ترك برس
تُعد حديقة "ديمقراطية ماجكا" (Maçka Demokrasi) بإسطنبول المكان الأنسب لتفريغ الذهن من الانشغالات التي تفرضها حياة المدينة، واستنشاق الهواء النقي الذي سيساعدك على رؤية العالم من منظورٍ أكثر ثباتًا وسلامًا، بالإضافة للتخلص من العزلة الطبيعية التي باتت تفرضها حياتنا اليوم.
في عام 1993، تغير اسمُ حديقة ماجكا ليصبح "ديمقراطية ماجكا" بعد أن تم إصلاح المساحة الخضراء التاريخية في وسط إسطنبول لشكلها الحالي. اسمها مستوحى من سكان البحر الأسود الأناضول- يونانيين الذين انتقلوا إلى إسطنبول بعد سيطرة السلطان محمد الفاتح على طرابزون، وذلك بعد ثماني سنوات من فتحه للقسطنطينية.
بدأ تاريخ الحديقة كمتنزه في منتصف القرن التاسع عشر، بعد تمديد حدائق قصر "دولما بهشه" (Dolmabahçe) حيث كان يركب الأمراء العثمانيون الخيول ويبحرون على طول مجاريها التي باتت مجففة الآن.
إن وجود الديمقراطية وتركز هذا المفهوم الايديولوجي الذي يعد مثالًا للحرية الفردية في قلوب الناس، لا بدّ وأن ينعكس على بيئتهم الخارجية. وتعدّ أماكن الحفظ الإيكولوجي (البيئي) كالحدائق الحضرية والغابات الوطنية مثالًا على ذلك، فهي امتدادٌ للديمقراطية بشكلٍ أساسي. فحينما تحقق تلك الأماكن التوازن بين احتياجات الناس وبين الإنتاج الحيواني والنباتي المحلي فإنها بذلك تعزز الحق العالمي في الحياة والحرية.
في السبعينيات من القرن الماضي، تم إهمال الحديقة من قبل مسؤولي المدينة، وصارت ممرًّا للعصابات ومكانًا يروي الحكايات المأساوية للمشردين والأيتام الذين لم يجدوا غيرها مأوىً لهم. وفي عام 1993 أصبحت الحديقة رمزًا من رموز الديمقراطية التركية، فخضعت لترميم شمل افتتاح مرافق رياضية وملاعب وعربات قطار امتدت عبر الوادي.
وتعد ديمقراطية ماجكا الحديقة المركزية لإسطنبول، فهي تعج بلاعبي الرياضة وراكبي الدراجات الذين يزورونها بشكلٍ يومي. وعلى طول الطرق المتعددة فيها، يحتسي السكان المحليون الشاي ويتبادلون أطراف الحديث.
وفي العديد من عطلات نهاية الأسبوع وعلى مدار العام، تصدح مكبرات الصوت من الحفلات الموسيقية في الحديقة المجاورة "كوشوك شيفتليك" (Küçükçiftlik) في حين تسيطر أجواء الاحتفال بمهرجان موسيقى ديمقراطية ماجكا. وعلى امتداد الشارع من مدخلها الجنوبي الشرقي تصدح أصوات المشجعين الفخورين بناديهم نادي بيشكتاش للجمباز (BJK) ويلوحون بالأعلام منادين بشعارات الحب للرياضة التنافسية.
وقد أعلنت بلدية إسطنبول في شهر أيار/ مايو من هذا العام عن بناء جسر بيئي يصل بين ديمقراطية ماجكا وحديقة "غيزي" (Gezi Park)، لا يزال قيد الإنشاء. ولا تزال المدينة تبذل جهودها للاعتناء بديمقراطية ماجكا والاهتمام بها باعتبارها رمزًا من رموز الديمقراطية والحرية الطبيعية في البلاد.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!