جيرين كينار - صحيفة تركيا - ترجمة وتحرير ترك برس
إن العبارة التي مفادها أنّ أنقرة تخطئ في قراءاتها فيما يخص الشرق الأوسط، أصبحت عبارة شائعة إلى درجة أن لا أحد يقوم بتحليل السياسة التركية المتبعة تجاه هذه المنطقة. فأصحاب مثل هذه الادعاءات يستندون إلى ما يصدر من كتابات في الصحف الأمريكية حول انهيار السياسة التركية في الشرق الأوسط. وأن تركيا لم تستطع أن تتبنى سياسة فعالة فيها. فعندما تتضارب السياسة التركية مع مصالح الولايات المتحدة وخاصة فيما يتعلق بالشرق الأوسط، سرعان ما يعلنون وبكل قوة أن أنقرة تتبنّى سياسة منعزلة، وأن تركيا أدارت ظهرها للغرب.
لكن ربما لم تكن أنقرة مخطئة في قراءاتها للشرق الأوسط، ولربما يكون المخطئ هو الرأي العام الغربي. صحيح أن هناك اختلافاً في بعض وجهات النظر بين أنقرة والرأي العام الغربي بخصوص بعض المسائل، لكن على المدى البعيد نجد أن أنقرة كانت محقة في قراءاتها لكثير من المواضيع المتعلقة بالشرق الأوسط. فهناك العديد من الأمثلة على ذلك منها:
أزمة إيران النووية عام 2009
بذلت الحكومة التركية قصارى جهدها من أجل حل مشكلة المفاعلات النووية الإيرانية بالطرق الدبلوماسية، وذلك بوساطة مباشرة من قبل وزير الخارجية أحمد داود أوغلو الذي أجرى عدة لقاءات بين الأطراف المتنازعة. حيث قال في هذا الصدد "إن الفكر السائد في الغرب بشأن إيران يشبه مرحلة الحرب الباردة. فهم يتعاملون مع الإيرانيين وكأنهم في حالة حرب باردة معهم. فإيران أيضا لها الحق كما بقية الدول في الاستفادة من الطاقة النووية لأغراض سلمية. إلى جانب هذا فقد دعت الحكومة التركية الإيرانيين مراراً إلى التعاون مع الوكالة الذرية. ولقد أبلغتنا الحكومة الإيرانية أنها لا تنوي إنتاج الأسلحة النووية وأعطتنا الضمانات اللازمة بهذا الخصوص. فنحن لا نعارض استفادة الإيرانيين من الطاقة النووية ما دامت تنتجها بالتنسيق مع وكالة الطاقة الدولية".
أيار/ مايو 2010
وقّعت إيران على مذكرة تفاهم بخصوص المفاعلات النووية مع تركيا والبرازيل. لكنّ هذه المذكرة لم تلقَ ترحيباً من قبل الدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الأمن وألمانيا. حيث قال داود أوغلو آنذاك "نعارض العقوبات الجديدة المفروضة على إيران، فنحن كحكومة تركيا نعتقد بأن العقوبات والتحضيرات العسكرية ضد إيران خاطئة".
تموز/ يوليو 2010
وقّع الرئيس الأمريكي باراك أوباما على مشروع قرار يتضمن فرض عقوبات جديدة على إيران.
تشرين الثاني/ نوفمبر 2013
عُقِدت في جنيف جلسة مباحثات بين الإيرانيين والدول الدائمة العضوية في مجلس الأمن بالإضافة إلى ألمانيا، للتشاور حول أزمة إيران النووية. حيث قال داود أوغلو "إن الاتفاق الذي حصل بين الطرفين في جنيف مهم جداً ويبعث الأمل في زيادة الثقة بين الأطراف. نحن ندعم كل مبادرة تؤدي إلى تخفيف حدة التوتّر في المنطقة وتزيل العقوبات المفروضة على البلدان. وفي هذا الصدد أودّ أن أذكّر الجميع بالفرصة التي تمّ التفريط بها عام 2010 عندما وقّعنا اتفاقية طهران. ففي ذلك التاريخ لم تكن إيران قد بدأت بتخصيب اليورانيوم الذي أنتجت 20% منه اليوم حيث أنّ هذا الإنتاج يشكّل الآن عقبةً في طريق الاتفاق".
