ترك برس

لفتت نجمة السلاجقة التي ظهرت في قصر الشعب بالعاصمة السورية دمشق، الأنظار خلال استقبال الرئيس السوري أحمد الشرع لوفود عدة، فيما اعتبره كاتب تركي بأنها "رسالة سياسية" من الشرع لـ "مواجهة رمزية للهلال الشيعي الإيراني".

وفي مقال له حول الأمر، قال الكاتب التركي أرطغرل ترك أوغلو، إن "قاعة الاستقبال الرئيسية بقصر الشعب تزينت بنجمة السلاجقة".

وأضاف أن هذا الأمر أثار تعليقات متباينة واتهامات لها بالإعجاب بالثقافة التركية، مبينا أن "السؤال الذي يطرح نفسه هو: لماذا السلاجقة تحديداً وليس العباسيين أو الأيوبيين الذين حاربوا الصليبيين وحرروا القدس؟ ولماذا ليس المماليك أو العثمانيين الذين حكموا سوريا لمئات السنين؟".

وفيما يلي تتمة المقال:

فترة حكم السلاجقة في سوريا كانت قصيرة ولم تشهد انتصارات كبيرة. غير أن نجمة السلاجقة، ذات الثمانية أضلاع، ترمز إلى أبواب الجنة الثمانية وتمثل ثماني فضائل هي: الرحمة، الشفقة، الصبر، حفظ السر، الكرم، الوفاء، الشكر، والاستقامة. في آسيا الوسطى تُعرف هذه النجمة باسم "نجمة تركستان"، بينما في الأناضول تُعرف باسم "نجمة السلاجقة". وقد تبنى السلاجقة هذا الرمز من آسيا الوسطى ونشروه في جميع أنحاء الشرق الأوسط، ليصبح رمزاً تركياً مميزاً.

من جهة أخرى، يُعبر الشكل الثماني أيضاً عن النصر، حيث يجمع بين الاتجاهات الأربعة الأساسية والأربعة الفرعية، مما يوحي بالانتصار في كل اتجاه. اليوم، أصبحت هذه النجمة من أهم رموز العالم التركي، وتظهر في شعارات عدة دول مثل تركمانستان وأذربيجان ومنظمات تركية كمنظمة الدول التركية ومديرية الأمن العام التركية.

لماذا اختار الشرع هذه النجمة؟

يكمن السبب في الرسائل السياسية التي أرادت إيصالها. تزامن ظهور السلاجقة والفاطميين في التاريخ الإسلامي مع ضعف الدولة العباسية، مما أدى إلى نشوء دول سنية تركية ودول شيعية عديدة. في الوقت الذي كانت فيه الدولة الفاطمية تسعى لفرض المذهب الشيعي بالقوة وتوسيع نفوذها، تبنى السلاجقة المذهب السني الحنفي وعملوا على مكافحة التشيع السياسي.

في هذا السياق، لعبت المدارس النظامية، التي أسسها الوزير نظام الملك، دوراً حاسماً في مواجهة الفكر الفاطمي. كان الهدف الأساسي للسلاجقة هو القضاء على الخلافة الفاطمية في مصر، ولكن تهديد البيزنطيين من الشمال اضطر ألب أرسلان إلى تحويل اهتمامه نحو الأناضول، مما أدى إلى إضعاف الجبهة الجنوبية مؤقتاً.

الرسالة وراء اختيار النجمة

باختيار نجمة السلاجقة، يرسل الشرع رسالة واضحة بأنها تعتزم التصدي للتشيع السياسي الذي تقوده إيران حالياً، تماماً كما فعل السلاجقة قبل ألف عام في مواجهة الفاطميين. الرسالة ليست مجرد تعبير عن إعجاب بالثقافة التركية، بل إشارة إلى مواجهة "الهلال الشيعي" الذي تمثله إيران، والذي تعتبره دول عديدة - بما فيها بعض الدول العربية وأوروبا وأمريكا وإسرائيل وتركيا وأذربيجان - تهديداً لأمنها واستقرارها.

في ظل الوضع الراهن، حيث يحمل الشعب السوري مشاعر استياء عميقة تجاه إيران باعتبارها الداعم الرئيسي للنظام السوري، تأتي هذه الرسالة السياسية من الشرع كتحذير واضح بأنها ستواصل الكفاح ضد النفوذ الإيراني في سوريا.

جدير بالذكر أنه ومنذ اندلاع الثورة السورية عام 2011، لعبت إيران دورًا حاسمًا في دعم نظام بشار الأسد، الذي واجه انتفاضة شعبية واسعة تحولت إلى نزاع دموي مع تصاعد العنف والقمع. ورأت طهران في سقوط الأسد تهديدًا مباشرًا لنفوذها الإقليمي، مما دفعها إلى التدخل بشكل غير مسبوق لدعم النظام سياسيًا وعسكريًا واقتصاديًا.

وعملت إيران على تغيير التركيبة السكانية في بعض المناطق ذات الأغلبية السنية، حيث جلبت عائلات شيعية من إيران والعراق ولبنان وأسكنت بعضها في منازل المهجرين قسرًا، بهدف تعزيز النفوذ الطائفي وتغيير الهوية الثقافية والديمغرافية لسوريا.

كما أسهم الدعم الإيراني في تعزيز قبضة النظام على السلطة، لكنه عمّق الانقسام الطائفي وزاد من معاناة الشعب السوري، الذي دفع ثمنًا باهظًا من الأرواح والتهجير والفقر. ومع تصاعد الضغوط الدولية، تحاول إيران اليوم تثبيت نفوذها في سوريا عبر بناء قواعد عسكرية دائمة وتحويل البلاد إلى نقطة انطلاق استراتيجية لمشاريعها الإقليمية.

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!