ولاء خضير - خاص ترك برس
"أصبح من الواضح، أن هناك مؤامرة كبرى على تركيا، لتدمير تجربتها الناجحة، كأول دولة إسلامية، تأكل ما تزرع، بل وتُصدر للدنيا خيراتها، وتلبس ما تصنع، وتلبس الآخرين، وعلى رأسهم الأوروبيون، وتصنع سلاحها، لتدافع به عن نفسها، وعن أمتها".
"يريدون جرها لحرب تُدمر نجاحها، وتُخرب اقتصادها، ووحدة أرضها، والمشتركون فى هذه المؤامرة، هم إسرائيل و الأمريكان والأوروبيون والروس والإيرانيون، والعملاء، من كل الطوائف والأقليات فى سوريا والعراق، والدولة العميقة فى تركيا! فهل يساند العرب والمسلمون تركيا، حتى تنجو الأمة كلها… لأن المعركة على مصير الأمة، أم ينتظرون دورّهم !"، هي كلمات كتبها الإعلامي في قناة الجزيرة أحمد منصور، عقب التفجير الذي استهدف قافلة عسكرية في العاصمة التركية أنقرة، وتوجيه الاتهام بهذا التفجير إلى، الى حزب الاتحاد الديمقراطي-الذراع السوري لحزب العمال الكردستاني.
قدّم منصور رؤية سياسية عميقة لما يجري في تركيا، على كافة الأصعدة السياسية والإقتصادية، واختصر حديثًا مطولًا، يدور في خُلد كل عربي وطني شريف، وكشف أن حزب العدالة والتنمية، والذي نجح في إظهار "وجه الإسلام المشرق"، ونفذ استراتيجيات أدت إلى نمو اقتصادي قوي، فضلًا عن سياسة خارجية أقوى، تجمع بين الليبرالية الاقتصادية، والأفكار الإسلامية المحافظة، بات هدفًا لمؤامرة دولية.
هو ذات الذي قاله الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، في أعقاب انفجار سيارة مفخخة في العاصمة أنقرة، بأن حرب أنقرة على "البيادق"، الذين يشنون هجمات، والقوى التي تقف وراءهم، ستستمر بتصميم يتزايد.
حينها أبدى أردوغان استغرابه من الموقف الأمريكي، الداعم لحزب الاتحاد الديمقراطي، قائلًا: لا أستطيع أن أتفهم الموقف الأمريكي، الذي لم يتمكن من وصف حزب الاتحاد الديمقراطيين، ووحدات الحماية الشعبية بـ"الإرهاب"، وتستمر بدعمها لهما، أليست تركيا عضوا في حلف الشمال الأطلسي؟.
وفي كافة المواقف، والقراءات الغربية، لنتائج الانتخابات التركية، والتي جرت يوم 1 تشرين الثاني/ نوفمبر العام المنصرم، والتي تقدم بها حزب العدالة والتنمية، وحصل على 49.4 في المئة، تجد تفسيرا واضحا في تخوف الغرب وأعوانهم، مما بات يشتهر إعلاميا بظاهرة "السلطان أردوغان".
وكادت المواقف الغربيّة، وعلى رأسها الموقف الأمريكي، تتلخص في شعار واحد، وهو الترحيب بالانتخابات، مع عدم الرضا على نتائجها!، فباستثناء المانيا، التي رحبت بنتيجة الانتخابات البرلمانية التركية، والظاهر للعيان أن ألمانيا هي المستفيدة الأكبر، فيما يتعلق بموضوع تدفق اللاجئين، وإدراكها جيدًا أن توزيع الحمل الكبير منها استوعبته تركيا، وتخشى انتقال الحمل إليها.
وبالنظر إلى بداية تأسيس حزب العدالة والتنمية، أعلن أردوغان أنه حزب تركي ديمقراطي، ومبتعدا به قليلًا عن القوالب التي اتسمت بها كل أحزاب أربكان الإسلامية السابقة، والتي كان مصيرها جميعًا الحلّ، وقال أن الإلتزام الإسلامي لحزبه، لا يعني مخالفة التقاليد العلمانية للدولة التركية، كما أعلن أن تركيا تطمح بأن تنضم للاتحاد الأوروبي، كدولة كاملة العضوية، وأكد أن هذا الهدف ستحققه تركيا بالمستقبل القريب.
غير أن كل رؤياه السياسية والإقتصادية والعسكرية الواضحة، لم تكن شفيعة له، ولا لتركيا، والتي بات يُنظر إليها، على أنها خطر يُهدد الغرب والأوروبيين، كقوة صاعدة على كافة الأصعدة، حيث انتقل الاقتصاد التركي، من المرتبة 26، إلى المرتبة 16 عالميًا، وتطمح تركيا بأن تصبح ضمن منظومة أقوى عشرة دول اقتصاديا في العالم، وفقا لرؤية تركيا الجديدة لعام 2023.
وكذلك تخوف الغرب بأن تركيا ستكون أكثر فعالية، وهو ما يرجّح أنّ تصبح تركيا قوة مركزية محورية حاسمة في المنطقة، خصوصا مع توسيع نطاق ديموقراطيتها، وتحديث قطاعها الاقتصادي والعسكري .
وبذلك كله، وبجانب الإنجازات الاقتصادية لحزب أردوغان، فقد قام بعدة انجازات سياسية، لعل أبرزها، حلّه لجزء من المشكلة الكردية، التي كانت تؤرق تركيا منذ عشرات السنين، رغم استمرار الصراع بين الحكومة التركية، وحزب العمال الكردستاني، الذي تصنفه تركيا كـ"منظمة ارهابية"، فضلًا عن إنجازاته السياسية التي حققها في مجال العلاقات الخارجية، خاصة فيما يتعلق بالدول الإسلامية، والعربية، والإفريقية، والأوروبية، وعدا عن ممارسته السياسية بإحترافية عالية.
نجحت تركيا في إثبات نفسها كقوة إقليمية واقتصادية صاعدة، غير أن الغرب وبعض الجهات الأخرى الداعمة له، ترفض هذه القوة، وتسعى إلى تدميرها بكافة الوسائل، وتعد التفجيرات التي يشهدها الداخل التركي أكثرها شراسة، وإن كانت تحت مسميات مختلفة.
وكما أثبت حزب العدالة والتنمية أن تركيا هي القوة القادمة، بمشروعها "أمة كبرى.. قوة عظمى"، وأنها صاحبة رؤية إسلامية، تقوم على العمل والأخذ بالأسباب والإنفتاح وعدم المعادة، وفي مدة وجيزة، نافست الدول الغربيّة "العظمى"، فقد زاد استهداف المتآمرين عليها سرًا وعلانية، وتبقى تركيا الحلف الاستراتيجي الأكبر في المنطقة.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!
مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس