إبراهيم كيراس - صحيفة وطن – ترجمة وتحرير ترك برس
بعد فترة الهدوء النسبي في السنوات القليلة الماضية اثناء عملية محادثات السلام نرى اليوم النهاية المؤسفة لهذا الهدوء، وفي البحث عن أسباب وقف محادثات السلام لن نصل الى شيء واقعي إن لم نبحث في الأسباب الحقيقية لهذا الفعل، ومهما كانت الأفعال الاجرامية لحزب العمال الكردستاني والشهداء الذين يسقطون مدرجين بدمائهم كل يوم قد تدفعنا لنعتقد بان أفعال هذا التنظيم انما هي أفعال عبثية، لكن الحقيقة غير ذلك. فتركيا تعيش هذه الأيام أكبر تهديد وخطر بسبب الهجمات المنظمة عليها، وأخطر ما تتعرض له البلاد نتيجة هذه الهجمات هو الاستقطاب الاجتماعي المبني على الحساسية السياسية، فعلامات الانقسام الشعبي القادم لا تظهر على أساس العرق وانما الحساسية السياسية!
ويحضرني في هذا المقام قصة تاريخية يرويها هنري بيريني من التاريخ الإسلامي في القرن 12-13، فقد كان المسلمون يستوردون خشب وحديد السفن البحرية من مدينة البندقية من اجل بناء اسطولهم البحري الذي سيفتحون به البلاد؛ ولم يكون في بال اهل البندقية بان هذه السفن ستتوج الى المسيحيين في يوم من الأيام، فالتجار رأوا الوقائع اللحظية ولم لم يملكوا بعد نظر يساعدهم على إدراك حقائق الاحداث.
اليوم نرى أمثال هؤلاء وهم يحاربون حزب العدالة والتنمية ويسعون جاهدين من اجل إبعاده عن الحكم، وفي سبيل ذلك لا يرى الليبرالي واليساري أي حرج او غضاضة في غض الطرف او حتى دعم جرائم حزب العمال الكردستاني؛ بسبب قصر نظرهم؛ فهم لا يرون الا المصالح اللحظية؛ فلا يرون أي غضاضة في ان يقلبوا الدنيا من اجل بعض الضغائن هنا وهناك. وكأننا في هذا نعيش تلك اللحظات من حرب البلقان التي كان يقول فيها اباؤنا "بدل دخول إدرنة كان على أنور فتح بلغاريا".
في فترة محادثات السلام كان هؤلاء ينصحون ويدّعون النصح والعرفان ويقولون لحزب العمال الكردستاني الذي كان يفاوض على ترك سلاحه "أن سلاحكم هذا هو أمنكم وصمام أمانكم فلا تتركوه"، والكارثة الكبرى في هذا انهم لم يدعوهم في السراديب ومن أطراف المدينة، بل نشروا دعوهم هذه من على كل منابر الاعلام في طول البلاد وعرضها؛ ليشاركوا آرائهم مع عامة الناس.
وعندما نقول لهم "بالله عليكم ما الذي تفعلونه؟" يردون بان حزب العدالة والتنمية يأخذ بالبلاد الى الهاوية، فهل نسكت على هذا؟ يعتبر النقد السياسي من الحقوق الطبيعية والمحفوظة لكل المواطنين وهي ظاهرة طبيعية في المجتمع بقدر حِلْ رضاعة الرضيع من ثدي أمه، لكن هل هذا يعني انهم يملكون الصلاحيات ليتمادوا ويحرقوا البلاد فقط من اجل خلع نظام لا يوافق هواهم؟ وهل تعني "حرية النقد" شرعنه الافعال الإجرامية للتنظيم الإرهابي الذي يهدف الى تقسيم البلاد والعباد؟
وحسب المثل الأوروبي الذي يصف هذه البسيكولوجيا " تخلص من الماء الملوث الذي في الحوض مع الطفل ورمي بهم الى الشارع"، حتى هذا المثل لا يكفي وصف فظاعة فعلتهم.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!
مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس