ترك برس
تتباين آراء الخبراء والمحللين بشأن مواقف الدول الغربية وخاصة الولايات المتحدة فيما يتعلق بمواصلة دعم إسرائيل عقب قرارات محكمة العدل الدولية في دعوى الإبادة الجماعية التي رفعتها جنوب إفريقيا.
وفي هذا الصدد، يقول الكاتب والصحفي التركي بولنت أوراك أوغلو، إنه في أعقاب صدور القرارات القضائية المؤقتة التي اتخذتها محكمة العدل الدولية، "تخلت الولايات المتحدة والعديد من الدول المتحالفة مع إسرائيل عن دعمها لها".
وأوضح أوراك أوغلو في مقال بصحيفة يني شفق أنه "بعد أن هرعت دول الغرب إلى إسرائيل لدعمها عندما هاجمت غزة واحتضنت نتنياهو "جزار غزة" ودافعت عن مجازر إسرائيل وجرائم الإبادة الجماعية التي ارتكبتها في قطاع غزة، بدأت الولايات المتحدة والدول الغربية الآن في ترك إسرائيل واحدة تلو الأخرى.
فقد حث الاتحاد الأوروبي وألمانيا وفرنسا وهولندا، إسرائيل على "الامتثال لقرارات المحكمة"، كما دعت الولايات المتحدة وبريطانيا إسرائيل إلى "الاعتدال".
وتساءل الكاتب: ألم تتمكن دول العالم التي تأخرت كثيرًا في إدانة جرائم إسرائيل ـ جيش القتلة الصهيوني ـ أن تستنكر جرائم الإبادة الجماعية والجرائم الوحشية التي راح ضحيتها 26 ألف مدني فلسطيني، من بينهم 15 ألف طفل وامرأة؟
أصدرت محكمة العدل الدولية قرارًا يقضي بمنع إسرائيل من ارتكاب أي أعمال قتل أو اعتداء أو تدمير ضد سكان غزة، واتخاذ جميع التدابير اللازمة لمنع الإبادة الجماعية.
وقد رحبت العديد من الدول بهذا القرار، وشددت على ضرورة التزام تل أبيب به، وقد اتخذت إسرائيل موقفًا منفصلًا، ورفضت الاعتراف بالقرار.
وقالت المفوضية الأوروبية وجوزيب بوريل، الممثل الأعلى للاتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية، في بيان مشترك بشأن القرار: "قرارات محكمة العدل الدولية ملزمة للأطراف ويجب عليها الالتزام بها، ويتوقع الاتحاد الأوروبي تنفيذها الكامل والفوري والفعال".
وأكدت الأمم المتحدة أن على إسرائيل اتخاذ تدابير منع وقوع أعمال إبادة جماعية بحق الفلسطينيين. وذكرت الحكومة الألمانية أن قرار محكمة العدل الدولية بشأن إسرائيل ملزم بموجب القانون الدولي، وأن على إسرائيل احترامه والامتثال له.
أكدت وزارة الخارجية الفرنسية مجددًا ثقتها في محكمة العدل الدولية ودعمها لقرارها بشأن إسرائيل. وجددت وزارة الخارجية الإسبانية دعوتها إلى وقف إطلاق النار وحل الدولتين، وقالت: "نحن ندعم قرار محكمة العدل الدولية، ونعمل على وقف دوامة العنف"
ودعت الحكومة الهولندية المؤقتة إلى الالتزام بالقرارات المؤقتة التي اتخذتها محكمة العدل الدولية ضد إسرائيل. كما أعرب الرئيس الكولومبي غوستافو بيترو عن تأييده لقرار المحكمة، قائلاً: "إن قرار المحكمة هو انتصار للإنسانية، ويجب أن يؤدي إلى وقف الإبادة الجماعية التي ترتكبها إسرائيل". فيما أعربت حكومتا أيرلندا وإسبانيا عن ارتياحهما لقرار المحكمة. وطالبت مصر إسرائيل بالامتثال للإجراءات التي اتخذتها محكمة العدل بشأن قطاع غزة. ورحبت السعودية بالقرار.
ويؤكد بولنت أوراك أوغلو أنه عقب صدور قرار محكمة العدل الدولية، أعرب بعض المحامين من الدول الإسلامية الذين شغلوا مناصب عليا في المحكمة الجنائية الدولية، عن اعتقادهم بأن مذكرات اعتقال قد تصدر ضد بنيامين نتنياهو وقادة الجيش الإسرائيلي وكل من شارك في الحملة العسكرية. وأكدوا أن "الإفلاس السياسي لحكومة نتنياهو مستمر بعد قرار محكمة العدل الدولية، ومن المؤكد أن هذا سيؤدي إلى مزيد من عزلة إسرائيل مع مرور الوقت".
ونشرت صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية، إحدى أبرز الصحف الإسرائيلية. تحليلاً ملفتاً بشأن الحرب على غزة، جاء فيه "حان الوقت لقول ما يعرفه الجميع: من المستحيل أن يفوز بنيامين نتنياهو".
ويتابع الكاتب: بينما كانت نتائج قرار محكمة العدل الدولية ضد إسرائيل بشأن الإبادة الجماعية يتردد صداها في جميع أنحاء العالم، وردت أنباء عن رفع دعوى قضائية ضد الرئيس الأمريكي جو بايدن أيضًا من الولايات المتحدة. فقد رفع مركز الحقوق الدستورية في الولايات المتحدة دعوى قضائية ضد الرئيس الأميركي جو بايدن وإدارته لفشلهم في منع "الإبادة الجماعية" بغزة. ووفقاً لقناة "الجزيرة" فقد بدأ النظر في القضية أمام محكمة فدرالية بولاية كاليفورنيا،
ويرى المدعون أن الدعم غير المشروط الذي قدمه المتهمون بايدن ووزير الخارجية أنتوني بلينكن ووزير الدفاع لويد أوستن لإسرائيل، خلق ظروفا ملائمة للإبادة الجماعية التي ترتكبها إسرائيل.
وطالب المدعون المحكمة الدستورية بإصدار أمر إلى الولايات المتحدة باستخدام نفوذها لحث إسرائيل على إنهاء عدوانها في غزة. وقد رفع "مركز الحقوق الدستورية" الدعوى القضائية لأول مرة في نوفمبر من العام الماضي.
صرح البيت الأبيض بأن الولايات المتحدة لا ترى أي مؤشرات على وقوع إبادة جماعية في تصرفات إسرائيل في غزة، لكنها وجدت أن عدد القتلى الفلسطينيين مرتفع بشكل غير متناسب. لكنها اعتبرت أن عدد الضحايا من المدنيين الفلسطينيين زاد بشكل مبالغ فيه. وأما بريطانيا، فقد زعمت أن قرار محكمة العدل الدولية لن يساعد في تحقيق وقف إطلاق النار المستدام الذي تطالب به.
في غضون ذلك، ورغم قرار محكمة العدل الدولية بشأن الإبادة الجماعية، أمطر الاحتلال الإسرائيلي غزة بالقنابل في اليوم 113 من الحرب، ما يدفعنا للتساؤل حول إمكانية تنفيذ الأمم المتحدة قرار محكمة العدل في حال معاقبتها لإسرائيل في 26 يناير.
وفي تحدٍ سافر لقرار محكمة العدل الدولية، واصلت إسرائيل في اليوم التالي عدوانها على غزة. فقد أسقطت قنابلها على القطاع، وقصفت العديد من المواقع في خان يونس. وقد وجدت المحكمة أن الأدلة في غزة كافية لمحاكمة إسرائيل بتهمة الإبادة الجماعية وهو ما أسعد الحقوقيين. وأشارت المحكمة في الجلسة التاريخية بـ 26 يناير، إلى إمكانية معاقبة إسرائيل. والآن يترقب العالم قرار الأمم المتحدة بشأن العقوبات التي ستفرضها على إسرائيل في حال تم إدانتها من قبل محكمة العدل بارتكاب جرائم إبادة جماعية في غزة.
ويأتي هذا الترقب في ظل استمرار إسرائيل برفض قرار محكمة العدل الدولية، وعدم امتثالها لقراراتها، والتي تقضي بوقف العدوان على غزة ووقف محاكمة الفلسطينيين. ما يدعونا للتساؤل حول ما إذا كانت إسرائيل تتصرف من تلقاء نفسها، أم أن هذا راجع للدعم الذي تتلقاه من الولايات المتحدة وبريطانيا؟
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!