سامي كوهين – صحيفة ملييت - ترجمة وتحرير ترك برس
عُرف الرئيس فلاديمير بوتين بأنه صاحب المفاجآت الكبيرة في الأوساط السياسية، ففي أيلول/ سبتمبر الماضي دخل بكل ثقله العسكري واقتحم الساحة السورية من أجل حماية الأسد بتثبيت أقدامه، ونجح بتدخله هذا في استرجاع كثير من المناطق التي خسرها الأسد، كما وأعاد التوازن بين المعارضة والأسد، ليبصم وبكل أصابعه على أنه صاحب كلمة يستطيع تمريرها بطائراته وأسلحته الحديثة الجرارة. ثم عاد من جديد بمفاجأة الانسحاب العسكري من سوريا كما أعلن مساء البراحة بأنه سيتم سحب القوات الروسية من سوريا تدريجيا بعدما أتمت هذه القوات مهمتها بنجاح، وأضاف في إعلانه هذا أن الانسحاب يأتي كخطوة استباقية لإنجاح المفاوضات في مؤتمر جنيف...
نرى في قراءتنا للتحركات الروسية حسن تدبير واختيار موفق في التوقيت، فهم وصلوا لأهدافهم العسكرية التي ستعطيهم أفضلية دبلوماسية مريحة عند جلوسهم على طاولة المفاوضات بعد إعلان وقف إطلاق النار. أما الجانب الآخر الذي أرادته إدارة بوتين من تدخلها وحملتها في سوريا هو محاولة منع تحول سوريا إلى أفغانستان جديدة بتدفق السلاح والمقاتلين ليها، ورغم أنها أعلنت الانسحاب إلا أن ذلك لا يعني خروج النفوذ العسكري الروسي من سوريا، وكما أوضح بوتين فإن التواجد العسكري سيستمر في سوريا بقاعدتي اللاذقية وطرطوس اللتين تضُمان كل أصناف الأسلحة من الصواريخ إلى الطائرات والسفن الحربية، كما يكمن تزويدهما بأي أسلحة أخرى قد تحتاجها روسيا في المستقبل من أجل خططها المحتملة.
استقبلت المعارضة المعتدلة في سوريا خبر الانسحاب الروسي بشكل إيجابي رغم تفاجئها به، ويأتي هذا الانسحاب في إطار محاولات روسيا الحثيثة من أجل حجز مقعد بين الكبار في مفاوضات جنيف، كما وتأتي في إطار التفكير في تقليل التكاليف المالية التي ترهق الاقتصاد الروسي المُحاصر والمضرب. أما حقيقة الانسحاب في النظرة التركية فهي ما زالت غير معروفة وتحتاج لوقت حتى تظهر معالمها الحقيقية. فهل سيستمر الحظر الجوي الروسي في مناطق شمال سوريا ضد الطيران التركي؟ وهل ستستمر روسيا في عداوتها للتركمان واعتبارهم إرهابيين؟ أم هل ستستمر موسكو في دعم حزب العمال الكردستاني وفرعه السوري حزب الاتحاد الديمقراطي؟ كل هذه الأسئلة وغيرها الكثير لن نعرف اجابتها إلا بعد مرور فترة من الزمن.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!
مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس