أكرم كيزيلتاش – صحيفة تقويم – ترجمة وتحرير ترك برس
كانت زيارة الرئيس أردوغان إلى اليونان تحمل أهمية أكبر بكثير من مجرد كونها أول زيارة على الصعيد الرئاسي بعد مرور 65 عاماً على آخر زيارة رئاسية إلى اليونان، لم تكن زيارة طبيعية لأن الحكومتين كانتا تسيران على مسار ثابت في إيجاد الحل لبعض القضايا التي تحتوي على المشاكل التي يتوجب إنهاؤها، إذ كان جدول الأعمال كثيف جداً بسبب المشاكل الموجودة فيما يخص بحر "إيجه" والنزاعات حول بعض الجزر وإيجاد الحل لمشاكل الأقلية التركية في اليونان، ويبدو أن ذلك كان السبب في وجود الوزراء ورئيس الأركان العامة وكبار المسؤولين التنفيذيين ضمن الوفد الذي رافق الرئيس أردوغان خلال زيارته.
وكانت إحدى مميزات هذه الزيارة تدخّل المسؤول الرئيس عن إيجاد الحل للمشاكل الموجودة ومحاولة الطرفين للحصول على نتائج سريعة بدلاً من اللجوء إلى المفاوضات الطويلة الأمد، إضافةً إلى أن استقبال الرئيس أردوغان وسط تدابير أمنية مكثفة جداً، كانت دليلا على أن الجانب اليوناني قد منح أهمية كبيرة لهذه الزيارة، ولذلك إن المقارنات التي أجراها الأشخاص المختصون بالمسألة بين التدابير الأمنية التي اتخذت في مدينة أثينا اليونانية خلال زيارة الرئيس الأمريكي السابق "أوباما" والتدابير المتخذة خلال زيارة الرئيس أردوغان لم تكن عبثاً، إذ كان إيقاف السير في الطرق الواصلة بين المدينة والمطار وإحاطة الفندق المخصّص لأردوغان بالتدابير الأمنية بعضا من الإجراءات المتخذة على الصعيد الأمني، كما كانت اللقاءات التي أجريت على نحو مكثف طوال اليوم مركز اهتمام وسائل الإعلام التركية واليونانية، إذ أتيحت الفرصة أمام أجهزة الإعلام اليونانية التي تهتم بنشر المشاكل الموجودة بين البلدين للحصول على أخبار يمكن اعتبارها الأكثر أهمية خلال السنوات الأخيرة.
إيجاد الحل بالنقاش والحوار
وكان من المفهوم أن جميع النزاعات القائمة بين الحكومتين قد نوقشت علنا في المحادثات التي أجريت بين الرئيس التركي رجب طيب أردوغان والرئيس اليوناني "بافلوبولوس|، وكذلك مع رئيس الوزراء اليوناني "تشيبراس"، كما شهد النقاش القائم بين الطرفين على بعض النزاعات من وقت لآخر بسبب الخلافات التي طال أمدها لعدة سنوات، في حين حاولت بعض أجهزة الإعلام إبراز هذه النزاعات خلال أخبارها، وتم التعليق على تلك الأخبار بأن المفاوضات بين الرئيسين كانت صعبة للغاية إلى جانب وجود مواجهات حاسمة بين الطرفين، لكن في الوقت نفسه تشير هذه التعليقات إلى استمرار المفاوضات وإيجاد الحل للخلافات الموجودة بين الحكومتين.
وقد أظهرت المؤتمرات الصحفية المشتركة التي أجريت عقب الاجتماع إلى أن قادة البلدين عازمون على إيجاد سبيل لحل المشاكل على الرغم من اختلاف وجهات النظر، في حين أدى اجتماع قادة البلدين والمسؤولين على الصعيد التنفيذي الذين واجهوا مشاكل محتلفة فيما بينهم ومناقشتهم للقضايا الهامة على مختلف المجالات بشكل صريح وصدر رحب إلى زيادة الآمال في خصوص إيجاد طريق الحل، وذلك يعني تطور العلاقات وتنمية التعاون بين دولتين متجاورتين بهدف فض النزاعات التي تخدم مصالح القوى الأخرى بوجودها، وبذلك نلاحظ مرة أخرى أن عبارة "الجار بحاجة الجار" المستخدمة كثيراً في تركيا لم تقال عبثاً، ولا شك في أننا سنبدأ برؤية انعاكس النتائج الإيجابية للزيارة التي أجراها الرئيس أردوغان بمشاركة وفد واسع جداً على الساحات المختلفة خلال القريب العاجل.
يبدو أن الأيام التي ستنتهي فيها النزاعات حول بحر "إيجه"، والتي لن تعود بعض الجزر لتشكّل مصدر نزاع، والأيام التي سيتم فيها منح أتراك غرب "تراكيا" بعض الحقوق المشابهة لتلك التي مُنحت للمواطنين الأتراك من الأصل الروماني وستكون اليونان أكثر حساسية في خصوص المنظمات الإرهابية مثل تنظيم الكيان الموازي التي تشكل خطراً بالنسبة إلى تركيا لم تعد بعيدة الأمد، وكذلك يمكن أن نأمل تعويض نقص المساجد في مدينة أثينا اليونانية بصفتها الدولة الأوروبية الوحيدة التي لا يوجد فيها أي مسجد للمسلمين.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!
مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس