كورتولوش تاييز – صحيفة أكشام – ترجمة وتحرير ترك برس
قام رئيس الجمهورية رجب طيب اردوغان بتوجيه تحذيرات هامة متعلقة بعملية السلام، ومنها أنّه يرى أنّ اجتماع "دولمه باهتشه" لم يكن بالأمر الصائب، كما وقف ضد قرار تشكيل لجنة مراقبة لمتابعة عملية السلام.
لكن في المقابل أعلن نائب رئيس الوزراء بولنت أرنتش عن عزم وإصرار الحكومة على تنفيذ قرار تشكيل لجنة مراقبة، وعند الحديث عن رسالة أوجلان التي أرسلها في عيد النوروز، نجد أنفسنا أمام ثلاثة مواضيع هامة نستطيع نقاشها خلال هذا الأسبوع.
لنبدأ أولا من رسالة عبد الله أوجلان في النوروز، فقد كرر أوجلان رؤيته حول ضرورة إنهاء النزاع المسلح، ولا شك أنّ هذه الرسالة ستنعكس بصورة إيجابية على عملية السلام، وعلينا إعطاء كل جملة تتحدث عن ترك السلاح أهمية بالغة.
علينا القبول بأنّ بيان 28 شباط الذي أعلن عنه بعد اجتماع "دولمه باهتشه" أصبح الآن من الماضي بعد رسالة أوجلان الأخيرة، ومعظم الصحفيين يعتقدون ذلك، لأن ما جاء في رسالة أوجلان في عيد النوروز أصبح شرطا أساسيا لقرار ترك السلاح، عندما طلب "لجنة حقائق"، وبالنسبة لي أعتبر هذه الإضافات والتفصيلات الصغيرة سببها خضوع أوجلان للضغوط من قبل تيار جبل قنديل وحزب الشعوب الديمقراطي ومن التحالف الذي يُشكّل ضد حزب العدالة والتنمية في الداخل والخارج.
ما قام به أوجلان ذكرني بمقابلة له عام 1996 مع عوني أوزغورال، حينما قال أوجلان "إذا أجبرت حزب العمال الكردستاني على ترك السلاح فسوف يقومون بتصفيتي"، واعتقد أنّ هذا الخوف ما زال موجودا لدى أوجلان، فقد حاول تنفيذ خطوة قوية وأصولية لترك السلاح من خلال بيان "دولمه باهتشة"، لكنه أُجبر على تصحيح ما قام به بسبب ردة الفعل التي كانت من الداخل والخارج عليه، وهذا ما قام به في عيد النوروز.
يُعتبر موضوع السلام والمصالحة الوطنية مع الأكراد أهم عُنصر بيد القوى الخارجية والداخلية التي تسعى إلى رسم وإعادة تشكيل المشهد التركي الداخلي كما تشاء، وربما هذا –عملية السلام- هو السلاح الوحيد الذي يمتلكونه، ولهذا من الصعب عليهم أنْ يقوموا باستبعاد أوجلان من هذا الملف.
***
وإذا أردنا الحديث عن تحذيرات اردوغان المتعلقة بآرائه حول اجتماع "دولمه باهتشه" وقرار تشكيل لجنة المراقبة، فإننا نعتبر أنّ اجتماع "دولمه باهتشه" هو من أكثر الخطوات الأصولية التي اتخذتها الحكومة في هذا الملف، فقد قُرأ من هناك نص الحكومة ونص أوجلان، وربما هذا أكثر ما كان يحلم به الأخير، أما الحكومة فقد كانت راضية عن ذلك بسبب دعوة أوجلان لترك السلاح، ونحن قد دعمنا هذا المشهد لما يحتويه من نداء لترك السلاح، لكن الخطاب الذي وجه أوجلان في النوروز لن يسمح بالبناء أكثر على بيان "دولمه باهتشة"، وقد عبّر عن ذلك بولنت أرنتش عندما قال عن رسالة أوجلان "كان بالإمكان أنْ يكون الخطاب أكثر إيجابية، فهذه الرسالة لم تلبي طموحاتنا".
وعند النظر إلى إهمال جبل قنديل ودمرطاش لبيان "دولمه باهتشة"، وبالتذكير بهجومهم غير المسبوق على رئيس الجمهورية اردوغان، نرى أنهم فعليا لم يطبقوا مبدأ "خطوات متبادلة" لعملية السلام، فبدلا من أنْ تقوم الحكومة بالقبول بطلبهم تفعيل "لجنة مراقبة"، عليها أنْ تدعوهم للعودة إلى رشدهم، وكان على الحكومة تذكيرهم بأنّ عملية السلام لن تمضي قُدما بمثل هذه التصرفات، فمع كل خطوة إيجابية تقوم بها الحكومة، يقابلها خطوة من قبل حزب العمال الكردستاني وحزب الشعوب الديمقراطي تقود عملية السلام نحو منحدر خطير، وهذا يشكل مصدر قلق للجمهور في شرق البلاد وغربها.
***
وهكذا نفهم أنّ تحذيرات اردوغان كانت فعلا في مكانها، وأنا لا أشك إطلاقا بأنّ الطاقم السياسي المسئول عن عملية السلام حريص أكثر منا على تحقيق السلام، لكن عليهم أنْ يسمعوا ويأخذوا بتحذيرات اردوغان إذا أرادوا فعليا النجاح في مهمتهم.
قول بولنت أرنتش بهذا الصدد "الدولة تديرها الحكومة، نحن أصحاب السلطة والمسئولية" أجده قولا يُعبر عن شخصه فقط، فهذا انتقاد يعود إلى النظام السياسي القديم، وبكل تأكيد اردوغان ليس فوق النقد، وكذلك من حق أرنتش أنْ ينتقد ويعترض، لكن ملف عملية السلام حساسٌ جدا، لأنه إذا فقدت الحكومة سيطرته عليه ستدخل البلاد في كوارث لا حل لها. علينا التركيز أكثر على الموضوع بدلا من أنْ يحصل بيننا تناقض وتعارض.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!
مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس