحوال هو على بقاء الجمهورية التركية وأن يغنموا من إمكانياتها وغِناها.
إخوتنا وأخواتنا الأكراد يعيشون في جميع أنحاء البلاد، على الرغم من أنّ غالبية سكّان جنوب تركيا أكراد. إسطنبول تحتضن العدد الأكبر من الأكراد في هذه العالم في حين يشكل الأتراك غالبية سكانها. ولا يمكن لأحد أن يطرد الأتراك خارج جنوب شرق الأناضول كما لا يستطيع أحد أن يطرد الأكراد خارج إسطنبول. نحن كلّنا مجبرون على العيش سوية وأن نتمنّى أن تتمخّض عملية السلام والمصالحة عن نتائج إيجابية.
هؤلاء الذين يظنّون أنّنا بتدميرنا عملية السلام هذه يمكننا أن نحصد مكاسب هم مخطئون تماماً. الجميع سيخسر ولكنّ الأكراد سيكونون الخاسر الأكبر. يُمكِن للأتراك والأكراد المعتدلين أن يحافظوا على بقائهم ويُقدِّموا تعويضات. لكنّ المُسلّحين من الأكراد سيكونون على الأقل ممحيّين من العمليّة.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!
مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس