ترك برس
خيبة أمل واضحة بدت في تعليقات الصحف الإسرائيلية على نتائج الانتخابات الرئاسية والبرلمانية في تركيا بعد أن كانت تمني النفس خلال الأيام القليلة الماضية بقدرة لمعارضة التركية على إلحاق الهزيمة بالرئيس رجب طيب أردوغان وحزب العدالة والتنمية الحاكم.
في صحيفة "يسرائيل هيوم" اليمينية الإسرائيلية المقربة من ديوان رئيس الحكومة، بنيامين نتنياهو، اتهم المعلق السياسي، إلداد باك، المعارضة التركية المتشرذمة بأنها كانت السبب وراء انتصار أردوغان الذي جاء نتيجة عدم قدرة خصومه السياسيين على التوحد في وقت مصيري ضد نظام الاستبداد، الذي يدمرهم هو وبلادهم بشكل منهجي، على حد زعمه.
ويضيف إلداد أنه لم يكن يُتوقع من أحزاب المعارضة التركية أن تقسم أصواتها بين خمسة مرشحين ضد أردوغان، وأن تتوحد وراء ترشيح زعيم كاريزماتي يمكن أن ينافس بقوة الرئيس الحالي، لكن هذا لم يحدث.
وتابع بالقول إن أردوغان تمكن لهذا السبب من تخطي جميع العقبات بسهولة في طريقه وتحقيق هدفه، من أن يصبح الخاكم القوي لتركيا حتى عام 2022 (هكذا كما يقول وليس 2023) وهي الذكرى المئوية لتاسيس الجمهورية التركية لتركيا، حيث يأمل أردوغان في في استكمال عملية الانفصال المتسارع عن المبادئ العلمانية التي وضعها أبو تركيا المعاصرة كمال أتاتورك.
وتتبدى حسرة المعلق الإسرائيلي من فوز أردوغان، في ختام مقاله حيث دعا الكنيست إلى وجوب الاعتراف بما يسمى الإبادة الجماعية للأرمن، كما حث على الحكومة الإسرائيلية على الاعتراف بحق الأكراد في تقرير المصير وإقامة دولة خاصة بهم، وأن على جميع الهيئات الإسرائيلية الرسمية أن تحشد لإقناع الغرب بأن تتحاشى التعاون مع تركيا.
وكان واضحا رد الفعل المستاء من فوز أردوغان في التحليل الذي كتبه نمرود جورين مدير المعهد الإسرائيلي للسياسة الإقليمية الخارجية، حيث يعج تحليله بمتناقضات أبعد ما يقع فيها باحث مبتدئ.
بدأ جورين مقاله بالحديث عن أن تركيا شهت قبل الانتخابات حركة ديناميكية بدا أنها يمكن أن تجبر أردوغان على خوض جولة ثانية من انتخابات الرئاسة، أو على الأقل منع حزبه من الحصول على الأغلبية البرلمانية التي يتمتع بها منذ عام 2002. وعقدت المعارضة مهرجانات انتخابية في جميع أنحاء البلاد، ونجحت أحزاب المعارضة المختلفة أيديولوجيا في العمل معا من أجل تحقيق الهدف المشترك وهو إضعاف أردوغان.
ولكن الباحث الإسرائيلي سرعان ما يناقض نفسه في الفقرة التالية حين يذكر أن تركيا أجرت الانتخابات في ظل قانون الطوارئ الساري منذ محاولة الانقلاب السابق، ويتحدث عن منع المعارضة من القيام بحملة انتخابية على قدم المساواة مع الحزب الحاكم.
ويستمر تناقض الباحث الإسرائيلي فيقول إن أردوغان يتمتع بقاعدة شعبية متينة وصلبة ترى أنه زعيم وطنيا لا بديل له، ويتباهى أنصاره بالاستقرار السياسي والاقتصادي الذي جلبه لتركيا، ويعدونه زعيما رفيع الشأن رفع من مكانة تركيا في الخارج.
ويضيف أن أردوغان نجح في الانتخابات بفضل تحالفه مع حزب الحركة القومية الذي كان معارضا لأردوغان في السابق ثم أصبح خليفا له منذ بضع سنوات وشكل الحزبان تحالفا انتخابيا. أما ميرال أكشينير التي انشقت عن الحركة القومية وكان ينظر إليها على أنها الأمل الجديد في السياسة التركية فلم تحقق الآمال فحصل حزبها على نسبة ضعيفة بينما لم تجصل هي سوى على 8% من الأصوات في انتخابات الرئاسة.
كما ينوه إلى أن التوقعات عشية الانتخابات كانت تقول إن دخول حزب الشعوب الديمقراطية الكردي إلى البرلمان سيعطي الأغلبية للمعارضة، ولكن النسبة المتدنية التي حصل عليها الحزب الصالح، وفوز حزب الحركة القومية بنسبة أكثر من المتوقع، بعد إخفاق أكشينر في انتزاع أصوات منه، ضمنت لأردوغان برلمانا كما يريد.
أما في صحيفة هآرتس فكتب سيمون والدمان معددا أسباب فوز أردوغان محملا المعارضة التركية المسؤولية الأكبر في ذلك بسبب خلافاتها الداخلية، وتعويلها على نجاح ميرال أكشينير في انتزاع أصوات حزب الحركة القومية.
وقال والدمان إن أردوغان استطاع بالدعوة إلى انتخابات مبكرة أن يتجنب تداعيات الأزمة المالية التي تواجهها تركيا، في حين احتاج حزب الشعب الجمهوري إلى أسابيع لاختيار مرشحه الرئاسي.
وعندما تمكنت المعارضة أخيراً من التوحد معا جمعها معاً وشكلت "تحالف الأمة"، استطاعت خلق قليل من الضجة، حت اعتقد البعض أن أردوغان قد لا يصل إلى 50 في المئة من الأصوات، وأنه سيجبر على الدخول في جولة ثانية. ورأى آخرون أن العدالة والتنمية قد يفقد الأغلبية البرلمانية إذا نجح حزب الشعوب الديمقراطية في تخطي عتبة الـ 10 في المائة المطلوبة للتمثيل البرلماني.
لكن هذه التقديرات، كما يقول والدمان، كانت مفرطة في التفاؤل، ونجح أردوغان وحزبه في الفوز بالرئاسة والبرلمان معا.
وأرجع والدمان فشل المعارضة إلى الخلافات والمشاحنات السياسية داخل حزب الشعب الجمهوري، حيث استُبعد مؤيدو محرم إينجه من قائمة الحزب التي وضعها رئيس الحزب كمال كليتشدار أوغلو، الذي كان يخشى من تمرد إينجه إذا نجح في تحقيق نتيجة جيدة.
وأضاف أن ميرال أكشينر، زعيمة الحزب الصالح كانت فاشلة، حيث حصلت بالكاد على 7% من الأصوات. وربما فضل فضّل المؤيدون المحتملون التمسك بـحزب الحركة القومية ، ولذلك فإن أكشينير بدلا من سرقة أصوات الحركة القومية أخذت من أصوات حليفها الشعب الجمهوري الذي حقق أسوأ نتيجة له في السنوات الأخيرة.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!