ترك برس
مع إبعاد رئيس الوزراء السابق في باكستان عمران خان، والأزمة السياسية في البلاد، تثار التساؤلات حول تأثير ذلك على مستقبل العلاقات التركية-الباكستانية، ونظرة أنقرة لما جرى في إسلام أباد.
تطورت العلاقات بين تركيا وباكستان خلال السنوات الماضية الأخيرة، أثمر خلالها توقيع اتفاقيات وتفاهمات عدة بين البلدين لا سيما المجال العسكري، ما أضفى بينهما "تحالفا استراتيجيا".
وانتخب البرلمان الباكستاني، زعيم المعارضة السابق شهباز شريف، رئيسا جديدا للوزراء في البلاد، بعد تصويت حجب الثقة عن رئيس الوزراء السابق عمران خان، وفق موقع "عربي21".
وعقب تعيين شهباز شريف مباشرة، أجرى الرئيس التركي رجب طيب أردوغان اتصالا هنأه فيه على انتخابه لهذا المنصب من قبل البرلمان.
ورغم اعتبار عمران خان أن ما جرى مؤامرة أجنبية ضده، أكد أردوغان لـ"شهباز". أن الشعب الباكستاني أظهر مجددا عدم تخليه عن الديمقراطية وسيادة القانون رغم كافة الصعوبات والعراقيل التي يواجهها.
ويميل شهباز شريف إلى تحسين العلاقات الفاترة مع الولايات المتحدة، كما أنه صاحب توجه في تطوير العلاقات مع الصين وتركيا.
ومن المعلوم بأن شهباز شريف عندما كان رئيسا لحكومة البنجاب سابقا، أغلق كافة مدارس منظمة "غولن" التي تتهمها تركيا بمحاولة الانقلاب في 15 تموز/ يوليو 2016.
وفي أول كلمة له بعد تعيينه رئيسا للحكومة الجديدة بالبلاد، أكد شهباز أن بلاده وتركيا ترتبطان بـ"روابط لا تنفصم"، مشيرا إلى أنها "وقفت إلى جانب باكستان وشعب كشمير دائما".
وأكد الخبير الباكستاني في الشؤون السياسية والدولية، محمد مهدي، أن العلاقات بين باكستان وتركيا لن تتغير مع تغيير الحكومة في إسلام آباد، وهي جيدة في كل العصور.
وأوضح مهدي خلال حديثه لـ"عربي21"، أن الرئيس التركي رجب أردوغان هو أول زعيم أجنبي يتصل بشهباز شريف لتهنئته على توليه منصبه، كذلك أشار الأخير في خطابه الأول أمام البرلمان، على وجه التحديد إلى تركيا بعبارة إنها الدولة الوحيدة التي دعمت دائمًا موقف باكستان بشأن قضية كشمير.
ولفت إلى أن شهباز عندما كان رئيسا لوزراء البنجاب، دعا رئيس تركيا إلى الولاية، وسط ترحيب، مشيرا إلى أن هناك علاقات عائلية بين عائلة شريف وعائلة أردوغان.
نوه إلى أن تركيا قامت باستثمارات كبيرة في باكستان خلال عهد نواز شريف، لذلك فإن العلاقات القوية بين البلدين ستكون أقوى بالمستقبل.
الخبير التركي والباحث في قناة "TRT WORLD" يوسف إريم، أوضح أن التقارب التركي مع باكستان لم يقتصر فقط خلال فترة حكم عمران خان، موضحا أن العلاقات بين البلدين كانت قوية من قبل.
وأوضح إريم في حديثه لـ"عربي21"، أن "لتركيا علاقة واسعة جدا وشاملة ليس فقط مع حكومة باكستان، ولكن أيضا مع مؤسساتها وشعبها، وهي علاقة لها عمق تاريحي وروابط ثقافية وقيم ومصالح مشتركة".
وأشار إلى أن تركيا لا تتدخل في الشؤون الداخلية لباكستان وتعمل عن كثب مع من يمثل إرادة الشعب الباكستاني، وإن عمق العلاقة بين أنقرة وإسلام أباد أكبر من تلك التي مع الشخوص والأحزاب السياسية، فهي علاقة يمكنها الازدهار رغم التغييرات في قيادة البلاد.
ورأى أنه خلال حكم عمران خان، قد تم تسخير العلاقات وتوسيعها بشكل أكبر في السنوات الأخيرة، وهذا الاتجاه سيستمر بغض النظر عمن الذي يمثل البلاد.
الكاتب التركي طه داغلي في مقال على قناة "HABER7" أوضح أن العلاقات في عهد عمران خان لم تواجه أي مشاكل، بل كانت جيدة، وليس من الصواب اعتبار أن العلاقات الجيدة بدأت في عهده فقط.
وأضاف أن العلاقات التركية الباكستانية كانت في عهد نواز شريف أكثر إنتاجية، والآن جاء شهباز شريف الذي زار تركيا عندما كان حاكما لبنجاب، وكان دائما يشيد بـ"تركيا- أردوغان".
وأشار إلى أن هناك حقيقة لا تتغير بشأن العلاقات بين البلدين، "فباكستان هي باكستان الشقيق الدائم لتركيا".
ورغم الترحيب التركي الرسمي، إلا أن محللين أتراكا مقربين للحكومة التركية وصفوا ما جرى بـ"انقلاب برلماني"، مشبهين ما جرى بأحداث جرت في تركيا سابقا.
الكاتب التركي صلاح الدين شاكر غل، في تقرير على صحيفة "ستار"، قال إنه في السنة الثالثة لحكمه قبل عمران خان بعد التصويت على حجب الثقة، مع انقلاب برلماني نظمته "معارضة موالية" بتشجيع علني من الإمبريالية الأمريكية.
وأضاف أن الألعاب السياسية التي تجري في باكستان ليست بغريبة عن تركيا، لافتا على سبيل المثال لما جرى مع الرئيس التركي عبد الله غل عام 2007، حيث كان قد ادعى أنه من الضروري اجتماع 367 نائبا في البرلمان من أجل تسليمه الرئاسة، وأقرت المحكمة الدستورية شرط 367 نائبا بعد ضغط من بؤر المؤامرة التي يمكن تسميتها بحزب القوات المسلحة.
الكاتب التركي صالح تونا في تقرير لصحيفة "صباح"، قال إن تركيا وباكستان عانتا كثيرا من الانقلابات سابقا، حيث أقيمت منصات الموت في كلا البلدين.
وأضاف أنه بعد ثورة الستينيات أعدم رئيس الوزراء التركي عدنان مندرس، وأيضا في باكستان قام ضياء الحق بانقلاب عام 1977، وأعدم الرئيس ورئيس الوزراء ذو الفقار علي بوتو عام 1979، وكان لهذا الإعدام صدى كبير في تركيا.
وتابع بأن البلدين وقفا إلى جانب بعضهما البعض دائما على مر السنين، ووقفت باكستان إلى جانب تركيا في قضيتي "قره باغ" و"قبرص".
وأضاف أنه على مر السنين، تعاقبت الحكومات ذات الآراء السياسية المختلفة، وبقيت العلاقات "المتينة" كما هي.
ورأى أنه مع الأحداث السياسية الأخيرة في باكستان، ستستمر العلاقات بين البلدين لكن "المخرب الكبير يواصل العمل".
وأوضح أن الولايات المتحدة لديها هوس من تركيا وباكستان منذ فترة طويلة، والسبب الرئيس في ذلك، أن كلا البلدين لا يتصرفان وفقا لـ"أوامر ومواقف" الولايات المتحدة.
وعلى سبيل المثال، رفض عمران خان طلب الولايات المتحدة إنشاء قاعدة عسكرية، كما أنه رغم التهديدات الأمريكية اشترت تركيا منظومة "أس400" الروسية، كما أن البلدين لم يمتثلا للعقوبات الغربية المفروضة على موسكو.
ونوه إلى أن عمران خان خلال الغزو الروسي على أوكرانيا، زار موسكو والتقى الرئيس فلاديمير بوتين، ووقع العديد من الاتفاقيات التجارية.
وأضاف أن الولايات المتحدة عاقبت تركيا بإخراجها من برنامج "أف35"، ومصادرتها نحو 1.5 مليار دولار، والأمر ذاته بالنسبة لباكستان التي وجهت إليها رسالة عبر سفير إسلام أباد في واشنطن بالقول: "سيتم العفو عن باكستان في حال رحيل عمران خان؛ وبخلاف ذلك ستكون هناك عواقب".
وأكد الكاتب التركي، أن الولايات المتحدة تحاول التدخل في الشؤون الداخلية لكلا البلدين، وأداة ذلك من خلال معارضة تصممها هناك.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!