ترك برس
أثارت لوحة لقائد عسكري عثماني، الانتباه في المكان الذي التقى فيه وزير الخارجية التركي هاكان فيدان مع قادة من حركة حماس.
وقبل يومين، نشرت وزارة الخارجية التركية صورة للقاء الذي جمع فيدان في إسطنبول مع كلّ من رئيس مجلس شورى حماس محمد إسماعيل درويش، وأعضاء المكتب السياسي للحركة.
وتزامن اللقاء مع محادثات تجرية حماس لتعيين خلف لقائدها يحيى السنوار الذي استشهد في اشتباكات مع القوات الإسرائيلية، بمدينة رفح جنوبي قطاع غزة.
وتفاعل رواد منصات التواصل الاجتماعي مع الصورة المعلّقة على جدار الغرفة التي استضافت اللقاء، ليتضح بأنها تعود لـ أحمد جواد باشا، أحد آخر القادة العسكريين العثمانيين على جبهة فلسطين.
من هو أحمد جودت باشا؟
ولد أحمد جودت باشا بن إسماعيل بن علي بن أحمد في 27 مارس/آذار عام 1822 بمدينة لوفتش (شمال وسط بلغاريا)، وكان والده إسماعيل آغا عضوا في المجلس الإداري للمدينة، أما والدته عائشة خانم فتنتسب إلى أشهر عائلات "توبوز أغولاري".
الدراسة والتكوين
تلقى مبادئ العلوم الدينيّة واللغويّة على أبيه، وسافر إلى إسطنبول عام 1839 حيث درس على علمائها وأتقن اللغات العربية والفارسية والتركية، وأتم تعليمه بالمدرسة الدينية بتفوق.
كان أحمد جودت باشا يتحدث العربية والتركية والفارسية كما كان على إلمام بالفرنسية والبلغارية، بحسب تقرير لـ "الجزيرة نت".
الوظائف والمسؤوليات
عمل بقطاع التعليم 1845 وعيّن مديراً لمدرسة دار المعلمين بإسطنبول 1820 ونال لاحقا عضوية مجلس المعارف العمومية.
عين مفتشا في ولاية البوسنة والهرسك، ثم شغل منصب المؤرخ الرسمي للدولة العثمانية سنة 1855. كما عين رئيسا لمجلة الأحكام العدلية العثمانية، وعين واليا عثمانيا على حلب عام 1866، وتولى وزارات العدل والتعليم والتجارة والداخلية والأوقاف، وكان عضوا في مجلس الوكلاء.
التجربة الوظيفة والسياسية
بعد تضلعه في اللغات والسياسة والعلوم الشرعية حظي أحمد جودت باشا بثقة الباب العالي (مقر السلطنة العثمانية)، فتقلد وظائف سامية وأنيطت به مسؤوليات سياسية كبيرة داخل تركيا وخارجها.
وقد أشرف أحمد جودت على وضع العديد من الأنظمة القانونية وتنفيذها، فاختير لرئاسة مجلس الإصلاحات (القومسيون)، كما ترأس المجلس المكلف بتنظيم القانون المتعلق بالأراضي.
ولاحقا أسندت إليه "مأمورية فوق العادة" فجرى إيفاده إلى مناطق عدة لتنفيذ ووضع خطط سياسية وعسكرية، فكلف بإصلاح أحوال منطقة الإسكندرونة التركية وأوفد إلى البوسنة والهرسك.
وتولى أحمد جودت باشا نظارة (وزارة) العدل خمس مرات والمعارف (التعليم) ثلاث مرات، إلى جانب نظارة التجارة، وفي عام 1878 تولى نظارة الداخلية وبعد ذلك الأوقاف.
إلى جانب مركزه في السلطة، يعتبر أحمد جودت باشا من أبرز أحد أبرز الدعاة والعلماء، وله حضوره الواسع في مجالات الأدب والتاريخ والسياسة.
تكرست محورية أحمد جودت باشا في الدولة العثمانية لكونه عمل مع خمسة سلاطين آخرهم عبد الحميد الثاني، ولكونه جمع بين مقومات الفقيه ورجل الدولة، وكان صاحب رؤية تقدمية تعتمد على المواءمة بين الشريعة والاستفادة من المدنية الأوروبية.
فقد نقل عنه قوله إن الدين الإسلامي هو سر وحدة المسلمين ومصدر قوتهم، وإن العثمانيين مدينون للإسلام، باعتباره البوابة التي دخلوا منها التاريخ، وكان يؤمن بأن الدولة العثمانية مؤهلة لزعامة العالم الإسلامي وحمايته من الأخطار.
لكنه كان من ضمن قيادات الدولة العثمانية الداعية إلى الانفتاح على الحداثة الأوروبية والاستفادة من التطور الغربي بشكل عام في إطار الإصلاح.
وقال في هذا الصدد "مؤسسات الدولة مترابطة ويؤثر كل منها في الآخر مثل أجزاء الساعة الواحدة لا بد أن تعمل جميعها فى نظام حتى تؤدي الساعة عملها على الوجه الأكمل، وأي خلل يصيب أحد أجزائها يؤثر في عمل بقية الأجزاء فتفقد الساعة وظيفتها، ويتعطل دولابها.. ومن المناسب للدولة أن تأخذ من النظم العسكرية والإدارية -التي هي مصدر قوة الغرب- ما يناسب أصولها وثقافتها".
وحرص ضمن هذا الإطار على تشجيع استنباط أحكام فقهية في صياغة القوانين العصرية، منتقدا الأصوات التي تقول بعجز الشريعة الإسلامية عن مواكبة تطورات العصر، فهو يرى أن "التغيير ينبغي ألا يهدم أصول القيم التي تقوم عليها الدولة والمجتمع، فالإصلاح لا يعني تجريد الدولة العثمانية من هويتها كدولة مسلمة، لأن مفهوم الدولة في الإسلام أفضل من مفهومها لدى الغرب، وأن الدولة التي تلتزم باتباع أصول الحكم والإدارة كما هي معروفة فى الفكر الإسلامي، يمكن أن تحقق مبادئ الحرية التي لا تتعارض مع العدل والحق وأن تقيد سلطة الحكومة المطلقة".
وفي أواخر الثمانينيات من القرن التاسع عشر استقال أحمد جودت باشا من مناصبه الإدارية والسياسية وركز وقته للبحث والتأليف.
المؤلفات
ومن مؤلفاته: قصص الأنبياء وتاريخ الخلفاء، التاريخ العثماني(12 مجلداً)، خلاصة البيان في القرآن، مدخل القواعد، ترجمة جزء من مقدمة ابن خلدون، مجلد قانون الأراضي والنظام المتفرع عنه، تواريخ القوانين الصادرة عن مجلس التنظيمات، وله في علم المنطق كتاب بعنوان "ميعاد سداد".
الوفاة
وفي 26 مايو/أيار عام 1895 توفي أحمد جودت باشا في قصره الواقع في منطقة "بيبيك" بإسطنبول، ودفن في تربة السلطان محمد الفاتح.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!