العراق نيسان/ أبريل 2012
جاء في تصريحات رئيس الوزراء رجب طيب أردوغان حول علاقات البلدين كما يلي "فليقل المالكي ما يريد فلن يستطيع أن يفسد علاقاتنا مع الإخوة العراقيين، فكلامه لا يعكس نظرة العراقيين تجاه الشعب التركي. إنّ نوري المالكي لا يفي بوعوده، ولهذا السبب وصلنا إلى هذا الطريق المسدود. ويجب أن يعلم المالكي أنّ تصرفاته ليست ديمقراطية، فهو يتحدث عن الصراعات الطائفية، فنحن لا ندعو إلى مثل هذه النزاعات. بل هو نفسه من يشعل فتيل النزاعات الطائفية لأنه رجل طائفي بامتياز".
شباط/ فبراير 2012
قال داود أوغلو "يشغل المالكي منصب رئاسة الوزراء لمدة سبعة أعوام. وخلال هذه الفترة الكلّ يرى مدى تدهور الأوضاع الاقتصادية في البلاد. وعلى الرغم من امتلاك العراق لمخزون كبير من الطاقة، لماذا لا يستفيد المواطنون من التيار الكهربائي باستمرار، ولماذا يتعرض التيار الكهربائي للانقطاع بين فترة وفترة. لماذا يدخل المالكي كل يوم في صراعات مع زعماء الفصائل والأحزاب العراقية، ولا يمضي يوم إلا ويكون في صراع مع أحد قادة الفصائل والأحزاب في البلاد".
حزيران/ يونيو 2014
صرحت وزيرة الخارجية الأمريكية السابقة هيلاري كلينتون بأن حكومة نوري المالكي غير صالحة لقيادة البلاد وأنها تتسم بالدكتاتورية.
آب/ أغسطس 2014
رحّب الرئيس الامريكي باراك أوباما بقرار الرئيس العراقي فؤاد معصوم الذي كلف مساعد رئيس المجلس العراقي حيدر العبادي بتشكيل الحكومة الجديدة وإزالة نوري المالكي من منصبه.
الأزمة السورية تشرين الأول/ أكتوبر 2013
قال داود أوغلو في هذا السياق "إن النظام السوري وباستخدامه للأسلحة الكيميائية، تجاوز كل الأعراف الدولية. نحن لا نؤيد انتشار المجموعات المتطرفة في هذه المنطقة ولا في أي مكان في العالم، لكن الصمت الدولي اتجاه المجازر المرتكبة من قبل النظام بحق الأبرياء في سوريا هو العامل الأساسي في انتشار التطرف. ولهذا فإننا نعمل على تقوية الائتلاف الوطني السوري حتى يكون الطرف الأقوى في طاولة المفاوضات. وفي حال عدم تقوية هذا المجلس الذي يمثل الشعب السوري، فإن البعض من أعضاءه ربما يضطر إلى دعم الجماعات المتطرفة وعندها تكون الكارثة الكبرى. فلو قدم المجتمع الدولي الدعم الكافي لهذا المجلس لما ظهرت هذه المجموعات المتطرفة في سوريا".
كانون الثاني/ يناير 2014
عندما تمكنت قوى المعارضة من إحكام سيطرتها على الشمال السوري، ظهر تنظيم الدولة "داعش" الذي تربطه بالنظام السوري مصالح مشتركة. وبهذا امتلك النظام ذريعة لضرب الشمال السوري بحجة محاربتها للمتطرفين هناك. وهذا ما أدى إلى اشتداد حدة الاشتباكات في المناطق الشمالية.
آب/ أغسطس 2014
قالت وزيرة الخارجية الأمريكية الأسبق هيلاري كلينتون إن عدم دعم الولايات المتحدة للمعارضة السورية جعل تنظيم الدولة الإسلامية يزداد قوة في العراق وسوريا. وإن عدم تسليح المعارضة السورية، مهّد الطريق إلى سيطرة المجموعات المتطرفة على المعارضة المسلحة التي كانت تضم الإسلاميين المعتدلين والعلمانيين وكافة أطياف الشعب السوري.
* نشرت المقالة في الأصل في صحيفة "تركيا" بعنوان "قراءة خاطئة من أنقرة للشرق الأوسط"
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!
مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس