تقرير ترك برس - ديلي صباح
أعرب مراقبون عن تفاؤلهم من أنّ تركيا وأرمينيا قد تصلحان الروابط بينهما في المستقبل القريب، وذلك على الرغم من الحساسية المترافقة مع الذكرى المئوية لأحداث الأرمن واقتراب الانتخابات العامة في تركيا.
وذكر المحلل السياسي الأرمني الأصل المولود في الولايات المتحدة "ريتشارد غيراغوسيان" أنّه متفائل من عدّة نواحٍ إزاء تحسن العلاقات بين الدولتين، وذلك في حديث لوكالة الأناضول.
وقد تبادل الرئيسان التركي والأرميني خلال الأشهر القليلة الماضية تصريحات غاضبة حول إحياء ذكرى "أحداث جنق قلعة".
وتمثّل احتفالات نيسان/ أبريل المقبل ذكرى انتصار القوات التركية، كما تمثّل ذكرى انتقال الأرمن من الأراضي التركية، والتي تصفها الحكومة الأرمينية وأرمن الشّتات بـ"الإبادة".
إذا كان يوم 25 نيسان/ أبريل يوم اختبار للعلاقات التركية الأرمينية، فإنّ 8 حزيران/ يونيو الذي يلي الانتخابات العامة قد يشهد لحظة دقيقة أخرى، وفق ما يرى غيراغوسيان، مدير مركز الدراسات الإقليمية في العاصمة الأرمينية "يريفان (Yerevan)".
وأشار الباحث الأرمني إلى أنّ الانتخابات التركية هي "فرصة" لمزيد من "الثقة بالنّفس" في أنقرة بداخل الحكومة التركية، الأمر الذي من شأنه أن يُعزِّز عودة إلى التطبيق والتعامل الدبلوماسي مع أرمينيا.
يتّفق العالم السياسي في الجامعة الأمريكية بأرمينيا "فارام تير ماتيفوسيان"، ويقول: "إنّها فترة جيدة لأنّهم (الأتراك) ليست لديهم انتخابات بعد شهر حزيران/ يونيو". كما أنّ أرمينيا لن تمرّ بانتخابات حتّى عام 2018.
وفقاً لماتيفوسيان، فإنّ فتح الحدود بين تركيا وأرمينيا، التي ظلّت مغلقة لأكثر من 20 سنة منذ بداية صراع "كاراباخ"، يعتمد كذلك على مُخرجات استطلاعات الرأي.
ويعتقد بالرغم من ذلك أنّ العلاقات التركية الأرمينية لن تكون على رأس أجندة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بعد الانتخابات. وقد اقترحت بروتوكولات زيرويخ لعام 2009 فتح الحدود بين تركيا وأرمينيا وإصلاح العلاقات الدبلوماسية.
ويرى ماتيفوسيان أنّ وجود حدود مفتوحة يعني وجود تعاون، ويقول: "ستكون لدى أرمينيا فرصة للوصول إلى موانئ البحر الأبيض المتوسط". ويضيف أنّ العاصمة الجورجية "تبليسي (Tbilisi)" تحتكر الآن التجارة الخارجية الأرمينية حيث تمرّ 70 بالمئة من هذه التجارة من خلالها.
ومن جهته، أفاد مالك شركة الأنسجة الأرمينية "TOSP" "سورين بيركيرسكي" في تصريح لوكالة الأناضول بأنّ 70 بالمئة من مواده الخام تأتي من تركيا عبر جورجيا، الأمر الذي يزيد تكاليف النقل لأعماله.
وعلى الرغم من بقاء الجمود في العلاقات الرسمية بين تركيا وأرمينيا إلا أنّ هناك خطّاً تجارياً فاعلاً بين البلدين. وفي كانون الثاني/ يناير وحده، لم تصدّر تركيا أي شيء إلى أرمينيا لكنّها استوردت رسمياً ما قيمته 59 ألف دولار أمريكي منها، وفقاً لمعهد الإحصاءات التركي.
وقد وصلت الواردات التركية من أرمينيا إلى أعلى نقطة لها في عام 2010، بعد توقيع بوتوكولات عام 2009، وبلغت مليونين و626 ألف دولار، وفقاً لنفس المصدر.
يشير البنك الدولي في تقرير له إلى أنّه "مع امتلاك تركيا ناتجاً محلياً إجمالياً بقيمة 786 مليار دولار، فإنّها تحل في المرتبة الثامنة عشرة كأكبر اقتصاد في العالم"، ويضيف: "ومع بلوغ نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي في أرمينيا 3 آلاف و830 دولاراً، فإنّها تُعدّ دولةً ذات دخل منخفض".
ولفت غيراغوسيان إلى أنّ فتح الحدود فرضياً هو مسألة هامة من حيث خلق فرص اقتصادية وتجارية والسماح بتفاعل أكبر يتجاوز رحلتين مباشرتين أسبوعياً بين إسطنبول ويريفان.
ووفقاً لماتيفوسيان، فإنّ الوضع مختلف تماماً فيما يتعلق بالعلاقات الرسمية بين أنقرة ويريفان: "إنّ سوء الفهم المشترك والاعتقادات الخاطئة المشتركة هي أعلى ممّا كانت عليه في عام 2009"، مضيفاً أنّ "ما لدينا الآن هو وضع مليء بالمشاكل مع وجود حلول قليلة جداً في الأفق".
ومن ناحية أخرى، يعتقد غيراغوسيان أنّ "كل جهود التطبيع لم يكن ينبغي أن تكون سهلة أصلاً".
كما يشترك معهما مدير معهد القوقاز في يريفان "ألكساندر إسكانداريان" في التفاؤل، ويقول: "نحن لم نفتح الحدود المادية لكنّنا نقوم بفتح الحدود الفكرية"، مشيراً إلى التحرك على مستوى تفاعل المجتمع المدني بين الدولتين.
ووفقاً لإسكانداريان فإنّ تركيا تتغير وتتّجه نحو الديمقراطية: "يمكن الحديث بشكل أكثر انفتاحاً في تركيا الآن وهذا يؤثر كذلك في الأرمن".
وكان الرئيس الأرميني "سيرج ساركيسيان" قد صرح الأسبوع الماضي بأنّ سحب بروتوكولات عام 2009 من البرلمان الأرميني لا يعني إغلاق المصالحة المستقبلية مع تركيا.
ويعتقد ماتيفوسيان أنّ نصّ البروتوكولات المقبلة يجب أن يكون بسيطاً جداً: "أرمينيا وتركيا تسعيان لإنشاء علاقات دبلوماسية".
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!