ترك برس
أثارت اعترافات الناطق المنشق عما يسمى "قوات سوريا الديمقراطية" التي تناقلتها وسائل اعلام عربية و تركية، الكثير من ردود الفعل لدى المتابعين والخبراء، والذين ربطوا أساليب الولايات المتحدة في أكثر من منطقة في العالم،على غرار تشكيلها لمجموعة بلاك ووتر ذائعة الصيت.
اعترافات "طلال سلو" الناطق المنشق عما يسمى بـ"قوات سوريا الديمقراطية"، التي يشكل تنظيم "ب ي د" (حزب الاتحاد الديمقراطي) ذراع منظمة "بي كا كا" الإرهابية في سوريا، عمودها الفقري، سلطت الضوء على خفايا تقديم الولايات المتحدة الأميركية الأسلحة لمسلحي "ب ي د" و"بي كا كا" تحت ستار التشكيل الجديد.
ووفقا لاعترافات "سلو" السبب الأساسي (لهذه التسمية) هو اتفاق الولايات المتحدة الأميركية مع قيادة بي كا كا،و حسب المعطيات، كان هناك توجه من قبل أميركا لدعم الأكراد بالسلاح والعتاد، ولئلا يحدث صدمة لدى الرأي العام بخصوص تقديم الدعم للأكراد فقط، شكلوا قوات سوريا الديمقراطية،السلاح كان يرسل للتشكيل الجديد "قوات سوريا الديمقراطية" قبل التشكيل والتسمية.
ومن ضمن ما اعترف به "سلو" الناطق السابق المنشق، أن كل الأفكار كانت توضع من قبل بريت ماكغورك، المبعوث الأميركي للتحالف الدولي ضد داعش، فأثناء عمليات تحرير الرقة، طلب تشكيل قوة باسم التحالف العربي،مهمة هذه القوات تمثلت فقط في استلام الأسلحة.
وقد تم استلام كميات كبيرة من الأسلحة بالفعل، غير أنه لم يوزع على العرب والتركمان والسريان فعليا سوى أسلحة خفيفة، التحالف حمل اسم العرب إلا أنّه لم يملك شيئا،والمجلس العسكري لدير الزور (التابع لقسد وهو الاسم المختصر لقوات سوريا الديمقراطية) كانت مهمته التوقيع فقط.
أميركا كان لديها علم بهذا، وهم أرادوا عمدا هذه المسرحية، كل هذه الألاعيب حيكت من أجل عدم ظهور حقيقة وصول هذه الأسلحة إلى بي كا كا، إلا أننا كنا على ثقة بأن الأسلحة المتطورة كانت تذهب لـ "بي كا كا" و"ي ب ك".
الخبير في العلاقات الدولية الدكتور باسل الحاج جاسم، قال في حديث خاص لـ"ترك برس"، إن الأسلوب والبصمات الأميركية تعيد للأذهان اسم بلاك ووتر، مع العديد من الاختلافات حتى الآن بين التركيبتين الأميركيتين.
بلاك ووتر منذ تأسيسها أخذت طابع عالمي، تقدم خدمات أمنية للأفراد والحكومات وخاصة الحكومة الأميركية، ورصدت مواقع بحثية نشاط لها في أكثر من قارة، وبالتاكيد تنفذ ايضا عمليات سرية.
المجموعة الاخرى التي نشطت مؤخرا في سوريا وبحسب اعترافات منشق سابق عنها، فان القائد الفعلي لتلك المجموعة هو مسؤول اميركي بارز (بريت ماكغورك) سبق وطالبت تركيا من واشنطن تغييره.
وهذا يدفعنا للقول عند المقارنة مع بلاك ووتر: واشنطن عندما اتخذت الامتداد السوري لحزب العمال الكردستاني التركي حليفا لها في الحرب على داعش، أطلقت عليه تسمية قوات سوريا الديمقراطية بعد أن أدخلت فيه بعض الوجوه العربية التي لا تملك من أمرها شيئا، وذلك لإعطائه طابع سوري امام الاعلام والراي العام العالمي، وايضا من جهة اضفاء شرعية لها كطرف سوري معارض.
ويتابع الحاج جاسم، من جهة ثانية لالغاء كل ماضي الامتداد السوري للعمال الكردستاني، وإلباسه ثوب جديد لتسويقه دوليا، وهذا ما نراه اليوم من محاولات لاشراكهم في محادثات جنيف السورية، وهنا في اختلاف عن بلاك ووتر عملت المجموعة الاميركية الجديدة فقط داخل الساحة السورية تحت مسمى "قوات سوريا الديمقراطية"، وطالت عملياتها الأراضي التركية بحسب الكثير من المصادر التركية، وقد تكون لديها أعمال أخرى خارج حدود دول المنطقة، على اعتبار وجود رعايا الكثير من الدول (متعددة الجنسيات) ضمن صفوفها، وانما هنا لابد من منشقين آخرين على غرار ما فعله "سلو" لتتضح الصورة اكثر لسجلات نشاطهم العالمي".
واستدرك الحاج جاسم، ذريعة محاربة داعش في تشكيل هذه المجموعة لا تنطلي على أحد، فلو اختارت واشنطن أي فصيل سوري و دعمته لاستطاع ايضا محاربة داعش".
من جانبه، رأى المحلل السياسي اللبناني نضال السبع، في حديث لـ"ترك برس"، إن حديث "طلال سلو" الناطق السابق عما يسمى بـ"قوات سوريا الديمقراطية"، لا يكشف فقط العلاقة الملتبسة بين الولايات المتحدة وتنظيم "ب ي د/ بي كا كا"، بل انه ايضا يضيء على علاقة هذه التنظيمات الإرهابية الانفصالية مع تنظيم داعش الارهابي، وهذا ما يدفعنا الى مراجعة بيانات وزارة الدفاع الروسية خلال معركة دير الزور الاخير والتي اشارات بشكل واضح وصريح الى التعاون الواضح بين الانفصاليين الاكراد وتنظيم داعش ورعاية القوات الامريكية لعناصر داعش الارهابية.
واستدرك السبع أن المشاريع الأميركية دوما من بلاك ووتر، إلى "قوات سوريا الديمقراطية" وقبلها كذلك في افغانستان لا تحمل الخير لأهالي البلاد الاصليين.
وسبق وقالت صحيفة "يني شفق" التركية إن من بين قتلى مقاتلي تنظيم PYD الإرهابي في سوريا، الذين سقطوا في العام 2016 الماضي، 550 عنصرا هم مواطنون يحملون الجنسية التركية، وفق تقرير نسبته الصحيفة إلى المخابرات التابعة للنظام في سورية، وأن التقرير يشير إلى أن نحو 55% من مقاتلي هذا التنظيم الإرهابي جاؤا من جبال قنديل من أصول تركية، حيث وضع في التقرير تاريخ ميلادهم وصورهم، وأن أكثرهم من دياربكر وسروج.
وأفادت وسائل إعلام تركية، أنه تشرف جمعيات وهمية في الولايات المتحدة وعدد من المدن الأوروبية، على إرسال مقاتلين أجانب للقتال بصفوف تنظيم "ب ي د" الإرهابي في سوريا، وبحسب صحيفة تقويم التركية، فإن عدد المقاتلين الأجانب في صفوف "ب ي د" الفرع السوري لمنظمة "بي كا كا" الإرهابية، يتخطى السبعة آلاف إرهابي.
وأشارت الصحيفة إلى أن ولاية تكساس الأميركية تعمل كمركز نقل الإرهابيين إلى سوريا، عبر الجمعيتين الوهميتين "دويخا ناوشا" و"بونتش أوف دامن ريدز".
وأكدت أن جمعيات في بروكسل البلجيكية وبرلين الألمانية وأمستردام الهولندية وكوبنهاغن الدنماركية وفيينا النمساوية وباريس الفرنسية ولندن البريطانية، تقدم خدمات استشارية، للإرهابيين المرشحين الراغبين في الانضمام إلى "ب ي د" في سوريا.
وأوضحت الصحيفة، أن الإرهابيين يتلقون تدريبات نظرية لثلاثة أسابيع، ومن ثم يتم إرسالهم إلى العراق جوًا عبر إصدار جوازات سفر مزورة لهم، ليتم تأمين انتقالهم إلى معسكرات التنظيم الإرهابي.
وتساءل الدكتور باسل الحاج جاسم، الباحث في العلاقات الدولية، خلال حديثه لـ"ترك برس"، بأنه بعد كل ما سمعناه، هل يحق لمسؤول اميركي الزج باسم سوريا الدولة التي جذورها ضاربة بعمق تاريخ الإنسانية في أعمال لا علاقة لسوريا والسوريين بها؟!!، وكيف سيكون رد الشعب الأميركي إذا ما قامت روسيا أو الصين أو حتى كوريا الشمالية على سبيل المثال بتشكيل مجموعات ربما يحمل بعض أعضائها الجنسية الأميركية وأطلقت عليهم تسمية تحمل اسم اميركا".!!!
ومن ضمن ما كشفه المنشق المتحدث السابق "طلال سلو"، بان الاميركيين تكلموا عن وحدة المكونات (الخاصة بقسد "قوات سوريا الديمقراطية") ولكن لا وجود لهذا الأمر. والمكون الأساسي هو الكردي، والقيادة الأساسية التي تمتلك كل القرارات هي قيادة "بي كا كا" الإرهابية، تكلموا عن القضاء على الإرهاب، وتفاجأنا لأنه حين يجري القضاء على الإرهاب نرى عملية تهريب لعناصر تنظيم داعش، ووجدنا أن العملية تمت بالاتفاق بين قيادة "قسد" وشاهين جيلو (قيادي في بي كا كا) والقيادة الأميركية،إذا الغاية من التأسيس تمثلت في شعارات كاذبة فقط لا غير تمت بموجب اتفاق بين الإدارة الأميركية وقيادة "بي كا كا".
وأضاف السبع "نحن الآن أمام فضيحة كبيرة تستدعي تحرك أممي لفتح تحقيق عاجل بعد المعلومات الخطيرة التي أدلى بها السيد طلال سلو، خاصة أن المشروع الكردي الانفصالي فى الشمال السوري، لا يستهدف تقسيم سوريا فقط بل انه يمتد الى العراق وتركيا، أضف إلى ذلك أن الإرهاب المتنقل الذي استهدف العراق سوريا تركيا ، يجب أن يشكل دافعا للتنسيق الأمني بين الدول الثلاثة من اجل تقاطع المعلومات ، وأعتقد أن روسيا تعمل على هذا الامر.
واختتم الحاج جاسم حديثه لـ"ترك برس"، "علينا ألا نستغرب قيام تركيا أو حتى النظام السوري في دمشق بإصدار مذكرات اعتقال بحق مبعوث واشنطن ماكغورك لدوره في تهديد أمن تركيا القومي وكذلك زرع بذور تقسيم الجمهورية العربية السورية".
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!