محمد قرة مريم – خاص ترك برس
عقب تبادل تركيا والسعودية الزيارات الرسمية على مستويات رفيعة، توجهت الأنظار إلى المسار الذي ستتخذه علاقات البلدين على مختلف الأصعدة، وخاصة التجارية منها والتي تراجعت بنسبة كبيرة خلال السنوات الأخيرة، نتيجة الخلافات السياسية التي وصلت لدرجة فرض الرياض حظراً غير رسمي على المنتجات التركية، منذ أواخر عام 2018.
زيارة ولي العهد السعودي، الأمير محمد بن سلمان، إلى أنقرة مؤخراً، أعقبها تداول نشطاء على منصات التواصل الاجتماعي أخباراً تفيد بتخلص المنتجات التركية من القيود التي كانت تعانيها في المملكة، إلا أنه لم تصدر بيانات أو تصريحات رسمية من البلدين بخصوص ذلك.
وفي إطار تسليط الضوء على حيثيات الموضوع، حاور "ترك برس"، الخبيرة التركية في اقتصادات بلدان الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، شريفة أقنجي، حول مصير الحظر غير الرسمي على المنتجات التركية، والتوقعات المتعلقة بمستقبل العلاقات الاقتصادية بين أنقرة والرياض.
"أقنجي" التي تواصل الدكتوراه في جامعة أولوداغ بولاية بورصة التركية، قالت إن البيان الختامي لزيارة ولي عهد السعودية إلى أنقرة، شدد على أهمية التعاون التجاري والاقتصادي بين البلدين، مبينة أن تركيا والسعودية من البلدان الهامة عالمياً في المنطقة، من حيث التجارة الدولية وممرات الطاقة.
وأشارت إلى أن اقتصاد البلدين يتممان بعضهما البعض، لذا "فإن أنقرة والرياض لديهما مصالح اقتصادية هامة."
وأكدت على ضرورة تعميق العلاقات الاقتصادية بين تركيا والسعودية في إطار التنمية الإقليمية والدولية، مردفة: "لذا ستقوم أنقرة والرياض باتخاذ خطوات في أقرب وقت، من شأنها نقل التعاون المشترك في التجارة والاستثمار والاقتصاد، إلى مستويات طموحة."
(الأكاديمية التركية شريفة أقنجي)
مصير الحظر غير الرسمي على المنتجات التركية في السعودية
وأفادت "أقنجي" بأن العلاقات التركية السعودية انتقلت إلى مرحلة جديدة عقب زيارة بن سلمان لأنقرة، وقبلها زيارة الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، إلى المملكة، في أبريل/ نيسان الفائت.
هذا وكانت أنقرة قد احتضنت اجتماع الطاولة المستديرة للأعمال والاستثمار بين الجانبين التركي والسعودي، على هامش زيارة ولي عهد المملكة، وذلك بمشاركة وزير التجارة التركي ونظره السعودي.
وخلال الاجتماع المذكور، قال وزير التجارة التركي، محمد موش، إن الأنشطة التجارية بين البلدين ستتسارع خلال الفترة المقبلة.
بدوره، أكّد وزير التجارة السعودي ماجد القصبي، أنه واعتباراً من 22 يونيو/ حزيران الفائت، لم تعد هناك أية مشاكل في الجمارك حول المنتجات التركية، وأنهم يتواجدون في أنقرة لنقل علاقات البلدان إلى أعلى مستوى.
الاقتصادية التركية "أقنجي"، أشارت إلى أن التصريحات المذكورة لوزيري البلدين، تبعث برسائل إيجابية للغاية حول مستقبل العلاقات بين أنقرة والرياض وعودتها إلى مسارها القديم.
وأشارت إلى أنه بالرغم من تصريحات "القصبي" حول توقيت تحسن وضع المنتجات التركية في الجمارك السعودية، إلا أن المؤشرات الإيجابية في المعطيات التجارية بين البلدين، كانت قد بدأت تظهر حتى قبل زيارة الرئيس التركي إلى المملكة.
وقالت "أقنجي" إنه في الوقت الذي بلغت فيه عائدات الصادرات التركية إلى السعودية 9.528 مليون دولار، خلال يناير/ كانون الثاني 2022، فإن هذا الرقم ارتفع إلى 10.915 مليون دولار في الشهر التالي، ثم إلى 61.430 مليون دولار في مارس/ آذار 2022، أي أنها زادت 6 أضعاف مقارنة بالشهر السابق.
وتابعت: "إجمالي عائدات الصادرات التركية إلى السعودية، خلال الأشهر الـ 4 الأولى من العام الحالي، بلغ 125.298 مليون دولار، في حين كان إجمالي الصادرات إلى السعودية خلال العام الماضي بأكمله، 265.4 مليون دولار."
وأردفت: "هذا مؤشر بارز على بدء تحسّن العلاقات. ومن المتوقع أن تنعكس آثار التطبيع بين البلدين، بشكل أوضح على البيانات الاقتصادية، خلال الربع الأخير من العام الحالي."
وتابعت: "وفي ضوء هذه التطورات، تأتينا أنباء من السعودية حول بدء اتخاذ الخطوات الأولى حول تذليل كافة العقبات أمام الحاويات التجارية التركية في الجمارك السعودية، والسماح لها بدخول السوق."
"السوق السعودي سيختار تركيا المنافسة لأوروبا والصين لتأمين الكثير من احتياجاته"
وقالت الخبيرة الاقتصادية إن السوق السعودي سيختار تركيا لتأمين العديد من احتياجاته، وذلك لعدة أسباب أبرزها القرب الجغرافي وتوفير مصاريف النقل، وجودة المنتجات وانخفاض الأسعار التي باتت تنافس نظيراتها الأوروبية والصينية.
وشددت على أنه من الضروري في الوهلة الأولى، الوصول بحجم التبادل التجاري بين تركيا والسعودية إلى ما كان عليه في عام 2020، وهو 5 مليار دولار، ومن ثم رفع هذا الرقم إلى 10 مليارات دولار، بحلول نهاية العام المقبل 2023.
دور كبير بانتظار الشركات التركية في رؤية السعودية 2030
وفي سياق متصل، قالت الأكاديمية التركية إن هناك أكثر من 150 مشروع صناعي مشترك بين أنقرة والرياض، لافتة إلى توقف العمل فيها بسبب التوترات السياسية خلال الأعوام الأخيرة.
وأضافت أنه من المنتظر استئناف العمل المشترك في هذه المشاريع التي قالت إن أعدادها قابلة للزيادة خلال المرحلة المقبلة.
وتابعت: "الشركات التركية التي تمتلك قدرات كبيرة في مجالات الزراعة، والسياحة، والترفيه، والصحة، والبناء والمقاولات، ستساهم في قطع السعودية شوطاً كبيراً في تنويع قطاعاتها، وذلك في إطار رؤية المملكة لعام 2030."
وأوضحت أنه إلى جانب هذا، فإن التعاون التركي السعودي لن يقتصر على التجارة فقط وسيمتد إلى تبادل الخبرات التكنولوجية."
وأردفت: "عالم الأعمال في تركيا والسعودية، يتممان بعضهما البعض."
واختتمت الأكاديمية التركية حديثها بالإشارة إلى أن السنوات الـ 10 الأخيرة أعطت لنا دروساً هامة، أبرزها أن سوء العلاقات بين تركيا والسعودية، يعود بالضرر الكبير على مصالح البلدين على حد سواء، وأنه من الممكن حل جميع الخلافات مهما كبرت، حال توفرت الإرادة السياسية من أجل ذلك.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!