ترك برس
تواصل تركيا التنقيب عن الغاز الطبيعي في البحرين الأسود والمتوسط، رغم اكتشافها كميات غاز وصفت بالقياسية في تاريخ البلاد، قبل قرابة عامين قبالة سواحلها الشمالية، في حين تتجه الأنظار إلى عام 2023 الذي سيشهد ضخ الغاز المكتشف إلى المنازل، وما إذا كان سيساهم في تخفيف أعباء الاقتصاد وخاصة التضخم.
قبل أقل من عام على موعد الانتخابات البرلمانية التركية المرتقبة في يونيو/حزيران المقبل، تزداد المنافسة بين التحالف الحاكم وتحالف المعارضة سخونة بعد إظهار سلسلة من استطلاعات الرأي إمكانية فقدان الحكومة الأغلبية البرلمانية، وتراجع شعبيتها، على خلفية الوضع الاقتصادي المتدهور. ولكن التحالف الحاكم يسعى للتأثير في قناعات الشارع التركي من خلال المؤشرات الاقتصادية الإيجابية لبدء ضخ الغاز المكتشف العام القادم.
فقد بلغ معدل التضخم في يوليو/تموز الماضي 79.6% على أساس سنوي، وهو أحد أعلى نسب التضخم في العالم، في حين ارتفع العجز التجاري بنسبة 184.5% في يونيو/حزيران الماضي على أساس سنوي، ليبلغ 8.16 مليارات دولار، حسب أرقام وزارة التجارة التركية.
من جهتها، خفضت وكالة "موديز" للتصنيف الائتماني تصنيف تركيا من B2 إلى B3، وهو أدنى مستوى لها في تاريخها. وقالت "موديز" إن الضغوط المتزايدة على ميزان المدفوعات، وخطر حدوث مزيد من التراجع في احتياطيات النقد الأجنبي وراء التصنيف.
وتراجعت قيمة الليرة التركية هذا العام بنحو 25%، بعد أن هبطت بنسبة 44% العام الماضي. وبينما يجري تداول الليرة حاليا قرب 17.95 مقابل الدولار، فقد رفع البنك المركزي التركي توقعاته لسعر الدولار مقابل الليرة التركية لنهاية العام الجاري من 18.99 إلى 19.65.
وإذ لا يخلو الاقتصاد التركي، في المقابل، من مؤشرات إيجابية، فإن الحكومة تتطلع إلى مزيد منها على صعيد استخراج الغاز.
فقد أعلن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان ووزير الطاقة والموارد الطبيعية فاتح دونماز أخيرا أن الغاز المكتشف في حقل "صقاريا 1" سيدخل مرحلة الضخ في الربع الأول من 2023.
وفتح الإعلان الرسمي للموعد المتوقع لوضع الغاز التركي موضع الاستخدام نقاشا حول توفر الإمكانات المطلوبة لتحقيق ذلك عمليًّا، وانعكاسات ذلك -إذا ما حدث- على الاقتصاد المحلي، ومن ثم على توجهات الناخبين.
إسهام الغاز في الاقتصاد التركي
ونقل تقرير لـ "الجزيرة نت" عن الباحث الاقتصادي التركي يلماز أوزتورك، قوله إنه مع بدء الإنتاج المقرر في مارس/آذار المقبل، حسب الحكومة التركية، فإن 30% من احتياجات الغاز المحلية ستلبّى مع توفير نحو 4 مليارات دولار للخزينة التركية.
ويضيف أوزتورك، أن الإنتاج سيكون بتكلفة محلية، وذلك سينعكس في شكل انخفاض في أسعار الغاز، بالنظر إلى أن الإنتاج سيكون باستخدام الوسائل المحلية من سفن ومنصات. لكنه لفت إلى أن استخراج الغاز لا يمكن أن يكون في أفضل من التوقيت المقترح، لأن نحو 25% من عقود الغاز الطويلة الأجل لتركيا انتهت العام الماضي.
وبينما يعاني الاقتصاد التركي في الوقت الحالي من ارتفاع تكاليف واردات الطاقة بسبب أزمة الطاقة العالمية، فمن المؤكد -حسب الباحث- أن يسهم الغاز الوطني في توفير قيمة نحو 900 مليون متر مكعب من الغاز في الربع الأول من عام 2023. ويرى أوزتورك أن أهم نتائج ذلك تتجلى في خفض التضخم بشكل كبير نتيجة انخفاض تكاليف الطاقة المستخدمة في القطاع الصناعي.
وإذ لا يختلف الخبراء بشأن الإسهام الكبير المنتظر للغاز المكتشف في البحر الأسود وأي اكتشافات أخرى لاحقة، فإن ثمة نقاشا يدور بشأن واقعية التوقعات بالبدء باستخراج الغاز ووصول تأثير استخدامه إلى مؤشرات الاقتصاد الكلي في الربع الأول من عام 2023.
ويرى خبير الطاقة ورئيس شركة المصادر الدولية "Global Resources Corporation" للاستشارات الإستراتيجية محمد أوغوتشو أن استخراج الغاز الطبيعي المحلي ومعالجته واستخدامه يستغرق ما لا يقل عن 7 إلى 8 سنوات، حسب ما نقل عنه أوزتورك.
لكن المدير السابق لشركة "بوتاش" لخطوط أنابيب البترول التركية غوكهان ياردم، الذي يقرّ بأن الإنتاج يستغرق وقتا، شدد على أن بالإمكان تسريعه باستخدام تقنيات مختلفة.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!