نوح ألبيرق – صحيفة ستار – ترجمة وتحرير ترك برس
إن العداوة التي يظهرها الغرب ضد الرئيس أردوغان عبارة عن ردة فعل تجاه السياسة الخارجية التركية التي اكتسبت ميولاً قوميةً خلال السنوات الأخيرة، لأن تركيا هي الدولة الوحيدة التي عجز الغرب عن إدراتها وإخضاعها للسيطرة في هذه المنطقة.
هكذا تجري الأمور منذ البداية، تتعرض الحكومة التركية لمحاولة انقلاب في كل مرة تحاول فيها الخروج عن سيطرة أمريكا، على سبيل المثال إن السبب الوحيد لمقتل الرئيس التركي الراحل "عدنان مندرس" من خلال انقلاب مدبّر من قبل حزب الشعب الجمهوري والجيش التركي هو اتباع مندرس لسياسة خارجية متوازنة أمام تأمّر أمريكا وسعيها لفرض هيمنتها الإمبريالية على دول المنطقة، وبذلك جاء الرد على العملية العسكرية التي نفذتها تركيا في قبرص من قبل عملاء أمريكا في الداخل التركي، وكذلك كان انقلاب 28 شباط/فبراير بمثابة رد على محاولة عودة الشعب التركي لحريته واستقلاليته.
إن الغاية الرئيسة من دعم أمريكا لتنظيم الكيان الموازي ورعايته لسنوات طويلة هو تكرار ما فعلته في مصر والسعودية والإرمارات العربية، أي حصار تركيا من الداخل وتحويلها إلى دمية في يد التحالف الأمريكي-الإسرائيلي، في حين كانت محاولة انقلاب 15 تموز/يوليو بمثابة الضربة القاضية الموجهة للحكومة التركية عقب فشل العمليات التي حاول التنظيم الموازي تنفيذها بين 17-25 كانون الأول/ديسمبر، لكن الآن ستكون انتخابات 24 حزيران/يونيو نهايةً لهذه المحاولات.
بدأ الصراع ضد الإمبريالية الأمريكية من أجل الاستقلال الحقيقي في سنة 2003، وبذلك دخلت تركيا في مرحلة جديدة بإدراك وإرادة أكبر من السابق، وكانت عبارة "دقيقية واحدة" التي استخدمها الرئيس أردوغان خلال اجتماع دافوس بمثابة إعلان عن إرادة تركيا في خوض هذا الصراع.
بطبيعة الحال لم تتوقّف جبهة الشر عند تلك النقطة، ولم ينته الخطر الذي يهدد تركيا، كما أن التطورات الأخيرة التي وقعت في فلسطين أثبتت للعالم أن تركيا هي الدولة الوحيدة التي تخوض هذا الصراع باسم العالم الإسلامي، لذلك إن انتخابات 24 حزيران/يونيو ليست مجرّد انتخابات روتينية، إنما هي النقطة الأخيرة لصراع دام منذ 70 عاماً.
حاول التحالف الصليبي الوقوف في وجه تقدّم تركيا من خلال اللجوء لجميع الأساليب بالتعاون مع معارضي الرئيس أردوغان، في حين أن زعيم حزب الشعب الجمهوري "كليجدار أوغلو" قد لجأ للتحالف مع القوى الخارجية من أجل هزيمة أردوغان، وذلك بسبب فشله في التغلّب على أردوغان من خلال الأساليب السياسية المشروعة، لذلك ستكون الانتخابات المقبلة بمثابة اختبار لمدى صدق معارضي أردوغان تجاه دولتهم.
في الأحوال الطبيعية يتم دعم الحكومة وإدراتها خلال جميع المسائل التي تتعلّق بمصالح ومستقبل البلاد، لكن مع الأسف لم يتمكّن أي أحد سوى زعيم حزب الحركة القومية "دولت بهاتشيلي" من تخطّي هذا الاختبار.
إنّ المبادرات الصادرة عن تنظيم الكيان الموازي وداعش وبي كي كي وحزب الاتحاد الديمقراطي في الداخل والخارج التركي لم تكن ضد أردوغان فقط، بل كانت ضد تركيا بأكملها، لكن لم تتمكّن المعارضة من إدراك هذه الحقيقة بسبب تركيزها على مسألة معارضة أردوغان، ولم تدرك أن هذه العمليات الإرهابية ستؤدي إلى حصار المعارضين أيضاً، ولذلك قامت بدعم القوى التي تسعى إلى احتلال تركيا بجميع إمكانيتها، وإنّ الوقوف في صفوف الأعداء ضد الحكومة تُعتبر خيانةً كبيرة مثل الوقوف في صفوف الإنجليز خلال حرب "جناق قلعة".
إن الفئة التي دعمت أمريكا خلال عملية غصن الزيتون التي نفذتها القوات التركية في عفرين لم تبد أي ردة فعل تجاه المجازر التي ارتكبها الاتفاق الصهيوني-الصليبي في القدس، لأنهم يدركون أن العمليات التي تنفذها أمريكا في المنطقة هي جزء من التحالف الأمريكي-الإسرائيلي، ولذلك إن دعم أمريكا خلال عملياتها ضد تركيا وأردوغان، ثم إدانتها بسبب ما تفعله في القدس سيكون نفاقاً سياسياً.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!
مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس