ترك برس
توفي نوري كيليغيل باشا، مؤسس الصناعات الدفاعية التركية وقائد "الجيش الإسلامي القوقازي" ومنقذ باكو، في انفجار يعتقد أنه تخريبي في 2 آذار/ مارس 1949، وقد أثار ذكر الرئيس التركي رجب طيب أردوغان له في عام 2017، الفضول تجاه هذا الشخص الذي بقي مخفيا في صفحات التاريخ، والذي عرف كقائد حازم شارك في النضال الوطني وأيضا في صناعة أسلحة.
ولد نوري باشا، في "ماناستير" شمالي مقدونيا عام 1890، وتخرج من ثانوية الماناستير العسكرية عام 1903، لرغبته بأن يكون جنديا مثل شقيقه أنور باشا، وخدم لأعوام عديدة كضابط في الجيش العثماني، كما تقلد مكانه في حرب الاستقلال برتبة جنرال.
حصل نوري باشا، على ترقية برتبة عقيد لنجاحه البارز في جبهة طرابلس، ثم عين قائدا للجيش الإسلامي القوقازي ليشارك في القتال جنبا إلى جنب مع الأتراك الأذربيجانيين ضد المجموعات الروسية والأرمنية، وتمكن من تحرير باكو من الاحتلال في 15 أيلول/ سبتمبر 1918، وكان من المقرر أن يطلق عليه لقب "فاتح باكو" بسبب نجاحه في أذربيجان.
أعرب النائب الأذربيجاني غانير باشاييف، عن أهمية الدور الذي لعبه نوري كيليغيل، بالنسبة للأتراك الأذربيجانيين قائلا: "كان نوري باشا قائدا عظيما بالنسبة للأتراك الأذربيجانيين، فقد أُرسل إلى أذربيجان دعمٌ عسكري بقيادته، كقائد للجيش الإسلامي القوقازي التركي، لمساعدة شعب أذربيجان في الأناضول، وذلك بالرغم من مرور الدولة العثمانية بأيام عصيبة خلال الحرب العالمية الأولى".
أضاف باشاييف: "بعد عودة نوري باشا من أذربيجان، وتقديمه الكثير من التضحيات للأتراك الأذربيجانيين، قام بتأسيس أول مصنع أسلحة تركية، لمعرفته بمدى أهمية هذا المصنع لتركيا والحاجة إليه. سوف تبقى ذكرى نوري باشا حية في قلوبنا ما حيينا، ولن تموت أبدا، كل من ضحى بحياته لأجل شعبه لن ينسى أبدا، يتذكره اليوم كل أذربيجاني باحترام في ذكرى وفاته، بقولهم: (ارقد بسلام، لن ننساك أبدا، يا ابن شعبنا البطل)".
قاتل نوري باشا، لأعوام عديدة في جبهات الحرب، لذلك حرص على الاستفادة من خبراته العسكرية ومعلوماته في المجالات الميكانيكية بتقوية تقنية الدفاع التركية، من خلال مبادرته المهمة وخطوته الأولى التي لفتت انتباه العالم واهتمامه، بتأسيس مصنع أسلحة في منطقة زيتونبورنو بإسطنبول عام 1933،
أنتج نوري باشا، في هذا المصنع المسدسات والبنادق والقنابل اليدوية وقنابل الطائرات والرصاص وذخائر المدافع، ثم افتتح مصنعا لطموحه بزيادة الإنتاج في سوتلوجه، كما قام بتصدير الأسلحة إلى فلسطين ومصر وسوريا وباكستان، وأدى ذلك إلى تحرك لوبي الأسلحة العالمي للمطالبة بمنع كيليغيل، من إنتاج الأسلحة، وبالرغم من جهوده المتواصلة إلا أن هذه التحركات نجحت بإغلاق المصنع، كما زادت الضغوطات والعقبات أمامه بعد قيام إسرائيل وما تلا ذلك من بيع أسلحة لفلسطين ودول عربية أخرى في المنطقة.
وقعت انفجارات في عدة أماكن بإسطنبول في 2 مارس 1949، وكانت فاجعة الانفجار في مصنع نوري كيليغيل بمنطقة سوتلوجه، مؤلمة للغاية فقد أدت لوفاة كيليغيل، بالمصنع الذي يملكه مع 28 موظفا، ولم يتم العثور على جثته رغم كل عمليات البحث، وأقيمت صلاة الجنازة على نوري باشا، بعد 67 عاما من وفاته في مقبرة شهداء أدرنة كابي، ولا يزال يدور الحديث عن تعرض نوري باشا، لعملية تخريبية من قبل قوى أجنبية، بسبب قيامه بتصدير الأسلحة إلى دول الحلفاء.
صرح الرئيس رجب طيب أردوغان، بأن مصنع أسلحة نوري كيلغيل، الرائد في صناعة الدفاع التركية بإسطنبول لا يزال محفورا في الذاكرة قائلا: "تم تخريب كل هذه المشاريع المهمة والجريئة في تلك الفترة من قبل مسؤولين ليست لديهم دراية ولا تخطيط للمستقبل، فقد تركوا تركيا محكومة بصناعاتها الدفاعية للخارج بوعي وتعمد، فلو تُركت تركيا بيد نوري دميراغ، ووجيهي هوركوش، ونوري كيليغيل، لكانت صناعتها الدفاعية اليوم في موقع مختلف جدا".
تتزايد حصة وقوة وكلمة شركات الصناعات الدفاعية التركية في الأسواق العالمية يوما بعد يوم، وقد كان تأسيس مصنع أسلحة في عهد نوري باشا، حلما ولم يسمح له بإضاءة الطريق لمن بعده، ورغم ذلك تمكنت تركيا بعد أعوام عديدة من اتخاذ خطوات مهمة في مجال الصناعات الدفاعية بأيدي وطنية وإمكانيات محلية. وقد تحول حلم كيليغيل، إلى حقيقة بالتحركات التركية في هذا المجال.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!