إردال كراغول - صحيفة يني شفق – ترجمة وتحرير ترك برس
في الأسابيع القليلة الماضية تصدّر مشروع نقل الغاز عبر تركيا المتفق فيه بين الأطراف المعنية من أذربيجان الى دول أوروبا وبالأخص اليونان ودول البلقان كل وسائل الاعلام العالمية، وقد تلاسنت الأطراف في تعاطيها للمشروع، ويأتي هذا الجدل حول الموضوع في سياق الحدث الكبير في عالم الطاقة سواء للأطراف المعنية او لتركيا صاحبة حصة الأسد من المشروع، فكل طرف يدافع عن آرائه وحقوقه من المشروع او على الأقل كما يقدرها هو، فالمشروع الذي يعبر كل تركيا من الشرق الى الغرب يضعها على رئس القوي في المنطقة، ويجعل من تركيا كلمة السر في الطاقة للاتحاد الأوربي.
بسبب الاختلافات في الموقف بين الأطراف المعنية يرى بعض المحللون ان تطورات التفاوض قد تصل الى نهاية مسدودة ما يطر الأطراف الى التنازل عن المشروع، وهو ما لا تريده تركيا التي ترى في المشروع فرصة القرن، اذ تحتاج تركيا الى قرن اخر حتى تحصل على فرصة إقامة مشروع مماثل تملك بسببه مفاتيح قوة وتحكم في المنطقة تجعها على رئس القوى الجيوسياسية ومعادلاتها.
وفي الطرف الاخر من معادلات اتفاقية الغاز نرى ان دول مثل إيران وتركستان والعراق وإقليم كردستان هي دول ذات احتمالية كبيرة للاتفاق معها بخصوص هذا المشروع، فهذه الدول ترى من المشروع فرصة ذهبية فهو صفقة رابحة لكل أطراف الاتفاق الممكنين. اما بالنسبة لتركيا فهي ترى من المشروع فرصة كبيرة لدفع اقتصاد البلاد الى مزيد من الازدهار، فكما كانت المشاريع السابقة في نقل الغاز ذات مربح عظيم، تعلم تركيا ان المشروع هذا سيكون أكثر ربحا وأكثر نفوذا وتصبوا من خلاله ان تصبح دولة محور بدل دولة طرف في معادلات السياسة المستقبلية.
إذا نظرنا في الفوائد المرجوة من المشروع نرى ان الفوائد تزيد عما ذكرناه لتصل الى ان تركيا بإمكانها طلب خصم على سعر الغاز الذي تستورده من البلاد المصدرة عبر انابيبها، إذا ان الدول المصدرة لا يجدون بديل عن تركيا لتصدير غازهم، وبصفتهم المصدرين فان ارباحهم كبيرة جدا مما يترك لتركيا إمكانية المساومة على السعر وطلب تخفيضات، من ثم تستطيع تركيا اتباع هذا الطلب بتحديد أسعار هذا الغاز في أراضيها، مما يجعلها بلا ادنا شك دولة مركز في عالم الطاقة.
في هذا المقام وفي معرض حديثنا عن إنجازات تركيا في نقل الطاقة يجب علينا ذكر الجندي الخفي وراء هذه المشاريع العظيمة الا وهو وزير الطاقة تانير يلدز، فهو الشخص الذي نقل تركيا من دولة شبه معدومة من اقل الإمكانيات سواء بحق الاستفادة من موارد خامها او حقها في انتاج طاقة نووية، هو الذي نقلها من العدم الى دولة محور في كل مشاريع نقل الطاقة في المنطقة من الشرق الى الغرب ومن الشمال الى الجنوب، فرغم كل الضغوطات والحروب الإعلامية والحروب الباردة على تركيا استطاعت تركيا وبكل جدارة دخول مسرح حلبة الكبار.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!
مواضيع أخرى للكاتب
مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس