ترك برس
رصد تقرير صحفي المؤشرات التي تظهر بشكل ملموس عودة الدفء للعلاقات التركية الأمريكية شيئاً فشيئاً، وبالأخص عقب تطورات الحرب الروسية الأوكرانية.
بعد 4 أيام من بدء الحرب الروسية على أوكرانيا، فعّلت تركيا اتفاقية "مونترو" التي تسمح لها بالتحكم في عبور السفن الحربية التابعة لدول في حالة حرب من مضيقي البوسفور والدردنيل؛ من هنا استطاعت تركيا الحد من حركة السفن الحربية الروسية بين البحرين المتوسط والأسود.
وبحسب تقرير لـ "الجزيرة نت"، فقد لقي الموقف التركي ترحيبا أميركيا ملفتا، وتحدث عدة مرات كبار المسؤولين الأميركيين مع نظرائهم الأتراك، وأشاد الرئيس الأميركي جو بايدن في مكالمة هاتفية الشهر الماضي مع نظيره التركي رجب طيب أردوغان بموقف أنقرة، إذ أكدا دعمهما القوي لحكومة أوكرانيا وشعبها.
ودفعت تلك التطورات بعض الخبراء لاعتبار أن حرب روسيا على أوكرانيا توفر فرصة جيدة لإعادة ضبط بوصلة العلاقات الأميركية التركية، وذلك بعد سنوات من التوتر.
صفقة "إس-400"
شهدت علاقات واشنطن وأنقرة توترا كبيرا عقب استبعاد الولايات المتحدة تركيا من اتحاد مصنعي المقاتلات المتطورة من طراز "إف-35" بسبب شراء أنقرة نظام الدفاع الجوي الروسي "إس-400."
وتعتقد وزارة الدفاع الأميركية "بنتاغون" بأن تفعيل منظومة صواريخ "إس-400" من شأنه الإضرار بمقاتلات "إف-35″، وراداراتها وأجهزة الكمبيوتر بها، ولم تتغير السياسة الأميركية بشأن صفقة "إس-400" في عهد بايدن عما كانت عليه في عهد الرئيس السابق دونالد ترامب.
وتحاول تركيا استبدال طلبها لطائرات "إف-35" بطائرات أقل تقدما من طراز "إف-16" وكانت أنقرة قدمت طلبا في أكتوبر/تشرين الأول الماضي لشراء 40 طائرة "إف-16″، وتحديث 80 طائرة من الطراز ذاته تمتلكها أنقرة.
أسطول قديم
وفي حديث سابق قالت مديرة برنامج الدراسات التركية بمعهد الشرق الأوسط بواشنطن تول جونول إن أسطول "إف-16" التركي قديم، وإن أنقرة أرادت استبداله وشراء طائرات "إف-35″، وبعد فشل صفقة "إف-35" تحتاج تركيا إلى طائرات "إف-16" الجديدة لتطوير قواتها الجوية.
وتمتلك تركيا ما لا يقل عن 270 طائرة من طراز "إف-16″، وتمثل العمود الفقري للقوات الجوية التركية منذ بدء الحصول عليها في ثمانينيات وتسعينيات القرن الماضي.
واستخدمت أنقرة هذه الطائرات بكثافة وعلى نطاق واسع للقيام بدوريات حدودية منذ بداية الحرب السورية عام 2011، واستخدمتها كذلك خلال مهمات استهدفت منظمة "بي كا كا" الإرهابية منذ عام 2015، وأيضا خلال العمليات التركية في محافظة إدلب السورية عام 2020.
وقبل أيام، ذكرت تقارير صحفية أن إدارة بايدن أبلغت الكونغرس برغبتها في بيع محتمل لطائرات مقاتلة من طراز "إف-16" إلى تركيا، معللة ذلك بكون الصفقة تخدم المصالح الأميركية، وتعزز وحدة حلف شمال الأطلسي (ناتو).
ويرى ديفيد دي روش أستاذ الدراسات الأمنية بجامعة الدفاع الوطني التابعة للبنتاغون، والمسؤول العسكري السابق أن أزمة أوكرانيا وتبعاتها الواسعة أظهرت أهمية الدور التركي، وأعادت كثيرا من الثقة لعلاقات واشنطن بأنقرة، وأظهرت تركيا بوصفها حليفا للولايات المتحدة يمكن الاعتماد عليه بعد سنوات من الشكوك.
ويضيف دي روش أن رادارات وأجهزة مقاتلات "إف-16" لا تثير مشاكل التشغيل مع منظومة الدفاع الجوي الروسي "إس-400″، كما هي الحال مع مقاتلات "إف-35".
هل يتشدد الكونغرس؟
وقد تصطدم رغبة تركيا في صفقة الطائرات "إف-16" بعقبات داخل لجان الكونغرس، خاصة مع إعلان تركيا خططا للحصول على دفعة ثانية من منظومة "إس-400". ويتطلب إتمام أي صفقات بيع سلاح أميركي موافقة الكونغرس، الذي تتزايد داخله الانتقادات الموجهة لأنقرة حتى بعد موقفها القوي تجاه الحرب الروسية الأوكرانية.
وكان قادة الكونغرس أوضحوا مرارا أن أي صادرات من الأسلحة الأميركية إلى تركيا في المستقبل تعتمد على حل قضية منظومة الدفاع الجوي "إس-400". وأظهرت إدارة بايدن -منذ توليها السلطة- احتراما لرغبة الكونغرس في هذه المسألة، إلا أن أزمة حرب روسيا على أوكرانيا، وتزايد الاعتماد على الدور التركي في إستراتيجية حلف الناتو؛ دفعا إدارة بايدن للتراجع عن تشددها السابق.
ويرجح الخبير الأمني دي روش أن يتراجع "تشدد الكونغرس تجاه مبيعات السلاح لتركيا بسبب ما يعدّه أغلب أعضاء الكونغرس تحركا تركيّا مؤخرا في الاتجاه الصحيح، وهو ما ظهر بوضوح في موقفها من الغزو الروسي لأوكرانيا".
العامل الأوكراني
ورغم أنها عضو أساسي في حلف الناتو، فإن تركيا احتفظت بعلاقات وثيقة بكل من روسيا وأوكرانيا، وتتبنى رسميا الحياد في الحرب الدائرة، إلا أنها دعمت سيادة أوكرانيا على كل أراضيها، وتمدها بكثير من الأسلحة والمساعدات الإنسانية.
ورأى خبير الشؤون التركية بمعهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى سونر جاغايتاي أن الحرب الروسية على أوكرانيا، وامتلاك تركيا حدودا بحرية مع البلدين يمثلان فرصة لإصلاح العلاقات بين أنقرة بواشنطن.
وطالب جاغايتاي -خلال مشاركته في ندوة حضرتها الجزيرة نت عن تداعيات حرب أوكرانيا على سياسة واشنطن تجاه الشرق الأوسط- بإدراك أن الوقت قد حان لكي تُشرك واشنطن أنقرة في محادثات إستراتيجية أعمق لمناقشة القضايا العالقة بين أنقرة وواشنطن.
وأضاف الخبير "ينبغي أن تركز هذه المداولات على التوصل إلى صفقة كبرى تشمل العناصر التالية: زيادة التعاون الثنائي بشأن أوكرانيا، وزيادة التعاون الثنائي بشأن حقوق الإنسان، وإلغاء صفقة إس-400، ومراجعة سياسة واشنطن تجاه القوات الكردية في سوريا، ودعوة تركيا للالتحاق مجددا ببرنامج تصنيع إف-35، والسعي لنيل موافقة الكونغرس على مبيعات إف-16 إلى أنقرة".
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!