ترك برس
رفض الطبيب اللبناني أحمد دنداشلي المقيم في تركيا، فكرة المغادرة والتوجه للعمل في الولايات المتحدة حتى لو كان الراتب أعلى بكثير.
دنداشلي الذي يعمل بأحد مستشفيات ولاية قوجة إيلي التركية (شمال غرب)، انتقد دعوة الولايات المتحدة لكل الأطباء في العالم لترك بلدانهم، والتوجه للعمل في أراضيها في مكافحة وباء كورونا، مقابل مرتبات ضخمة.
وقال دنداشلي في مشاركات له على مواقع التواصل الاجتماعي، إن ترك الأطباء لبلدانهم في ظل هذه الظروف الاستثنائية والذهاب لدولة أخرى، هو "فرار من المعركة" و"نكران للجميل"، مؤكداً أن روح التضامن والوطنية تظهر في مثل تلك الظروف.
ورفض دنداشلي فكرة مغادرة تركيا والتوجه للعمل بالولايات المتحدة، قائلاً إنه استفاد كثيراً من الإمكانات التي أتاحتها له تركيا، وإن ترك البلاد في هذه الظروف الصعبة لا يتوافق مع مبادئ التربية والأخلاق والعادات والتقاليد التي تربى عليها.
وفي حوار مع وكالة الأناضول التركية، تحدث دنداشلي عن عرض وزارة الصحة الأمريكية على الأطباء العمل بمرتبات مغرية، وعن رفضه للفكرة، ومشاركاته التي حظيت بدعم كبير على وسائل التواصل الاجتماعي.
وانتقد تقديم بعض الأطباء في تركيا استقالاتهم من المستشفيات التي يعملون بها، وتقدمهم للعمل في الولايات المتحدة، ووصف ذلك بترك الجبهة في زمن الحرب.
ويعمل أحمد دنداشلي كطبيب مسؤول بالقسم الدولي في مستشفى "جون هوبكينز" التابعة لمركز الأناضول الصحي بمدينة غبزة في ولاية قوجة إيلي.
وقال دنداشلي إنه قدم إلى تركيا عام 2004، قبل أن يبلغ سن الثامنة عشر وإنه بدأ أولا في تعلم اللغة التركية، ثم بدأ الاستعداد لامتحان القبول في الجامعات، وبالفعل تمكن من الالتحاق بكلية الطب في جامعة حاجت تبه بالعاصمة أنقرة.
وأضاف أنه اضطر لترك الدراسة لفترة ثم عاد إليها مرة أخرى وأنهى دراسته في الجامعة، ثم انتقل بعد ذلك إلى إسطنبول وبدأ العمل في إحدى المستشفيات الخاصة بها ثم انتقل إلى العمل بمستشفى في مدينة غبزة ولا يزال يعمل به حتى الآن.
وفي تغريدة على تويتر، قال دنداشلي: " لقد تنعمت بخيرات تركيا، ودرست في واحدة من أفضل جامعاتها، حتى لو عرضت علي الولايات المتحدة راتب 20 ألف دولار، أفضل أن أعمل هنا بدون مقابل في ظل هذه الظروف الصعبة".
ولفتت تغريدة دنداشلي الأنظار إليه ولاقت تفاعلا واسعا.
وأضاف دنداشلي أن معظم الناس على مواقع التواصل الاجتماعي تفاعلوا مع تغريدته دون أي يعرفوا أنه أجنبي، ما جعله يشعر كأنه من أبناء هذا الوطن.
وأشار إلى أنه علم بدعوة وزارة الصحة الأمريكية من أخيه الذي يعيش في كندا، قبل أن ينتشر الخبر في تركيا، وأن أخاه اقترح عليه أن يتقدم هو أيضاً للسفر للولايات المتحدة والعمل هناك، إلا أنه رفض الأمر تماماً منذ البداية ورأى أنه فكرة سيئة.
وتابع: "أبي أيضاً دعمني في قراري، ورأى أنه علي البقاء في تركيا، بعد ذلك بدأ الخبر ينتشر في تركيا وسمعت أن بعض الأطباء قدموا استقالاتهم، وهذا ما أحزنني وأغضبني كثيراً".
وأشار إلى أن ذلك دفعه لنشر تلك التغريدة في تويتر، وكان هدفه منها انتقاد بيان وزارة الصحة الأمريكية وانتقاد من قدموا استقالتهم عقب تلك التصريحات.
ولفت دنداشلي إلى أنه لم يكن يتوقع كل هذا الكم من التفاعل مع منشوره، لأنه لا يستخدم مواقع التواصل الاجتماعي كثيراً وليس لديه الكثير من المتابعين، إلا أن تغريدته انتشرت بسرعة كبيرة جداً وتلقى الكثير من ردود الفعل الإيجابية.
وأضاف أنه تلقى في الوقت نفسه بعض الردود السلبية من قبيل "العيش في تركيا صعب"، و "لن يمكنكم جني كثير من المال من العمل في تركيا"، إلا أنه لم يهتم بهذه التعليقات لأنه استفاد كثيراً من خيرات وإمكانات تركيا.
واستطرد: "ترك البلاد في هذه الظروف الصعبة لا يتوافق مع تربيتنا وأخلاقنا عاداتنا وتقاليدنا".
وأكد أنه "يمكن لأي شخص أن يفعل ما يحلو له في الظروف العادية إلا أن مغادرة البلاد في مثل هذه الظروف الاستثنائية يعد نكرانا للجميل. وروح التضامن والوطنية يظهر في مثل هذه الأوقات"..
وقال الطبيب دنداشلي إنه حالياً لا يشارك بصورة فعالة في محاربة فيروس كورونا إلا أنه مستعد للمشاركة فورا، في حال كانت هناك حاجة له.
ووصف دانداشلي مكافحة تركيا فيروس كورونا بالحرب، وشبه من يتخلون عن تركيا ويغادرون في مثل هذه الظروف بمن يفر من الجبهة وقت الحرب.
وأوضح أنه يعمل حالياً في وظيفة إدارية بالمستشفى الذي يعمل به، إلا أنه يتابع دائماً كل التطورات بخصوص وباء كورونا، ودائماً ما يعقد اجتماعات مع فريق العمل لبحث ما يمكن القيام به لمكافحة انتشار كورونا.
وأكد على أهمية شعار الاكتفاء الذاتي الذي أطلقه الرئيس التركي رجب طيب أردوغان على حملة التضامن الوطني لمساعدة المتضررين من التدابير الوقائية ضد كورونا.
وتابع: "من أهم الموارد التي تمتلكها تركيا مشاعر الأخوة المنتشرة كثيراً بين شعبها، وأنا أرى ذلك من الموارد الهامة في البلاد".
وأضاف "الناس في تركيا يحبون مساعدة بعضهم بعضاً، ومشاعر الوطنية لدى الشعب مرتفعة جداً، تركيا لديها القدرة المادية والمعنوية على مساعدة نفسها ونحن أيضاً ندعم هذه الحملة مادياً ومعنوياً".
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!