ترك برس

رأى الخبير السياسي التركي قدير أوستون أن وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن، رغم التزامه التام بتوجيهات الرئيس الأمريكي جو بايدن، لم ينجح في تقديم عقيدة استراتيجية واضحة وفعالة في السياسة الخارجية الأمريكية.

وقال أوستون في تقرير بصحيفة يني شفق إن بلينكن كان أكثر من مجرد شخصية تنفيذية، حيث اكتفى بتطبيق سياسات محددة ولم يظهر كقائد فكري يقدم رؤية جديدة أو منهجًا عقائديًا في السياسة الدولية. وأضاف أن بايدن، باعتماده على خبرته الطويلة في السياسة الخارجية، اختار بلينكن لأدائه التنفيذي بدلاً من كونه مفكرًا استراتيجيًا.

وتابع أوستون أن إدارة بايدن فشلت في ترجمة ما تصفه بـ"الصراع بين الأنظمة الاستبدادية والديمقراطيات" إلى سياسة استراتيجية واضحة. ففي حين أن بايدن يعتبر هذا الصراع الديناميكية الرئيسية في السياسة العالمية، إلا أن بلينكن وفريقه لم يقدموا استراتيجيات واضحة أو عقائد منهجية لتوجيه السياسة الخارجية الأمريكية في هذا السياق. وهذا، حسب أوستون، يعكس غياب رؤية شاملة تسهم في توجيه الولايات المتحدة نحو مسار جديد.

وأوضح أوستون أن إدارة بايدن، رغم محاولاتها إعادة تنظيم السياسة الخارجية واستعادة مصداقية أمريكا في النظام الدولي، لم تُترجم هذه الطموحات إلى استراتيجيات عملية تحقق النجاح على الأرض.

وبيّن أن السياسة الخارجية لإدارة بايدن تأسست أساسًا على الرد على سياسات ترامب، خصوصًا شعار "أمريكا أولاً"، وهو ما حال دون وضع استراتيجية شاملة ومتماسكة.

وفيما يتعلق ببلينكن، أشار أوستون إلى تصريحات وزير الخارجية التي حاول من خلالها الدفاع عن إنجازات إدارة بايدن، مثل انسحاب القوات الأمريكية من أفغانستان ودعم أوكرانيا، إلا أن هذا الدفاع يبدو بعيدًا عن الواقع.

واعتبر أوستون أن انسحاب الولايات المتحدة من أفغانستان قد كشف عن غياب التنسيق مع الحلفاء وأظهر عجزًا استراتيجيًا في التعامل مع الأحداث، خصوصًا بعد استيلاء طالبان على البلاد بعد 25 عامًا من التدخل العسكري الأمريكي.

كما أشار إلى أن دعم إدارة بايدن لأوكرانيا لم يقدم حلاً واضحًا لإنهاء الحرب، في حين أن تجاهل القضية الفلسطينية واستمرار دعم إسرائيل في سياق التطهير العرقي يعكس قصر النظر الاستراتيجي لدى إدارة بايدن.

أضاف أوستون أن سياسة إدارة بايدن تجاه الصين كانت أيضًا غير واضحة، حيث استمرت في تطبيق إجراءات مشابهة لتلك التي تبنتها إدارة ترامب، مثل فرض العقوبات وحظر الصادرات، دون تقديم استراتيجية واضحة لمواجهة التحديات الصينية. كما لفت إلى أن التصريحات التي أدلى بها بلينكن حول المنافسة مع الصين لم ترتقِ إلى مستوى استراتيجي شامل يعكس فهمًا دقيقًا لهذا الملف.

وفيما يتعلق بالقضية الفلسطينية، أكد أوستون أن بلينكن لم يقدم أي حلول ملموسة، مشيرًا إلى أن موقفه من القضية يظهر عدم قدرة الإدارة على التعامل مع واحدة من أكثر القضايا تعقيدًا في السياسة الدولية.

وختم أوستون بالإشارة إلى أن "عقيدة بلينكن" تفتقر إلى الوضوح والاستراتيجية المتكاملة، وهو ما أدى إلى غموض في أهداف الحرب في أوكرانيا، وفشل في حل الملف الإيراني، ودعم غير مشروط لسياسات الاحتلال الإسرائيلي.

وقال أوستون إن غياب العقيدة الاستراتيجية يتجلى أيضًا في تراجع مكانة أمريكا على الساحة الدولية، وأن البلاد بحاجة إلى استراتيجية شاملة أكثر من أي وقت مضى لضمان قوتها ومصداقيتها في مواجهة التحديات العالمية.

وأضاف أوستون أن السياسة الخارجية الأمريكية تحت إدارة بايدن تفتقر إلى الابتكار العقائدي، محذرًا من أن استمرار هذا النهج سيؤدي إلى استمرار الفوضى في السياسات الدولية للولايات المتحدة، مما يترك مكانًا للمتغيرات الدولية الجديدة أن تتحدى النفوذ الأمريكي.

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!