رداد السلامي - خاص ترك برس
تأثرت السياسة الخارجية الأمريكية حيال تركيا منذ عام 2002م بجملة من المتغيرات الداخلية والإقليمية والدولية التي كان لها الأثر الأكبر في صياغة توجهاتها بحسب مدى قوة تأثير كل متغير من هذه المتغيرات بها، والموقف المتبلور عنه، والناتج عن تفاعل معطياته وتأثيره في المصالح العليا للسياسة الخارجية الأمريكية وأهدافها.
تتعامل أمريكا بحذر وغموض وعدم ثبات وتقلب في المواقف مع قيادة تركيا الحالية كونها قيادة طموحة وناجحة وتنطلق من هويتها التاريخية الأصيلة التي حققت نهضتها مستفيد من جُملة عناصر قوتها الذاتية والموضوعية المختلفة، وتريد أمريكا بالشراكة مع روسيا أن تعمل على إضعاف تركيا ومنعها من التقدم نحو امتلاك قوتها الذاتية وتحقيق تفاعل إيجابي مع عمقها ومحيطها العربي والإسلامي.
وتسعى إلى تقوية الدور الإيراني مع روسيا لسبب يتعلق في أن روسيا وأمريكا غير راضيتين عن وجود دولة تركية قوية ومؤثرة، وغير راضيتين عن كون قيادة تركيا الحالية ذات توجهات نهضوية وإسلامية وهو ما أفصح عنه بوتين بعد إسقاط المقاتلة الروسية في أجواء تركيا حين قال إن قيادة تركيا الحالية تسعى إلى أسلمة الدولة التركية.
ولدت حالة التحالف والتضامن الإسلامي لدى روسيا وأمريكا مخاوف حقيقية، فهذه التحالفات الاستراتيجية وذات توجه الإسلامي دليل عودة حتمية واعية لممارسة دور القيادة العالمية للعالم الإسلامي.
يقول كسينجر: "ليس من شأننا .حل قضايا العالم بل من شأننا الإمساك بخيوط قضايا العالم وإدارة الأزمات وفق ما تتطلبه المصالح القومية...".
وهو ما يعني أن عليها أن تستخدم دول المنطقة استخداما يحقق فقط جملة مفهوم "الأمن القومي الأمريكي" ولم تعد قادرة على التدخل أكثر لحل ما تعتقد أنه يتوجب عليها حله بنفسها كما كانت تفعل من قبل، بشرط أن لا تخرج دول العالم ومنها منطقة الشرق الأوسط عن التبعية لها.
ويمكن القول إن أمريكا وروسيا تلعبان لعبة تبادل أدوار القوة في العالم، فمثلا في منطقتنا أفسحت أمريكا لروسيا أن تحل بدلا عنها كما يحدث في سوريا، وتسعى إلى إضعاف دول المنطقة القوية والذاهبة نحو القوة والتأثير كتركيا والسعودية وبقية دول العالم الإسلامي… ولأن إيران تعمل وفقا لسياسة الإضعاف لدول المنطقة بتبعية مزدوجة لكل من روسيا وأمريكا فإنها المفضلة الآن لدى أمريكا وروسيا في هذه المرحلة، ولذلك فهما يدعمان دورها الفوضوي المضعف لدول المنطقة المركزية...
إذ لا مشكلة لدى أمريكا في أن تهيمن روسيا، المشكلة بالنسبة لها أن يستعيد العالم الإسلامي قدرته على تنظيم ذاته وتوحيد جهوده وتحقيق قوته...
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!
مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس