عبد الرحمن السراج - خاص ترك برس
أشار المحلل الاقتصادي في مجموعة SEB السويدية للتمويل بير هارمالوند في تصريح لوكالة رويترز منذ يومين إلى أن وصول سعر صرف الليرة التركية مقابل اليورو إلى 3,1 سيدفع البنك المركزي التركي إلى التدخل لرفع نسبة الفائدة.
لم يشهد مؤشر صرف الليرة أمام اليورو تغيرا كبيرا خلال 12 شهرا الماضية مثل الذي شهده المؤشر أمام الدولار، فقد تغير مؤشر اليوروفي الفترة المذكورة بنسبة 1,6 بالمئة فقط في حين تجاوز التغير في مؤشر الدولار 20 بالمئة.
إلا أن تصريح الخزينة الفدرالية الأمريكية بأن رفع معدل الفائدة المرتقب “ليس وشيكاً” أدى إلى دفع أسعار صرف اليورو، ليصل اليوم إلى 3,03 ليرة تركية. وهذا يعني اقتراب الحد الذي افترضه الاقتصادي السويدي.
كما انخفض سعر صرف الدولار من 2,65 إلى 2,71 ليرة تركية، بعد يوم من إعلان محافظ البنك المركزي رفع المعدل المتوقع للتضخم من 5,5 بالمئة إلى 6,8 بالمئة، في وقت يتردد فيه البنك المركزي في رفع الفائدة لدعم الليرة تجنباً للتصادم مع الحكومة التركية.
ويأتي تمسك القيادة التركية سابقاً- الرئيس أردوغان بالتحديد - بدفع البنك المركزي لخفض معدلات الفائدة رغبة منه بدفع عجلة الاقتصاد داخل تركيا، الأمر الذي يرى البنك المركزي أنه قد يرفع معدل التضخم ويؤدي في النهاية إلى رفع الأسعار ولذلك يميل إلى رفع الفائدة للحفاظ على نسبة التضخم من جهة ولحماية الليرة أمام العملات الصعبة التي تشتري بها تركيا احتياجاتها من الوقود من جهة أخرى وتشجيع بيع سندات المركزي التركي والتي أدرّ آخرها سيولة نقدية بقيمة 2 مليار دولار على البنك المركزي آخر الشهر الماضي.
ويشارك نائب رئيس الوزراء التركي للشؤون الاقتصادية علي باباجان البنك المركزي في رأيه، فقد صرح سابقاً بأن التركيز يجب أن يظل منصباً على التضخم.
يأتي ذلك في وقت الأنظار فيه موجهة إلى الانتخابات البرلمانية التركية وما يرافقها من صورة وجود عدم استقرار سياسي تحاول بعض الأطراف السياسية والإعلامية رسمها لأسباب سياسية من جهة، وساهم الأخذ والرد بين الحكومة والبنك المركزي في إثارتها مطلع العام الحالي من جهة أخرى، الأمر الذي يضعف الليرة التركية على الأقل حتى لحظة إعلان نتيجة الانتخابات أو حفاظ الحكومة التركية على صورة تماسكها في إدارة السياسة المالية وبالتالي تعزيز صورة الاستقرار.
وظهرت بوادر الخلاف في كانون الثاني/ يناير من العام الحالي حين انتقد الرئيس التركي توجه البنك المركزي لرفع الفائدة، مما أثار حديثاً عن خلاف بين الحكومة التركية والبنك المركزي وما قد يرافق ذلك من فقدان للثقة لدى المستثمرين الأجانب. الأمر الذي تداركته الحكومة باجتماع بين رئيس الوزراء أحمد داود أوغلو والرئيس التركي رجب طيب أردوغان ومحافظ البنك المركزي، وتلته زيارة لرئيس الوزراء برفقة نائبه للشؤون الاقتصادية علي باباجان إلى نيويورك للجلوس مع مستثمرين أمريكان وإقناعهم بأن الخلاف بين الحكومات والبنوك المركزية أمر اعتيادي ولا يدعو إلى اهتزاز الثقة بالاقتصاد التركي الناهض.
فهل يعمد البنك المركزي التركي في حال استمرار ارتفاع سعر صرف اليورو مقابل الليرة إلى رفع الفائدة وفق ما رأى الاقتصادي الأوروبي وما تدعو إليه المؤسسات الاقتصادية والتمويلية الأوروبية والأمريكية، ويتصادم مع الرئاسة التركية؟ أم أن الاجتماع الأخير بين الرئيس ورئيس الوزراء ومحافظ البنك المركزي تمخض عن توافق بين الحكومة والبنك المركزي.
في ظل الظروف التي تشهدها البلاد بانتظار الانتخابات التركية، والحاجة إلى إظهار تماسك القيادة التركية في إدارة السياسة المالية، إلى جانب أولوية الحفاظ على استمرار تدفق الاستثمارات الأجنبية على مدى الشهور القليلة القادمة بانتظار قرار الخزينة الفدرالية الأمريكية، يظل تحقق السيناريو الذي طرحه عنوان المقال رهن قرار الحكومة التركية.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!
مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس