يوسف قابلان - يني شفق

شهدت تركيا مؤخرًا هجومًا إرهابيًا جبانًا استهدف شركة الصناعات الجوية التركية "توساش"، والتي تعد من أبرز رواد الثورة التي تشهدها صناعاتنا الدفاعية إلى جانب شركة بايكار. وقد أسفر هذا الهجوم الإرهابي عن اشتباكات مسلحة استمرت لوقت طويل، وخلفت وراءها خمسة شهداء و22 جريحًا.

تركيا تواجه مؤامرة متعددة الأوجه

إن استهداف صناعة الدفاع التركية هو في الحقيقة اعتداء على سيادة تركيا واستقلالها. وهذا هجوم دنيء بلا شك.

لقد أكدت مرارًا أن الهدف النهائي للإبادة الجماعية في غزة، على المدى المتوسط والبعيد، هو تركيا. فنشر 6 أساطيل بحرية أمريكية، تحمل مئات الطائرات الحربية، في شرق المتوسط لا يبدو أنه من أجل بغزة، أليس كذلك؟

وكذلك دخول الصين إلى شرق المتوسط بستة أساطيل بحرية يجب أن يُفهم كخطوة تهدف لإعادة رسم الخرائط الاستراتيجية للعالم عبر هذه المنطقة على المدى المتوسط ​​والطويل.

إن التجمع العسكري المكثف لأمريكا والصين والدول الأوروبية الكبرى في شرق البحر الأبيض المتوسط ​​والجانب القبرصي اليوناني لا يمكن تفسيره على أنه موجه فقط إلى غزة.

علينا جميعًا أن ندرك أن الإمبرياليين يسعون تدريجيًا إلى زرع إيران في المنطقة التاريخية للدولة العثمانية، في محاولة لمحاصرة تركيا وتضييق الخناق عليها.

تُعتبر إيران حليفًا سرياً للبريطانيين واليهو. لقد تم زرعها في المنطقة منذ نصف قرن لإعاقة تقدم تركيا، التي تُعد حصن أهل السنة. ويتم العمل على دعم إيران للوصول إلى تكنولوجيا الأسلحة النووية لخلق تهديد طويل الأمد لتركيا. إن عدم إدراك هذه الحقيقة يُعد إما غباءً أو تواطؤاً.

ورغم كل شيء، يتم نصب فخ كبير لتركيا لإثارة صراع شيعي سني. يجب على تركيا ألا تقع في هذا الفخ، وألا تدفع إيران إلى أحضان الغرب، بل يجب عليها أن تبذل قصارى جهدها للحفاظ على إيران ضمن مدارها الحضاري. فهذا أحد الحلول لمنع الصراع الشيعي السني المخطط له.

يجب على أبناء سلاجقة وأبناء صلاح الدين أن يتكاتفوا

وليس من قبيل المصادفة أن الهجوم على شركة جاء بعد تصريحات الرئيس أردوغان التي أكد فيها أن "الهدف الحقيقي في المنطقة هو تركيا" وأيضًا بعد تذكير زعيم حزب الحركة القومية دولت بهجلي بأهمية الأخوة التاريخية الممتدة لألف عام لمواجهة استغلال الإمبرياليين للأكراد.

تركيا بأكملها تشتعل من الغضب جراء ما حدث. وقد تم توجيه الرد اللازم على الفور لهؤلاء العملاء، وسيتواصل الرد. ولكن الأهم هو توجيه رسالة واضحة للإمبرياليين الذين يحركونهم من خلف الستار.

أود أن أذكّر هذه الدمى ومشغليها بشيء مهم: لقد قدمت هذه البلاد مثالاً غير مسبوق من الأخوة استمر على مدار ألف عام. فقد تعاون أبناء السلاجقة وأبناء صلاح الدين وأهدوا البشرية تجربة حضارية فريدة غيّرت مجرى التاريخ العالمي. ولو كانوا قد تحاربوا بدلاً من التعاون، لما كنا متواجدين هنا اليوم.

لذلك، تم تقويض الأخوة الإسلامية في هذا البلد من خلال العلمانية في تركيا، وكذلك عبر الأصول المروّعة لكردية علمانية تمتد حتى الستالينية في شرق تركيا. ومع تزايد تقديس العلمانية، تم تحريض الهويات العرقية، بينما تآكلت الهويات الإسلامية والمشاعر المرتبطة بها.

لقد ساهمت الانقلابات العسكرية في تآكل الهويات والمشاعر الإسلامية. وإذا استمر هذا التآكل، سيؤدي ذلك إلى تحريض أبناء صلاح الدين وأبناء السلاجقة على الصراع بدلًا من التعاون، مما سيجعلهم يحولون العالم إلى جحيم بأيديهم، لا قدر الله.

إن الهجوم على شركة توساش هو طعنة غادرة موجهة لوحدة وتماسك وأخوة تركيا. وأولئك الذين نفذوا هذا الهجوم هم دمى وأدوات للإمبرياليين الذين لا يريدون لهذه البلاد أن تكون متحدة ومتماسكة ومتآخية.

يجب ألا تتردد تركيا في توجيه الرسالة اللازمة إلى أولئك الدمى بأقسى اللغات، وإلى أولئك الذين يستخدمونها كأدوات لتحقيق أهدافهم الإمبريالية.

نسأل الله تعالى الرحمة لشهدائنا، والشفاء العاجل لجرحانا.

عن الكاتب

يوسف قابلان

كاتب تركي


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس