نوح ألبيرق – صحيفة ستار - ترجمة وتحرير ترك برس
حزب العمال الكردستاني والمؤيدين له والسائرين على ذات دربه حاولوا دائما التهرب وبعناية فائقة من لفظ "دولة منفصلة"، فهم لا يرغبون بالتحدث عن هذه "المرحلة" المهمة قبل وصولهم إلى النضج المطلوب وبذلك يتفادون تضييع الفرص بالكلام دون تحقيق الهدف خصوصا أنهم على علم ودراية بردة الفعل التركية على أي فكرة تقضي "بدولة مستقلة للاكراد في الجنوب الغربي"، حسنا إذا ما الذي حصل حتى نرى من دميرطاش جرأة براقة تعمي العيون بحديثه عن "دولة"؟
لكي نحصل على الإجابة الصحيحة لهذا السؤال يجب أن نعود للعاشر من آب/ أغسطس والسابع من حزيران/ يونيو لنقارن بين (بورتريه) صورة "دميرطاش" في ذلك الوقت مع صورة "دميرطاش" الحالية. وأن نقارن بين بيان حزب الشعوب الديموقراطي في ذلك الوقت وبين ورقة نتائج "مؤتمر المجتمع الديمقراطي" الذي انعقد قبل ثلاثة أيام في ديار بكر. (في هذا الموضوع يمكنكم أن تجدوا مقارنة موسعة في الصفحة السابعة عشر).
"وي كأنهم مروا من تحت قوس قزح فتغيروا بشكل كامل"
على طريقة حسابات "التاجر الخاسر" يقوم دميرطاش باستهلاك كل شيء في طريقه وبسرعة فائقة ليجد نفسه "كالغريق المتعلقة بقشة" في بحر من الظلمات يقوده إلى المجهول. وهو الآن يحاول أن "يستخدم الرصاصة الأخيرة" بعد أن نفدت منه كل الوسائل.
"الحكم الذاتي، والاستقلال، والمقاطعة، والدولة كردية"
كل من هذه المصطلحات تمثل في تركيا اليوم وسيلة "هاراكيري" (ثقافة انتحار يابانية تقوم على طعن الذات بسكين خاص)، قد يقدم دميرطاش على ترديد هذه العبارات ليكون ضحية أو الأصح ليلعب دور الضحية لكنه لا يعلم أن سفسطة دور الضحية أصبحت مستهلكة وبلا فائدة ترجى.
دميرطاش قال "دولة" لكن أحدا لم يسمعه...
في الحقيقة، الأمر الذي أردت جذب الانتباه إليه مختلف عما كتبت في الأعلى، الأمور والأفكار التي لم نملك الجرأة على التفكير بها حتى أمس هذا اليوم جاء دميرطاش ليعبر عنها بجرأة ويحصيها على مسامعنا واحدة تلو الأخرى. ففي الماضي لو أن واحدة من هذه الكلمات خرجت من الأفواه بالخطأ أو تم طرحها ولو بطريقه مهذبه كانت "ستقوم الأرض ولن تقعد" أما هذه المرة لم تحدث تاثيرا وكأنها "صوت بعوضة".
لماذا؟
يبدو أن الرأي العام لمجتمعنا اعتاد على الفكرة أو أصبح متقبلا لها.
الحقيقة لا أظن ذلك البتة...
أرى أن طرح دميرطاش لمفهوم الدولة الكردية كان رخيصًا جدا، حتى أن أحدا لم يأخذه على محمل الجد. فحتى لو أن بوتين والدولة الموازية وغيرهم من أعداء الدولة يقومون بتعبئة دميرطاش والحشد له فهذا ليس بكاف لإنشاء دولة ، فالدول لا تقوم على كلام في الهواء. رأس مال الدولة الحقيقي هو الشعب.
إذا هذا "السيد الخاسر" مع من يخطط لإقامة الدولة؟
في الفترة التي كان لا يزال يحتفظ فيها بماء وجهه قال: "سنسير بمئات الألوف إلى مدينة جيزرة"، وبعد خروجه بفترة نظر وراءه كما في الإعلانات التلفزيونية ليجد نفسه وحيدا، فعاد أدراجه يجر أذيال الخيبة.
هل يتوقع من الأكراد الذين حُولت مدنهم من كثرة الخنادق إلى "بيوت الخلند" أو من أولئك الذين اضطروا أن يتركوا مدنهم وقراهم أن يسيروا خلفه؟ أم يتوقع ذلك ممن حرق مساجدهم؟
ألم يسمع دميرطاش ورفاقه كلمات العم فوزي ابن مدينة سلوان عندما صرخ قائلا: "أمي كردية وأبي كردي وسلالتي أكراد، خافوا من الله! أليس لديكم إيمان أو دين نستحلفكم به؟ هناك دولة واحدة وإني أتساءل من أجل ماذا تقاتلون؟".
لننظر إلى المسألة من زاوية أين تقع "كردستان الكبرى"
مؤتمرون سايكس – بيكو عام 1916 م قاموا بتقسيم جغرافية الأكراد إلى أربعة مناطق منفصلة تم ضمها لأربع دولة مختلفة ليقوموا بذلك بدس فتيل الديناميت في المنطقة. ومن خلال همسهم المستمر في أذن الأكراد عن "كردستان الكبرى" لم يسمحوا بانطفاء شعلة هذا الفتيل.
فهل هذا الخط الوهمي الذي قسم الأكراد لمدة تربو إلى المائة عام سمح لهم بالامتزاج الكافي ليبقوا وحدة واحدة؟
هل برأيكم أكراد العراق بتنوعهم الاجتماعي على استعداد مثلا لتقبل أكراد سوريا بينهم؟
هل يظن دميرطاش الذي طرح مسألة "الدولة" أن أكراد جنوب غربي تركيا سيتبعونه لو قال لهم هيا أجمعوا أشلاءكم وممتلكاتكم سنرحل إلى كردستان؟
تخيلوا معي لو أن الأكراد في الجنوب سيحتاجون إلى فيزا من أجل الذهاب إلى إسطنبول!
أرجو من الله أن يحمي إخوتنا الأكراد من شر هذا الرجل المفلس الخاسر.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!
مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس