جلال سلمي - خاص ترك برس
تذكر الوثائق والمصادر التاريخية أن الجيش العثماني كان قبل أن يشرع بالفتح والحرب يقول دومًا "هايدي بسم الله" ليكون عمله مباركًا ومرعيًا من قبل الله عزوجل وكلمة هايدي باللغة التركية تعني هيا وبهذا يصبح الشعار "هيا بسم الله"، ويبدو أن حزب العدالة والتنمية اقتبس هذا الشعار من أجداده العثمانيين محاولة ً منه لإحياء الماضي التليد ونيل مباركة الله عزوجل.
عقد حزب العدالة والتنمية مؤتمره العام الخامس بتاريخ 12 أيلول/ سبتمبر 2015 في مدينة أنقرة وخلال هذا المؤتمر أعلن الحزب عن انتخاب أحمد داود أوغلو كزعيم له من جديد، وقام داود أوغلو بدوره بإعلان لائحة المرشحين باسم الحزب، وفي نفس المؤتمر تم ترديد الأغنية الانتخابية الخاصة بحزب العدالة والتنمية وكانت بعنوان "هايدي بسم الله".
تبدأ الأغنية في أول جملة لها "مع عشق اليوم الأول هيا بسم الله"، تأكيدًا من حزب العدالة والتنمية على تمسكه الشديد والوثيق بمبادئه التي على أساسها انطلق عام 2002، ومحاولة من حزب العدالة والتنمية لطمائنة المواطنين الناخبين له والذين تخلوا عنه في الانتخابات البرلمانية الأخيرة عتبًا عليه لغفلته عنهم وعن مصحالهم، حسب ما يدعون، وبهذه الأغنية يحاول حزب العدالة والتنمية التأكيد على مبادئ انطلاقته والتي تتعلق بمصالح المواطن والشعب التركي أولًا وأخيرًا؛ على حد تعبير العديد من الخبراء الإعلاميين والسياسيين.
ويعلق الباحث السياسي عبدالقادر سلفي على هذه الأغنية وجملها، في مقال سياسي له بعنوان "هايدي بسم الله" نُشر في جريدة يني شفق بتاريخ 22 سبتمبر 2015، قائلًا إن "حزب العدالة والتنمية من خلال هذه الأغنية وجملها المؤكدة على ثباته على مبادئه وحداثته وتجديده المستمر لنفسه للوصول للأفضل يريد استرجاع ثقة ناخبه الذي تخلى عنه في الانتخابات البرلمانية الأخيرة محذرًا له من انحداره النسبي عن المبادئ والأسس التي على أساسها أعلن انطلاقته عام 2002".
ويضيف سلفي أن "الشعار والأغنية يؤكدان الجذور الأساسية لحزب العدالة والتنمية وهي جذور عثمانية مُكللة بالنجاحات والفتوحات والإنجازات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والفكرية والحضارية، وهنا يستهدف حزب العدالة والتنمية الحس الوطني والقومي والتاريخي للشعب التركي الذي يفتخر بجميعها دون استثناء وأراد حزب العدالة والتنمية التأكيد على جذوره هو نفسه المُكللة بالنجاحات والإنجازات وإن غفل قليلًا في الفترة الأخيرة إلا أنه كان في مرحلة تحديث وتجديد وسينطلق في المرحلة القادمة بدفعة نجاحات أقوى وأكبر؛ حسب ما تورده الجمل التي احتوت عليها الأغنية الانتخابية".
وعلى صعيد متصل وفي نفس السياق يبين الباحث السياسي والتاريخي محمد متينار، في مقالة سياسية له بعنوان "تجددنا، زدنا قوة، هيا بسم الله" نُشرت في موقع هلال خبر التركي بتاريخ 21 أيلول/ سبتمبر 2015، بأن "حزب العدالة والتنمية من خلال هذا الشعار وهذه الأغنية أراد استنهاض الروح العثمانية الحاضنة لجميع القوميات والقائمة لها، هنا أراد حزب العدالة استهداف الحس التاريخي للمواطنين الأكراد ليؤكد لهم بأن كما أن الدول العثمانية احتضن جميع القوميات والأطياف والشرائح فإن حزب العدالة والتنمية قادر على احتضانها أيضًا".
ويشير متينار إلى أن "ما يسهل وصول رسالة حزب العدالة والتنمية هذه إلى المواطنين الأكراد الذين انعزلوا عنه في الانتخابات الأخيرة هو احتضانه للعديد منهم وقيامه بإعطائهم العديد من الحقوق الديمقراطية التي شعروا بأنهم على شفا حفرة من إضاعتها بعد حالة الغموض وعدم الاستقرار التي طفت على السطح بعد عدم تمكن حزب العدالة والتنمية من الفوز بنسبة أصوات تجعله قادر على تأسيس حكومة بمفرده".
ويرى إعلاميّون مطّلعون على الشأن التركي أن حزب العدالة والتنمية غفل عن الحملة الانتخابية القوية في الانتخابات السابقة وظن بأنه لا حاجة له منها بعد اليوم ولكن بعدما أخذ درسه من نتائج الانتخابات بدأ يعمل وبكل جدارة من أجل إنتاج حملة انتخابية قوية كما كان في السابق وفي جميع الانتخابات التي دخلها.
ويرى الإعلاميون أن الحملة الانتخابية لحزب العدالة والتنمية ستكون بمثابة حرب مع الأحزاب الأخرى وخاصة حزب الشعوب الديمقراطي الذي استعمل الحس القومي لجذب أصوات المواطنين الأكراد لصالحه ولكن حزب العدالة والتنمية في حملته الجديدة حاول استعمال الحس التاريخي والوطني والمقارني، أي المقارنة بين عهده وعهد عدم الاستقرار الحالي، ويبدو أن حزب العدالة والتنمية سيتمكن من جعل الناخبين الذي صدّوا عنه في الانتخابات السابقة يتّعظون ويعودون إلى حضنه القائم على الأخُوّة والإنجاز والنجاح المشترك.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!