سامي كوهين - صحيفة ميليت - ترجمة وتحرير ترك برس

لم تتحدد بعد مسارات الأزمة بين تركيا وروسيا إثر التطورات الأخيرة وسقوط الطائرة الروسية على الحدود السورية التركية. وعلى الرغم من كون هذه الضربات غير مرغوب فيها إلا أننا كنا نتخوف من حصولها، فبسبب التجاوزات المستمرة للحملة الجوية التي تقوم بها روسيا في سوريا على طول الفترة الماضية كنا نتخوف من حصول مثل هذا، وقبل أيام قليلة قامت وزارة الخارجية بإيصال تحذيرات أنقرة عبر السفارة الروسية إلى الكرملين. لقد كانت حادث البارحة نتيجة مباشرة لاستهتار القيادة العسكرية الروسية بالتحذيرات التركية، وكان قائد الأركان التركي قد أوضح بان إسقاط الطائرة الروسية جاء بعد أن اخترق الأخير الأجواء التركية 10 مرات في 5 دقائق.

في البعد العسكري نرى أن الحادثة ستضع تركيا في مقابل روسيا. وكانت تركيا قد أوضحت بأن ما حصل كان حسب قواعد الاشتباك وأنها قامت بتحذير الطيار ونشرت صور الاختراقات التي قامت بها الطائرة الروسية. بينما ترى موسكو أن طائرتها لم تخرج عن مجال الطيران السوري وأن إسقاط الطائرة تم فوق الأراضي الروسية. ويظهر البعد العسكري هنا وكأنه جدال يدور بين الطرفين لمن معه الحق، ففي المرات السابقة كانت موسكو تحمّل مسؤولية اختراق الأجواء على الطيار وتقول إنه خطئ شخصي، بينما نراها الآن وهي تتخذ موقفًا أكثر صلابة ونديّة.

في البعد الاستراتيجي للأزمة نرى أن العلاقة التركية الروسية مهددة بالانهيار، كما وقد يمتد الأمر إلى توترات في العلاقة بين روسيا والناتو. لا تريد كل من تركيا وأوروبا أن تنحدر الأزمة إلى هذا المستوى، فالدبلوماسية التركية تسعى لتدعم أحقيتها من الناتو والأمم المتحدة. في المقابل ستظهر لنا الأيام المقبلة إلى أي مدى استوعب بوتين هذه الضربة وكيف ستكون ردود أفعاله الداخلية والخارجية، فهذه الأزمة متعلقة بشكل وثيق بالاستراتيجية الروسية على المستوى الإقليمي والعالمي.  

أما في البعد السياسي فإن أهمية العلاقة الثنائية التي تجمع تركيا وروسيا في المستوى السياسي والاقتصادي قد تدفع إلى تجاوز سوء التفاهم الحاصل حاليا كما كانت المرات السابقة، ورغم كل الاختلافات بينهم فيما يتعلق بالقضية السورية إلا أن صداقتهما والتعاون بينهما كان مستمرا. فهل تُغيّر أزمة الطائرة هذا الحال؟ فالبارحة وفي تصعيد للازمة أوضح بوتين أن هذه الحادثة ستُضر بالعلاقة بين البلدين.

 

عن الكاتب

سامي كوهين

كاتب في صحيفة ملييت


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس