ترك برس

كان ينتظر رئيس الوزراء التركي "أحمد دواد أوغلو" برنامج مكثف ومتراكم عقب توليه رئاسة الحكومة التركية، فمنذ اليوم الأول لتوليه الحكومة وحتى الآن وبرنامج أعماله الداخلي والخارجي مليء بالعديد من الإجراءات المستعجلة التي يجب إنهاؤها بأسرع وقت ممكن بعد تعطيل حدوثها لمدة طويلة تخطت الست شهور عقب انتخابات 7 حزيران/ يونيو التي أشارت إلى ضرورة توافق الأحزاب السياسية لتأسيس حكومة توافقية.

وعلى غير عادتها كانت زيارة أذربيجان الاعتيادية التي يقوم بها رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء في تركيا، عقب توليهم مناصبهم بشكل رسمي للتعبير عن حجم العلاقة الوطيد بين الطرفين، غير بروتوكولية كما هو الحال الذي تعود عليه قادة البلدين، بل كانت زيارة عمل مُكثفة وملحقة بالعديد من المباحثات التي طالت عدد كبير من القضايا المشتركة بين الطرفين على رأسها تسريع تمديد خط نقل الغاز التابع لمشروع "تاناب" الذي يهدف إلى نقل الغاز الأذري إلى أوروبا عبر تركيا، إلى عام 2018.

وعقبت زيارة داود أوغلو لأذربيجان زيارته للاتحاد الأوروبي وإجراء العديد من المشاورات ومن ثم بلغاريا فصربيا التي انتقل إليها بتاريخ 27 كانون الأول/ ديسمبر 2015، ولكن تم  إلغاء بعض إجراءات برنامج الزيارة، بسبب حالة الجو غير المستقرة في صربيا، وعاد داود أوغلو بتاريخ 29 ديسمبر إلى تركيا.

وعلى الرغم من عدم حصول زيارة داود أوغلو لصربيا تغطية إعلامية كبيرة إلا أنها تحمل في طياتها العديد من النقاط المهمة التي تشكل الهيكلية المحورية العامة لتركيا التي تمر بأزمة "حادة" مع روسيا عشية إسقاط الطائرة الروسية المُخترقة للأجواء التركية.

ووفقا ً لتحليل الباحث السياسي "أوزجان تيكيت"، فإن أهمية الزيارة تتمحور في تسطير النقاط الأساسية للسياسة الواقعية التي أصبحت تنتهجها الحكومة التركية بكل وضوح عقب أزمة إسقاط الطائرة مع روسيا، فبعد إعلان تركيا عن محادثاتها الجارية مع "إسرائيل" من أجل التوصل إلى حل يُعيد العلاقات المشتركة بين الطرفين إلى سابق عهدها، أعقبتها بزيارة القيادة التركية إلى صربيا التي يُعرف عنها تقاطع منهجها السياسي والدبلوماسي مع روسيا.

ويضيف تيكيت، في مقاله "أسرار زيارة الصرب"، بالقول "روسيا أعلنت مقاطعة تركيا اقتصاديًا ودبلوماسيًا وعسكريًا، وهذا ما اضطر تركيا إلى اتباع السياسة الواقعية البراغماتية التي تنص على اقامة علاقات مع جميع الدول بغض النظر عن المبادئ التي تمنع ذلك، فكان في خارطة السياسة البراغماتية لتركيا "إسرائيل وصربيا".

ويشير تيكيت إلى أن "أهمية زيارة تركيا لصربيا تتمثل في استباق تركيا لإقامة علاقات مع العنصر الأساسي الأقوى والمقرب لروسيا "صربيا"، حتى تقي نفسها من التمدد الروسي في البلقان، الذي تحاول روسيا جذب بلدانه إليها لإقامة حصار شامل على تركيا، فكانت الأخيرة سباقة لصدع التخطيط الروسي الهادف لذلك. ويُعتبر اختيار تركيا لصربيا كأول بوابة للعبور إلى البلقان اختيارًا موفقًا وغاية في الأهمية، وذلك لأن صربيا تُعد الدولة الأكثر اختلافًا في البلقان والأكثر تقربًا لروسيا، فأرادت تركيا البدء من خلالها وليس من خلال دول أخرى، لأنه في حال شرعت تركيا بزياراتها للبلقان من البوسنة والهرسك أو ألبانيا مثلًا، لانطلقت صربيا نحو الحضن الروسي، ظنًا منها أنها ستبقى وحيدة أمام التحالف التركي البلقاني، ولكن البدء من صربيا ثم الانطلاق نحو بلاد البلقان، أعطى الصرب بعض الثقة بالنفس للاتفاق مع تركيا في عدة مجالات للتخلص من التبعية للدول العظمى".

هذا وقد تم توقيع أربع اتفاقيات متنوعة بين تركيا وصربيا، وتشمل الاتفاقيات المُوقعة تكثيف التعاون التجاري والعلمي والطبي بين الطرفين.

ووفقًا لمؤسسة الاحصاء التركية، فإن حجم التبادل التجاري بين الطرفين "التركي والصربي" خلال عام 2015 وصل إلى  543 مليون دولار، ويُتوقع أن يرتفع حجم التبادل التجاري بين الطرفين إلى أكثر من ذلك، لا سيما بعد توقيع الاتفاقية التجارية الجديدة بين الطرفين، والتي أكدت على رفع الضرائب الجمركية على التبادل التجاري القائم بين الطرفين.

ويُذكر أن رئيس الوزراء التركي "أحمد داود أوغلو" كان قد أكد، في المؤتمر الصحفي الذي عقده بشكل مشترك مع رئيس الوزراء الصربي "ألكسندر فوسيتش"، أن المباحثات التي تمت بين الطرفين كانت جيدة وإيجابية وسيكون لها نتائج مثمرة على الطرفين".

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!