محمد برلاص - صحيفة صباح – ترجمة وتحرير ترك برس
نرى تقلّبات والتغيرات الاقتصادي تتوافق وتتطابق في هذه الأيام مع " نظرية الفوضى"، فالفرشة التي تحرك جناحيها في غيابات المحيطات تحدث تأثيرا عابرا للقارات، وما الاقتصاد الشيوعي الصيني عن ذلك ببعيد؛ فالحركة المالية في الاقتصاد المالي الصيني كان وما زال سببا في انهيار مصارف الرأسمالية. وفي تصوير اخر للأحداث نرى ان تشبيه العالم الواسع بالقرية الصغيرة قد أصبح واقعا نعيشه، فادّعاء أحدهم ان مشاكله الداخلية انما هي شان خاص قد أصبح طي النسيان؛ اذ وكما نرى فان أزمات اليونان الاقتصادية ضربت برلين، والإرهاب في العالم الإسلامي بات يضرب السكك الحديدة في باريس وبركسل!
سوف نشهد في الأيام القليلة القادمة تطورات الانتخابات المبكرة، ولن تكون هذه الاحداث حكرا على تركيا اذ سنرى تفاعل من العرب وإسرائيل وإيران والولايات المتحدة الأمريكية وأوروبا وغيرهم كثير؛ فخصوصية المسائل الداخلية لم تعد كما كانت في السابق، اذ ان انقرة وفي هذه الأيام أصبحت تلعب دورا محوريا على مستوى الإقليم في الربيع العربي سواء كان ذلك في سوريا وأزمة اللاجئين او حتى في العراق والمشاكل العرقية والمذهبية، في الوقت الذي ما زلنا نرى فيه محادثات السلام مع حزب العمال الكردستاني في الثلاجة.
سنعود وكما يبدوا الى ملاحم التراشق الإعلامي وتصدير الكراهية على المنابر، فالبؤر المكونة للراي العام تقع محل رحمة اجندات بعض الاحزاب والتكتلات السياسية التي قد تنسى الاجندات الوطنية والقومية وتنساق الى ماطرات وحسابات صغيرة. والحقيقة في الموضوع ان هذا الحال ليس بالأمر الجديد في الساحة التركية، فكما أوضح مراد برداكتش بانه وفي عام 1913 لم يكن الشغل الشاغل الذي يدور بينه وبين محمد سيفكات وبلغار إديرني الا النبش والتنقيب لبعضهم البعض!
الا تعتبر هذه الأفعال تحت بند "الاختلال السياسي"؟ ففي الوقت الذي نرى فيه هذه الأفعال وهي تُسقط الإمبراطورية العثمانية؛ نعلم ان عدم اهتمامنا بهذه المشاكل سيعتبر اختلال سياسي. الم نكن نحن من اختر تصفية وقتل كل الأفكار والمذاهب المخالفة لنا في الماضي؟ أولم نكن نحن كذلك من فضّل قتل المنافس الديمقراطي وتصفيته على قبوله والانخراط في العملية الديمقراطية؟ ولم يكن كذلك رؤساء وزاراتنا ووزرائنا هم من تم اعدامهم في النصف الثاني من القرن الماضي؟ بعد كل هذا يجب علينا ان نتحلى بقليل من العقل والقلب وأخرى من التسامح؛ لنستطيع رؤية المؤامرات وتمييز الإرهاب وعمليات الوعي الجمعي "غسل الادمغة" التي تستهدف وحدة وطننا!
نرى اليوم نداء طوغرول توركيش؛ الذي أوضح بان على الحزب القومي تصدر دوره المرتقب بالتحلي بالعقلانية والمصداقية بعد ان ساءت الأحوال وبانت رؤوس الظلامات الحالكة ليأخذ دوره في حكومة الانتخابات. ويا ليت بهجلي يحذو حذو توركتش فيثبت عند أقواله على اقل تقدير، فلو استطاع ان يرى الأمور ويقدرها كما يراها ويقدرها توركتش الذي ترك "تنازعات الدولة" و"التنازعات الحزبية" و"المصالح الشخصية".
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!
مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس